للحكومة الحالية، يرئاسة سعد الدين العثماني، كما سابقتها، برئاسة عبد الإله بن كيران، جرأة لا مثيل لها.
حكومتان، وفي ظرف وجيز، أجهزتا على كل المكتسبات، وأوقفتا كل مشروع يهدف إلى الرقي بالحريات، وسعتا إلى تكميم الأفواه، وضرب حرية التعبير، وتقويض الديمقراطية.
آخر ما جاءت به حكومة العثماني، قانون ولا كل القوانين، ومن الصعب تقبل بنوده، ولو في الدول الأكثر ديكتاتورية، إنها نكسة حقيقية، وتراجع مهول في مجال حرية التعبير والرأي.
إن مشروع القانون رقم22.20، المتعلق باستعمال شبكات التواصل الاجتماعي وشبكات البث المفتوح والشبكات المماثلة المتداول حاليا، ليس فقط مسا خطيرا بحرية الرأي والتعبير، وتراجعا واضحا على التراكمات والمكتسبات التي حققها المغرب، في مجال الحريات العامة وحقوق الإنسان، وإنما حكم مسبق على شباب اليوم والغد بوضع كمامة على أفواههم، ليس فقط في هذا الظرف الذي يمر منه المغرب بسبب جائحة فيروس كورونا (كوفيد 19) وإنما بسبب قانون يكبل ويقيد حرية التعبير.
إن القانون رقم 20.22، الذي حاولت الحكومة تهريبه، في سرية تامة، وتمريره، بعيدا عن استشارة كل الجهات المعنية، من المجلس الوطني للصحافة، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، والنقابة الوطنية للصحافة المغربية، هو بمثابة الحكم بالسجن على أبنائنا، مع وقف التنفيذ، لأن أي تدوينة، مهما كانت بساطتها، على موقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك، أو تغريذة على تويتر، وغيرهما، وأي فيديو على المباشر بالفيسبوك أو اليوتوب، أو حتى تقاسمها بحسن نية، ستكيفها حكومة الجائحة، ومن كان وراء صنع هذا القانون المشؤوم إلى جنحة أو جناية لجرجرتهم إلى المحاكم، وبعدها إلى السجن.
إن الحكومة، التي لم تكن برمجت دراسة ومناقشة والتصويت على مشروع القانون 22.20 كنقطة ضمن جدول أعمال مجلس الحكومة بتاريخ 19 مارس الماضي، مارست حالة التعتيم على هذا المشروع، وهو أمر، في حد ذاته، خرق سافر للحق في المعلومة كإحدى الحقوق الأساسية الذي يقرها الدستور، خاصة في مادته 27.
وهذا ما يؤكد سوء نية حكومة الجائحة، التي حاولت تمرير القانون، وبعد استعصاء تمريره، بسبب صراعات داخل الأغلبية الحكومية، وليس نتيجة مواقف ومبادئ، أحيل على لجنة تقنية، ستحيله بعد “التعديل” على لجنة وزارية، وبالتالي إحالته من طرف رئيس حكومة الجائحة على البرلمان، الذي لا مناص من أنه سيصفق بحرارة لـ”اجتهادات” مكممي الأفواه، وسيصبح القانون ساري المفعول، ونصبح مسخرة للعالم، والمنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان وحرية التعبير.