أكد المشاركون في أشغال الندوة الافتراضية، المنظمة يوم الأحد الماضي حول سبل إنجاح رفع الحجر صحيا واقتصاديا، على أن هذا الأخير لا يمكنه إلا أن يكون تدريجيا وجهويا كما هو معمول به في العالم بأسره، وبناء على الحالة الوبائية لكل جهة.
وشدد المشاركون في توصيات الندوة المنظمة من طرف الجمعية المغربية للعلوم الطبية والفدرالية الوطنية للصحة بشراكة مع وزارة الصحة، ومع مجموعة من المنظمات والهيئات في مجال الصحة والمقاولات والإعلام، على مسؤولية المواطنات والمواطنين في إنجاح هذه المرحلة والانتقال إلى أخرى، باحترام التدابير الحاجزية الوقائية، المتمثلة في التباعد الجسدي والحرص على تعقيم الأيدي وتنظيفها باستمرار ووضع الكم امات.
وأشاروا إلى أن المسؤولية في تحقيق هدف رفع الحجر الصحي هي فردية وجماعية على حد السواء، مبرزين أنه كلما كان الالتزام أكبر كلما أمكن الخروج من دائرة قيود الطوارئ الصحية نحو دائرة أخف ، كما وقع في دول متعددة، وأمكن بذلك عودة الأنشطة الاقتصادية والتجارية، وبالتالي فالتواجد في منطقة يحضر فيها الوباء اليوم، لا يعني بالضرورة المكوث فيها دوما، إذ كلما تم التعامل بجدية لمواجهة الجائحة ومنع انتشار عدوى الفيروس، كلما تم الانتصار عليه في زمن أقرب.
وشملت توصيات هذه الندوة، المنعقدة تحت شعار “كيف يمكن إنجاح رفع الحجر الصحي على المستوى الصحي والاقتصادي؟ دور الاعلام في رفع مستوى الوعي”، المزيد من الانفتاح على نساء ورجال الإعلام والمؤسسات الإعلامية وتطوير العلاقة مع الصحافة الوطنية بما يمك ن من تحقيق مزيد من التعاون لأجل ضمان مواكبة إعلام هادف جاد وبناء ومسؤول يساهم في تحسيس وتوعية المواطنين للنهوض بمسؤولية الجميع وبالوطن.
كما دعت التوصيات إلى فسح مجال أكبر للصناعة المحلية والاعتماد على الذات كمنظومة إنتاجية وصناعية، خاصة في صناعة الحياة، المرتبطة بالأدوية والتجهيزات الطبية والتكنولوجيات والتغذية وتبني خيار الرقمنة، وإلى إيلاء الاهتمام بفضاءات الشغل وتطوير التخصص الطبي فيها بما يسمح بمواجهة الجائحات الوبائية المختلفة والتعامل مع حوادث الشغل المتعددة والأمراض المهنية حفاظا على سلامة المهنيين واستمرارية الإنتاج.
وشددت توصيات الندوة على ضرورة تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص في قطاع الصحة، بما يضمن تجويد المنظومة الصحية وتعبئتها لمواجهة كل التحديات والاستجابة للانتظارات الصحية لكافة المواطنين، وفتح حوار جاد مع المؤسسات الصحية الخاصة وكل الفاعلين في المجال، من أجل تفعيل وتعميم هذه الشراكة، حيث نادى جميع المتدخلين بقطاع الصحة، من أطباء اختصاصيين وعاملين، وأرباب مصحات، وصيادلة، وإحيائيين، وممثلي شركات الصناعة الدوائية والتوزيع والتصدير، بإنشاء مديرية خاصة بالقطاع الخاص بوزارة الصحة على غرار مديرية المستشفيات.
وشملت هذه التوصيات كذلك تمكين أطباء القطاع الخاص الذين يسهرون على التكفل الصحي بالمواطنين من التأمين عن المرض والتقاعد، خاصة وأنه خلال هذه الجائحة فارق الحياة مهنيون للصحة وهم يواجهون الفيروس ويتكفلون بالمرضى، والتأكيد على أن المساهمة الشهرية التي عرضوها هي جد مشجعة ويجب تبنيها وبأن هذا المطلب يعتبر ضروريا وملح ا لجميع مهنيي الصحة، ويجب التسريع بتنزيله في إطار حوار جاد ومسؤول مع الجهات المعنية بهذا النظام مع مراعاة الاكراهات التي يعيشها العاملون بالقطاع الخاص. ودعا المشاركون في توصياتهم إلى تحفيز القطاع الصيدلاني وتمكينه من مكتسبات لمواجهة التبعات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة التي ترخي بتبعاتها على 12 ألف صيدلاني و40 ألف مساعد على امتداد ربوع الوطن.
كما همت هذه التوصيات تشجيع السياحة الداخلية وتقديم منتوجات تتوافق مع القدرة الشرائية لعموم المواطنين للمساهمة في تجاوز القطاع لأزمته واسترداد عافيته.
من جهة أخرى، أكد المشاركون في هذه الندوة على أهمية الدعوة التي وجهها وزير الصحة للمواطنين والمواطنات من أجل إيلاء أهمية كبيرة لوضعهم الصحي ومتابعة علاجاتهم، في المستشفيات العمومية وبالقطاع الخاص، خاصة الذين يعانون من أمراض مزمنة، وتفادي أي تأخير في هذا الصدد حتى لايكونوا عرضة لتبعات ومضاعفات صحية وخيمة. كما عبروا عن رغبتهم في أن تعتمد وزارة الصحة نفس المقاربة التي نهجتها مع أطباء الأطفال بالقطاع الخاص والتي مكنت من رفع معدل تغطية التلقيح وطنيا من 63 إلى 93 في المائة، والعمل على إعداد كبسولات وبرمجة حملات تحسيسية وتوعوية في هذا الصدد.
ونوهوا كذلك بالمجهودات التي بذلتها كليات الطب والصيدلة وكليتي طب الأسنان ببلادنا بتبني التعليم عن بعد كحل أساسي وجوهري، وذلك بفضل الانخراط الإيجابي لكل من أطرها التدريسية والإدارية، وبالعمل الجبار الذي تقوم به استعدادا لاستقبال الطلبة في منتصف شهر يوليوز المقبل لاجتياز الامتحانات السداسية حضوريا في ظروف سليمة وآمنة، والإشادة بمساهمة طلبة هذه الكليات في التصدي للجائحة وتعزيز المنظومة الصحية بشكل تلقائي وتوعوي.
وأكد المشاركون على أهمية التدابير الاستباقية التي اتخذتها بلادنا في مواجهة الجائحة الوبائية لفيروس كوفيد-19، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي مكنت من تجاوز سيناريوهات قاتمة، وحققت الأهداف المسطرة، من حيث تفادي أعداد كبيرة من الوفيات والإصابات، وعدم إثقال كاهل مصالح الإنعاش والعناية المركزة، وهو ما تحقق بفضل التعبئة الجماعية لكل المتدخلين.