وهبي يوجه نداء لمناضلات ومناضلي “البام” في ذكرى تأسيسه

وجه عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة نداء بمناسبة الذكرى 12 لتأسيس الحزب إلى مناضلات ومناضلي البام.

وقال وهبي “تحل اليوم الذكرى ال 12 لتأسيس حزب الأصالة والمعاصرة، كمشروع سياسي مختلف، متميز، بل أجزم أنه مشروع فريد من نوعه بكل المعايير، سواء من حيث طينة النساء والرجال الذين زرعوا نواة الفكرة، أو من حيث المسار التأسيسي المتميز الذي انطلق بحوارات سياسية في إطار حركة لكل الديمقراطيين، وبحوارات ثقافية مفتوحة في وجه الجميع، أو حتى على مستوى المبادئ والأهداف التي رسمها المشروع، أو الأدبيات والمرجعيات التي انطلق منها، حيث خلاصات تقرير الخمسينية، ودروس تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة لبناء مشروع متكامل يستند على التشبث بالهوية المغربية الأصيلة، ويتطلع إلى الحداثة والديمقراطية الاجتماعية، والانفتاح على كل القيم الإنسانية النبيلة المشتركة التي تحقق الكرامة الإنسانية”.

وأضاف الأمين العام لحزب الجرار: “هكذا جاء التصور الديمقراطي لحزب الأصالة والمعاصرة كتركيبة فكرية وسياسية، تعبر عن لحظة جديدة في مسار تطور المجتمع المغربي، تركيبة نهلت مما كان يعتمد داخل قوى سياسية واجتماعية كانت تبحث عن شكل جديد للفعل، يتوافق مع وعي ديمقراطي، ويتنامى مع تفاعلات مختلف التجارب السياسية التي عرفها التاريخ السياسي المعاصر للمغرب”.

ووجه وهبي نداءه إلى متاضلات ومناضلي الحزب بقوله: “بالقدر الذي نفتخر فيه بالمسار التراكمي الذي قطعه حزبنا حتى سار اليوم حزبا وطنيا هاما ومتميزا داخل الساحة السياسية الوطنية، بالقدر نفسه نستشعر حجم جسامة مسؤولية الحفاظ على هذا التراكم، وعلى هذا الإرث الحزبي والفكري المتميز. فنحن نعي جيدا أن مسار بناء هذا الصرح السياسي العظيم لم يكن طريقه مفروشا بالورود، بل تم بتضحيات العديد من النساء والرجال، والإسهام بالكثير من الأفكار والرؤى، فهذا الإرث الهام مر بالكثير من المحطات والمطبات، لم تخل من صراعات داخلية حادة، ومن هجومات خارجية استباحت أحيانا كل المبادئ و الأخلاق و كذا القيم، لضرب نساء ورجالات حزبنا، والتشكيك في مبادئه وقيمه؛ ورغم ذلك تحملت مناضلاته ومناضلوه كل ذلك بصبر وتطلع نحو الأفق، وبثقة في المستقبل، لتحقيق الحصيلة المشرفة التي نعيشها اليوم، حيث أصبح حزبنا القوة السياسية الثانية في البلاد”.

وأشار وهبي: “تحل ذكرى تأسيس حزبنا لهذه السنة في سياق دولي ووطني صعب جدا، يتميز كما تعلمون بتفشي فيروس “كوفيد 19″ في العالم كله، والمغرب مع كامل الأسف لم يكن بمنأى عن هذه الجائحة، التي نعيش ذروتها هذه الأيام، سائلين الله عز وجل أن يحمي بلادنا من تداعياتها، وهي مناسبة لنجدد التحية والتقدير لكل المغاربة الواقفين في الصفوف الأمامية لمواجهة هذه الجائحة المدمرة”.

كما تطرق وهبي في خطابه إلى جائحة فيروس كورونا بقوله: “لقد أثرت هذه الجائحة على كل المجالات ببلادنا، وانعكست بشكل سلبي على الاقتصاد الوطني وعلى الأوضاع الاجتماعية والثقافية والتربوية وكل مناحي الحياة، مما بات يفرض على بلادنا بصفة عامة وعلينا كحزب وطني مسؤول بصفة خاصة، العديد من التحديات والإكراهات التي علينا أن نعي تداعياتها جيدا، و نعي معها دقة وصعوبة المرحلة التي تجتازها بلادنا حاليا، لذلك، نحن مدعوون إلى الانخراط بقوة في تعزيز جهود بلادنا التنموية والديمقراطية والاقتصادية والاجتماعية التي رسم معالمها الكبرى صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله في خطاب العرش الأخير، والعمل على تنزيل هذه الرؤية الحكيمة من مختلف مواقعنا؛ في الجماعات والجهات، وداخل المؤسسة التشريعية وغيرها من المواقع، وهذا لا يمنعنا من ممارسة دورنا كاملا كمعارضة مواطنة مسؤولة، تتحلى باليقظة أكثر في مراقبة ومحاسبة الحكومة على أي تقصير، وعلى استمرار ضياع المزيد من الفرص التنموية والإصلاحية”.

وأوضح وهبي: “لم يكن الوضع الداخلي لحزبنا في منأى عن الجائحة، فقد تأثر منهج عمله وأسلوب تواصله، وجعلتنا الجائحة (كما جعلت الدولة ومختلف دول العالم) نتعامل في تدبير شؤون الحزب بطرق استثنائية، فاستندنا على مضمون القانون الأساسي للحزب لاتخاذ قرارات تنظيمية قد تغضب البعض، لكن غايتنا ونيتنا هي عدم الوقوع في خطيئة التدبير الفردي لشؤون الحزب، وهدفنا هو إشراك أكبر عدد ممكن من الأخوات والإخوان من قادة الحزب في تدبير شؤونه، ومن ثم عدم تركه للجمود والسكون ولتأثيرات الجائحة، لذلك ضاعفنا الجهود وضحينا رفقة برلمانيات وبرلمانيي الحزب، منتخبات ومنتخبي الحزب، رفقة خيرة شابات وشباب الحزب، مناضلات ومناضلين في كل أنحاء البلاد، لتحريك ماكينة التنظيم بقوة أكثر، فالتجأنا إلى التعيين المؤقت للسادة الأمناء الجهويين والإقليميين، وتكليفهم بأمانة ثقيلة، وهي الإنصات لمختلف المناضلات والمناضلين، وإعادة الاعتبار لجميع المناضلات والمناضلين في أقصى الجبال وأقصى المداشر، وإشراك الجميع في بناء القرار الحزبي بشكل جماعي إقليميا وجهويا ثم وطنيا، لذلك حققنا نجاحات تنظيمية هامة في عز الجائحة، وتجاوزنا الكثير من حالات الجمود التنظيمي؛ غير أن ذلك لا يمنع من التأكيد على أن المرحلة المقبلة لا تزال صعبة ودقيقة، و تتطلب منا بكل صدق مضاعفة جهودنا أكثر، والتغاضي عن الأحقاد والضغينة فيما بيننا، وتعزيز وحدة الحزب أكثر، فالحزب محتاج لكل أبنائه نساء ورجالا، من مؤسسين ومناضلين ومنتخبين ومثقفين وشباب و تجار وحرفيين وغيرهم، فهذا التنوع مكمن قوة الحزب، حزب الجميع، حزب كل النخب المغربية وكل الطبقات الاجتماعية”.

وأكد وهبي الحاجة إلى التواصل أكثر، والتعاون أكثر، والسير بسرعة أكبر، لتحقيق تلك المبادئ والأهداف الكبرى النبيلة التي سطرت لحظة التأسيس، لأنها أهداف كونية شمولية، أخلاقية وراقية لن تحرف، ولن يزاغ عن تحقيق روحها، قد يختلف في أسلوب ووسائل العمل، بل حتى في وتيرة وسرعة الإنجاز، لكن لن يختلف حسبه أبدا حول الغايات والمقاصد والأهداف الكبرى للنساء والرجال المؤسسين.

وأشار الأمين العام للبام: “نحن مطالبون اليوم برفع وتيرة بناء الذات التنظيمية للحزب، وبدمقرطة القرار الحزبي وصناعته من القاعدة نحو القيادة، علينا أن نستمر جميعا في بناء حزب الجميع، حزب المساواة في خلق الفرص. الحزب الذي يعطي المكانة المتقدمة للنساء، حزب الاجتهاد والعمل والكفاءة كمحددات أساسية في توزيع المسؤوليات لا الولاءات الشخصية لهذا القيادي أو ذاك، حزب الشباب الطموح، حزب تجديد النخب والكفاءات، حزب الجهات، حزب المؤسسات لا الذوات والأشخاص، فالأشخاص مهما بلغت مكانتهم فهم راحلون بينما الحزب باق”.

وبخصوص علاقة الحزب مع باقي الأحزاب أوضح وهبي: “لقد اتسمت علاقاتنا في السابق مع باقي الأحزاب الوطنية بالكثير من التوتر والتشنج، وليس لنا أي عقدة في تشخيص طبيعة تلك العلاقات، وإعادة قراءة وقائعها، واستقراء التجربة بسلبياتها وإيجابياتها، وأخذ الخلاصات منها، بل نملك كامل الشجاعة في الاعتراف بأخطائنا (إن كانت هناك أخطاء)، وهذا خلق اجتماعي وسياسي من شيم الأقوياء، وسلوك حضاري وفضيلة لا يلتقط فلسفتها إلا الكبار، أما الأقزام ذوو النفوس الصغيرة، فسيظل الحقد والضغينة من سماتها. وفي هذا السياق خاض الحزب حربا كلامية طاحنة مع بعض الأطراف السياسية، التي استغلت حراك 20 فبراير بشكل مفضوح لترمي حزبنا بمختلف التهم، وتجعل من تسخير الشعارات والحملات المسعورة على نسائه ورجالاته مطية وبديلا عن مطالب العدالة الاجتماعية والديمقراطية التي رفعها شباب الحراك بصدقية وعفوية. كما أن أحزابا أخرى بنت علاقاتها معنا بنوع من الضبابية والاستغلال، تحتمي بقوة حزبنا ليلا، وتدعي خوفها منه نهارا، فكانت النتيجة التموقع المريح داخل مختلف الأغلبيات الحكومية”.

وأضاف وهبي: “أما آخرون، فقد دفعونا للصراع المفتعل الدائم مع قوى أخرى، وكأننا خلقنا للحرب بالوكالة، وغيرها من علاقات اللا توازن مع باقي الأطراف الحزبية، مما أثر بشكل كبير على صورتنا وسط الرأي العام الوطني، لذا شرعنا اليوم في تدقيق بعض المفاهيم وتصحيح بعض المغالطات في علاقاتنا مع جميع الأحزاب، وأعلنا للجميع أننا حزب وطني ديمقراطي مستقل يدافع عن القضايا العادلة ويناصر طموحات الشعب المغربي في العيش الكريم، حزب يسعى للاحترام المتبادل مع جميع الفرقاء السياسيين، والاختلاف الراقي معهم حول التصورات والبرامج بشكل واضح وعلني، لن نسمح بعد اليوم بإقحام الحزب برمته في الاختلافات الشخصية أو الصراعات الذاتية، فلسنا فوق الأحزاب ولسنا تحت باقي الأحزاب، نحن حزب سياسي محترم يقوم بدوره الدستوري والقانوني في تأطير المواطنين، فلسنا الدولة التي تحاكم الأحزاب، وتراقب مدى قانونيتها كما يتوهم البعض، ولسنا محاكم التفتيش في النوايا ومدى ارتباطها بالتنظيمات السرية والعلنية الداخلية والخارجية، نحن حزب لن نحل محل الدولة في توزيع الشرعيات القانونية على باقي الأحزاب، نحن حزب وطني له شرعيته القانونية والشعبية التي منحها له الدستور والمواطنات والمواطنون، حزب سيسعى لتعزيز هذه الشرعية خلال مختلف الاستحقاقات القادمة، وبكل الوسائل القانونية النزيهة والحرة والمشروعة، نحن حزب بمرجعية حداثية واضحة تحاور الجميع وتحترم الجميع، لنا علاقات احترام وحوار مع جميع الأحزاب، لا تحالف لدينا اليوم، لنا تنسيق واضح مع أحزاب المعارضة احتراما لمكانتنا وللشعب المغربي وللدستور”.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة