عن إلغاء دورة 2020 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش

حسمت مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، يوم الجمعة، في مآل الدورة ال 19 لأكبر تظاهرة فنية في المغرب وقررت إلغاءها في بيان مقتضب.

وجاء في البلاغ أنه “بسبب الأزمة الصحية المرتبطة بجائحة كوفيد 19، وتطوراتها المقلقة عبر العالم وحالة عدم اليقين الناجمة عنها، قررت مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش الغاء الدورة ال 19 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، التي كانت مقررة أصلا في نونبر 2020” .

في حقيقة الأمر لم يكن القرار مفاجأة لأحد، فالعالم يعيش منذ أشهر على وقع صدمة جائحة خلطت كل الأوراق، وبعثرت حسابات الجميع. وأمام الحديث عن موجة ثانية للفيروس يبدو طبيعيا اتخاذ قرار حاسم بهذا الشكل. أضف إلى ذلك أن الجائحة لها تبعات اقتصادية مدمرة ستجد دول المعمور صعوبة كبيرة في التعافي منها، والعودة الى توازنها الطبيعي.

لقد كان أمام المؤسسة نموذجان أساسيان : نموذج مهرجان كان الذي اختار الغاء دورة ماي 2020، ونموذج مهرجان البندقية الذي تشبث بالدورة 77 ما بين 2 و12 شتنبر الجاري. وأعتقد أن النموذج الأول أكثر رجاحة وسدادا .. لماذا؟

صحيح أن مهرجان البندقية حافظ على تاريخ انعقاده، ونقلت قنوات العالم هذا التحدي الايطالي للجائحة. لكن اذا استثنينا رمزية التشبث بتنظيم الحدث الفني، فإن ما ينقله التلفزيون يعكس صورة مهرجان فني شاحب وحزين، كان من الأفضل تأجيله لموعد لاحق على تنظيمه بشكل مشوه يدعو للشفقة : لجن تحكيم تأخذ صورها الجماعية مع الحفاظ على التباعد الاجتماعي، النجوم الذين كانوا ينشرون الحلم والغلامور تخفي نصف وجوههم كمامات بشعة، والقاعات السينمائية تقدم عروضها في صالات شبه فارغة، والسجاد الأحمر قاحل بلاجمهور.

ماذا تعني السينما بدون تقاسم؟ ما السينما بدون فرجة جماعية؟ ما المهرجان بدون نقاش حول الأفلام؟

المتشائمون سيقولون حتما إنها نهاية السينما، وبأن الفيروس اللعين دق آخر مسمار في نعش تفننت في صناعته منصات الستريمينغ مثل نيتفليكس وأمازون وديزني وآبل. لكن تاريخ السينما علمنا أن هذا الفن عصي، وبأنه قاوم رجات أقوى على مدى تاريخه الطويل من ظهور الأفلام الملونة الى ابتكار التلفزيون الذي قيل حينها أنه سيقتل السينما وينهيها بشكل قاطع.

من جهة أخرى، جميعنا يتذكر ظروف ميلاد المهرجان الدولي للفيلم بمراكش. وكيف صنعت الإرادة الملكية في 2001 هذا الحدث الثقافي المميز في مدينة مميزة، حيث تمكن المغرب بمفضل توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من جعل المغرب محطة عالمية بالرغم من الظروف الدولية الصعبة التي أعقبت هجمات 11 شـتنبر. لذلك سيعود المهرجان، لا محالة، في 2021 لأن فلسفته قائمة على قيم كبرى عنوانها العريض هو الامل والسلام والتعايش .. والتحدي .. تحدي كل الصعاب كالتي يواجهها اليوم، وواجهها بالأمس، وسيواجهها مستقبلا.

الى اللقاء في 2021 .

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة