تداعيات فيروس كورونا على التقاليد والعادات بالصحراء

لا يمكن لأي أحد أن ينكر الوضع “الاستثنائي”، وعلى جميع المستويات، اقتصاديا واجتماعيا ورياضيا وصحيا ونفسيا، وحتى ثقافيا، الذي فرضه تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19) على العالم أجمع سنة 2020، حتى وسهما بقانون أقل ما يمكن أن بقال عنه أنه قانون ” الحيطة والحذر” في كل شيئ.

ولم يسلم من تأثير هذا الوباء الفتاك، الذي أدخل الرعب والخوف الدائم في النفوس، أي مجتمع في الكون، فأدخل، قسرا، كثيرا من التغييرات، على السلوك والعادات الاجتماعية المتجذرة، التي لم يكن المجتمع الصحراوي بمعزل عنها، باضطراره “مرغما” على التكيف مع الوضع وممارسة عاداته وتقاليده بشكل مختلف “الى حين” .

تحكي ليلى ماء العينين عن عادات وتقاليد تضررت وتأثرت بشكل كبير بفعل جائحة (كوفيد 19)، وعلى رأسها، تروي بأسف شديد، “صلة الرحم” التي يحرص عليها، بشكل كبير، المجتمع الصحراوي، كغيره من المجتمعات، لاسيما مع كبار السن أو ما يسمى هنا ب (زيارة الدار الكبيرة)، للاطمئنان على أحوالهم ومشاركتهم، فعليا و”حضوريا”، حفل إعداد الشاي، وما يصاحبه من طقوس تكون ممارستها عن بعد “مستحيلة”.

وكانت العائلات الصحراوية، تضيف السيدة ماء العينين، صحافية وإعلامية بإذاعة العيون الجهوية، في خديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، تخصص جلسات الشاي لتدارس أمورها والتداول في أخبار الآباء والأمهات والإخوة والأعمام والأخوال، القريبين والبعيدين، باعتبارها عادة حديدة مترسخة منذ القدم في بادية الصحراء، الأمر الذي اختلف الآن “كليا” نتيجة هذا الوباء.

وبالرغم من ذلك، تقول ماء العينين، يخفف، “الى حد ما” من وطأة عدم التلاقي المباشر والحميمي، وتأثير كورونا الخبيث على العادات والتقاليد لدى أبناء الأقاليم الصحراوية، وسائل التواصل الاجتماعي المتاحة لجميع الفئات العمرية، ومنهم الشيوخ الذين تأقلموا مع التقنيات الحديثة ، معتبرة أن هذه الوسائل أضحت “متنفسا” للتواصل شبه يومي.

وفي سياق متصل، أشارت الى إنشاء بعض الأسر ل”مجموعات” خاصة بها عبر هذه المواقع للتواصل صوتا وصورة ، وهو ما يشفي، “مؤقتا” غليل الشوق الداخلي الممزوج بالحنين للأحبة والأهل والخلان، ولجلسات الشاي مع “جيماتها الثلاث” (الجمر، الجماعة، والجر) على أنغام الشعر الحساني ورقصات الكدرة.

ومن بين العادات التي تأثرت بسبب هذه الجائحة المستجدة، الاحتفالات بعقد القران، التي كانت لها طقوس وأعراف يحرص المجتمع الصحراوي على الحفاظ عليها وتوريثها للأجيال الصاعدة.

كما تغيرت، مع كورونا، حفلات العقيقة ، التي تصاحبها عادة التبريك (يحمدن) بزيادة مولود جديد، التي تأثرت بدورها، أو “انعدمت كليا”، لاسيما عادة “الكشوة” أي يوم “الذبيحة” في اليوم الثالث من ازدياد المولود الجديد، حيث كان أصهار النفساء يحرصون على إقامة وليمة للمقربين جدا من الأسرة.

وتأثرت بالصحراء أيضا عادة “اجماعة” أي اجتماع الرجال للعب “الضامة” أو “الدومينو”، كمتنفس للترويح عن النفس وتنشيط الذاكرة عبر هذه اللعب الرجالية.

وبالفعل، فقد ترك هذا الفيروس الفتاك، الذي غير معالم الحياة اليومية بالأقاليم الصحراوية كباقي أقاليم المملكة، آثارا كبرى، ليس التخلي عن عادات وتقاليد عريقة إلا وجها من وجوهها.

وأضحى الحديث عن هذا التأثر حديث الساكنة التي تجمع على أن (كوفيد 19) أثر” بشكل جلي وواضح” على العادات والتقاليد لدى أهل الصحراء الذين يتجنبون، مناسبات كان التخلف أو “التلكؤ” في حضورها “شبه مستحل أو مستحيل.

وفي انتظار أن يزول كابوس (كوفيد 19 ) يمتثل أهل الصحراء لكل الاجراءات الاحترازية والوقائية التي أقرتها السطات تجنبا للإصابة به، لا سيما من الشيوخ الكبار، رمز الذاكرة الصحراوية.

Total
0
Shares
أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشورات ذات الصلة