العيناوي: أزمة كوفيد-19 فرصة لإعادة النظر في السياسات العمومية المتعلقة بالنسيج الاجتماعي

قال رئيس مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، كريم العيناوي، إن الأزمة الناجمة عن فيروس (كوفيد-19) تعد فرصة لإعادة النظر في السياسات العمومية المتعلقة بالنسيج الاجتماعي، وذلك من خلال الاهتمام بآليات التضامن الاجتماعي وإرساء المخططات الكفيلة بالتفاعل الفوري مع المستجدات التي تفرزها الأزمات.

وأوضح العيناوي خلال مداخلة له في جلسة نقاش إلكترونية نظمها صندوق النقد الدولي، بتعاون مع مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد وصحيفة (ذا ناشيونال) الإماراتية، تحت عنوان “الآثار طويلة الأمد لجائحة (كوفيد-19) في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”، أن دول هذه المنطقة أبلت بلاء حسنا من ناحية إجراءاتها التي همت الجانب الماكرو-اقتصادي، مبرزا في الوقت ذاته، ضرورة الاهتمام بمواجهة الجائحة الحالية على المستويات الصغرى، من قبيل دعم المقاولات الصغرى والفئات الاجتماعية الهشة.

وأكد أن المغاربة أبانوا عن حس تضامني غير مسبوق إبان هذه الأزمة، من خلال مساهمتهم في صندوق تدبير جائحة كورونا، الذي عمل على تقديم المساعدة المادية لشغيلة المقاولات الصغرى المتضررة من الأزمة، والتحويلات المالية المباشرة للعاملين في القطاع غير المهيكل.

وفي هذا الصدد، أبرز رئيس مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد أن الأزمة العالمية سرعت من إخراج مشروع السجل الاجتماعي الموحد إلى حيز الوجود بالمملكة، حيث سيوفر هذا الأخير قاعدة بيانات رئيسية تعين على تحويل المساعدات المالية للأفراد بشكل عادل.

من جانبه، أكد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، أن بعض التحولات الناجمة عن أزمة كوفيد-19، ستكون لها آثار طويلة الأمد في قطاعات متعددة، مبرزا أن هذه التحولات ستفرز أنماطا اقتصادية جديدة مغايرة للأنماط التقليدية.

ولفت أزعور إلى أن الأزمة الاقتصادية المترتبة عن (كوفيد-19) تقوم على معطيين مركزيين، يتعلق أحدهما بتسريع نشاط بعض القطاعات، فيما يقترن الآخر باضطراب سير نشاط قطاعات أخرى، ذلك أنه تمت عرقلة نشاط بعض القطاعات وعلى رأسها السياحة، في حين عرف قطاع التكنولوجيا منحى متسارعا.

وأوضح أن هذين التوجهين ليسا وليدي اللحظة بل لهما وجود قبلي، إلا أن الأزمة كرست من حدة الهوة بينهما.

وشدد السيد أزعور على أنه يتعين على دول المنطقة أن “تستجيب بسرعة للأزمة وإلا ستخسر الرهان وستظل تراوح مستويات ما قبل الأزمة”، داعيا إلى تضافر جهود القطاعين العام والخاص والمؤسسات الدولية، فضلا عن معالجة الآثار طويلة الأمد للأزمة، لاسيما على مستوى القطاع غير المهيكل.

علاوة على ذلك، أكد مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي على أهمية الاعتناء بالبنية التحتية، والاستثمار في التكنولوجيا والتعليم، وبناء المهارات، والولوج إلى التمويل، والتكوين، وكذا إدماج الشباب والمرأة.

من جهته، سلط الرئيس التنفيذي لشركة (ماجد الفطيم) الإماراتية، آلان بجاني، الضوء على أهمية مرونة المقاولات في ما يتصل بمقاومة صدمات من هذا النوع، حيث عانت الشركات والمقاولات التي تفتقر إلى المرونة من تداعيات الأزمة أكثر من غيرها.

وأضاف بجاني أن المشكل الرئيسي الذي يعترض الشركات يتمثل في الملاءمة والتأقلم مع الأزمة، وكذا عدم التوفر على بنية تحتية تجارية مهمة.

ولتلافي التداعيات الحادة للأزمة، يؤكد الرئيس التنفيذي لشركة ماجد الفطيم، ينبغي أن تتحلى الشركات بحس الابتكار، داعيا إلى التخلي عن المقاربات البيروقراطية، والخروج من نفق الاحتكار نحو إرساء المنافسة بين الأطراف على نحو عادل، وتقديم الحوافز غير المالية، وكذا العمل معا وتضافر الجهود بين دول المنطقة.

من جانبها، قالت رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي بمصر، إن التعامل مع الأزمة الصحية الحالية وتداعياتها يستلزم مراعاة الشروط الأولية التي كانت حاضرة قبل الأزمة، وكذا الاستجابة السياسية أثناء وبعد انتهاء الجائحة، مستعرضة في هذا الصدد التجربة المصرية في مواجهة الجائحة وآثارها.

وأجمع المتدخلون في هذا اللقاء على أن الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة الناجمة عن جائحة (كوفيد-19) تهدد بإلحاق ضرر طويل المدى على اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لاسيما بالنظر إلى مواطن الضعف المسبقة في المنطقة، مبرزين في المقابل أنه مع مزيج السياسات الصحيح، تستطيع البلدان الحد من استشراء الأضرار والوصول إلى مسار لبناء مستقبل اقتصادي أقوى وأكثر صلابة وشمولا لكل شرائح المجتمع.

يشار إلى أنه حسب صندوق النقد الدولي، فإن من شأن تأثير الإغلاقات العامة بسبب كوفيد-19 على الخدمات، والتراجع النسبي في المركز المالي لشركات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وإمكانية استمرار البطالة المرتفعة وتفاقم الفقر وعدم المساواة، أن يساهم في خلق سيناريو تستمر فيه ظلال التداعيات الاقتصادية للجائحة مخيمة على الآفاق طوال العقد القادم في المنطقة.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة