بينما ألقت الجائحة بثقلها على مختلف الرياضات الجماعية والفردية في جهة فاس مكناس، التي كانت تتخبط أصلا في العديد من الأزمات، أتاح استئناف الممارسة الكروية إيقاد شمعة فرح في المشهد الرياضي الجهوي بتحقيق نادي المغرب الفاسي حلم العودة إلى القسم الأول من البطولة الاحترافية.
وجاء الإنجاز الكبير للماص ليحيي صلة عشاق الكرة بالعاصمة العلمية مع تاريخ عريق للنادي كاد أن يصبح ذاكرة فوتوغرافية نتيجة تراكم سنوات التخبط في التسيير والتخطيط لولا تكاثف إرادات حسنة عادت بفاس لتصبح مركز إشعاع كروي طالما أنجب النجوم التي ساهمت في صناعة قوة المنتخب المغربي في الأيام المجيدة.
كانت رحلة شاقة في موسم شديد التنافسية اتسمت حلقاته بتشويق حتى الرمق الأخير، ليتوج مجهود عام كامل مددت فصوله جائحة كورونا، باستعادة مكانة الفريق في قسم الأضواء، بتشكيلة مخضرمة من اللاعبين وتحت قيادة تقنية وطنية، تسلمها في البداية منير الجعواني وأكملها في الدورات الأخيرة عبد اللطيف جريندو. وبعد أن تسرب الشك الى الجماهير نتيجة تعثرات متوالية في المحطات الحاسمة، استعاد الفريق إرادة الانتصار ليهدي المدينة فرحة كانت في حاجة إليها.
وقدم النادي خلال ملحمة الصعود درسا جديرا بالاقتداء بالنسبة لأندية الجهة، من حيث القدرة على حشد الجهود وتعبئة الطاقات إداريا وتقنيا وجماهيريا لتجاوز الأزمة وتصحيح المسار. ذلك أن انجاز الماص لم يحجب الوضعية المأساوية التي تعيشها أندية أخرى، في مقدمتها الفريق الجار، قطب الديربي الجهوي الحارق الذي طبع تاريخ الكرة المغربية بين المغرب الفاسي والنادي المكناسي.
في الأعوام القليلة الماضية، لم يكن الكوديم حديث الاعلام بنتائجه وانجازاته التي حققتها أجيال متعاقبة بأسماء حميدوش وبيدان والدايدي وباديدي وصولا الى كاماتشو، بل بمشاكله الادارية واخفاقاته التي هوت به خارج الصفوة الى المنافسة في قسم الهواة، ضدا على ذاكرة زاخرة يستعيدها بحزن أبناء العاصمة الاسماعيلية.
ويثير واقع النادي المكناسي على جميع المستويات سؤال وقف النزيف وضمان استمرارية هذا الاسم التاريخي في غياب مؤشرات عملية على إمكانية معانقة حلم أكبر يلحقه بغريمه الفاسي. مهمة إنقاذ عسيرة تنتظر الغيورين على الفريق.
أما الوداد الفاسي، ثالث أندية الجهة عراقة، فيحافظ على مكانه منذ سنوات في القسم الثاني من الدوري الاحترافي. وإن كان هذا الموقع يعد طبيعيا في نظر المراقبين للشأن الرياضي بالنظر الى محدودية إمكانيات النادي، فإن جمهور الواف، خصوصا من أبناء “فاس الجديد”، لا يرضى بذلك ويطمح الى معاودة اللعب تحت الأضواء. هو الحلم الذي يبدأ كبيرا واعدا في بداية كل موسم، قبل أن تتعرض العجلة للعطب في غياب النفس الطويل الجدير بفريق بطل تنافسي.
وإن كان الوداد الفاسي يعتد بقدرته على المحافظة على موقعه كرقم صعب في القسم الثاني، بالرغم من شح الامكانيات وضعف الهيكلة، فإن أندية أخرى كانت تنشط الحركة الكروية على مستوى الجهة في الأقسام السفلى تعاني الكثير من أجل الحفاظ على الشعلة. ذلك شأن فريقي جمعية تازة ووداد صفرو وغيرهما من الأندية التي ظلت مشتلا لبروز مواهب كروية تطعم أندية الصفوة فضلا عن دورها الرياضي الاجتماعي في احتضان وتأطير المواهب المحلية.