قبل أيام انتهى مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وأعلنت لجنة التحكيم عن نتائجه والأفلام الفائزة في مختلف الفئات وسط حفل حضره أهل الفن في مصر.
إلا أن الأصحاب الأفلام الفائزة غابوا عن التتويج وتقدم لتلقي الجوائز ممثلون عن السفارات المعتمدة في عاصمة أم الدنيا لنيل التتويج وتصفيقات الجمهور الباردة والمحبطة.
وتكرر المشهد على طول الاعلان عن الجوائز حتى أن الحاضرين أحسوا حرجا كبيرا، فكالت لهم الصحافة الانتقادات، ووصفت المهرجان الذي تسعى مصر إلى جعله واجهتها الثقافية والسينمائية والسياحية بكونه « مهرجان السفارات ».
والسبب أن البلد لم يلملم جراحه الداخلية بعد، حيث يتكالب عليه ارهاب الدواعش من الداخل والخارج، وبالتالي من الصعب إقناع نجوم كبار ومخرجين مرموقين للسفر إلى بلد مكلوم لازالت يد الارهاب طويلة داخله.
في تونس الخضراء، انطلق مهرجان قرطاج السينمائي في حذر شديد وتحت حراسة كبيرة، حيث لازالت حية في الأذهان مجزرة متحف باردو، فسعت تونس إلى جعل سينما أعرق مهرجان إفريقي واجهة تطمئن من خلالها ناس الداخل والخارج على أن كل شيء بخير وأن الأمور تغيرت.
واستضافت تونس سينمائيين من بلدان الشرق والغرب، وشارك من المغرب نور الدين الصايل باعتباره رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، ونبيل عيوش صاحب ياخيل الله والزين اللي فيك والناقد محمد باكريم وآخرين.
حتى جاءت يد الغدر لتضرب من جديد، فكانت العملية الارهابية ضربة قاضية لتجعل المهرجان متعثرا رغم صمود القيمين عليه ومرتادي القاعات المظلمة الذين اختاروا الصمود وإكمال العروض المبرمجة.
في المغرب الأمر مختلف تماما، حضر النجوم وعلى رأسهم المخرج الأمريكي الكبير فرانسيس فورد كوبولا والإيراني عباس كياروستامي وصوفيا كوبولا والنجم الامريكي ويلام دافو وبيل موراي .. والقائمة طويلة.
وسط عالم مخيف، ومنطقة مأزومة، يبرز المغرب كواحة للأمن والاستقرار، لذلك يجب أن يعي الجميع أن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش ليس مهرجانا للسينما فحسب، بل هو واجهة لهذا الاستقرار والأمان الذي يعيشه بلد بأكمله في ظل وضع دولي مخيف.
إن السينما لم تعد فنا سابعا وسط منظومة ثقافية فحسب، بل مجالا للصمود في وجه التخلف و « الدعششة » والانغلاق. لأن من يمجدون الموت يستهدفون الثقافة بمجالاتها عبر المنع والخطوط الحمراء أو عبر الأحزمة الناسفة ورشاشات الكلاشنيكوف. فالسينما حياة ومن يحب الحياة يذهب الى السينما.. وما يخيفني كما يقول مارتن لوثر كينغ ليس بطش الأشرار.. ولكن لامبالاة الآخرين.