يشكل تخليد اليوم العالمي للوقاية المدنية، الذي يصادف فاتح مارس من كل سنة، مناسبة لتحسيس المجتمع بأهمية دور الوقاية المدنية وتدبير الطوارئ والتخفيف من حدة وتداعيات الكوارث، وفرصة للتوعية والتعريف بمهام وأدوار الأجهزة الوطنية المكلفة بالحماية المدنية، التي يقع على عاتقها ضمان الحماية والمساعدة للسكان وحفظ الممتلكات والبيئة.
ومن هذا المنطلق، اختارت المنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني كشعار لتخليد اليوم العالمي للوقاية المدنية هذه السنة، “حماية مدنية قوية للحفاظ على الاقتصاد الوطني”، بهدف التحسيس بضرورة اعتماد أنظمة وطنية للتخفيف من تداعيات الكوارث، وحماية الأرواح والتقليل من الخسائر المادية الناجمة عن هذه الكوارث، لا سيما في ظل تداعيات فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) الذي يرخي بظلاله على قدرات الدول الاستجابة للمخاطر والكوارث، مما يستوجب مضاعفة الجهود للتغلب على هذه التحديات، وإعادة التفكير في الاستراتيجيات الوطنية من خلال مراعاة الظروف الاستثنائية من منظور الحماية المدنية.
وتتمثل أهداف المنظمة من خلال الاحتفاء باليوم العالمي للوقاية المدنية، على الخصوص، في التأكيد على أهمية موضوع مكافحة الكوارث بكافة أنواعها، والتذكير بالدور الجوهري الذي تقوم به أجهزة وإدارات الحماية المدنية في العالم، وإشعار أجهزة الحماية المدنية بمختلف دول العالم بأهمية الترابط والتكاتف في أداء رسالتها، والاستفادة من الإعلام لنقل توجيهات وتعليمات السلامة والحماية لكافة المواطنين، خاصة في وقت الأزمات.
كما تعد هذه المناسبة فرصة لتذكير الدول بواجبها نحو المساندة الفعالة لمهام وواجبات المنظمة الدولية للحماية المدنية والدفاع المدني، والتي تتضمن نشر وتشجيع وتنمية وتطوير الحماية المدنية على الصعيد العالمي تجاه المخاطر بشتى أنواعها، وعقد الندوات والمحاضرات التعريفية بمهامها وواجباتها، وتوزيع النشرات والملصقات التوعوية على المواطنين والمقيمين بالتنسيق مع المؤسسات والشركات والمدارس والجامعات.
ووعيا منه بأهمية التعاون الدولي لمواجهة هذه التحديات، طالب إعلان جنيف الصادر عن المؤتمر الوزاري الذي دعت إليه المنظمة الدولية للحماية المدنية في سنة 2000، بتكثيف التعاون بين الهياكل الوطنية للحماية المدنية والدفاع المدني وإدارة أوضاع الطوارئ من خلال المنظمة، سواء في مجال الوقاية والتأهب أو في مجال التدخل لمجابهة الكوارث.
ودعا الإعلان إلى الارتقاء بالمنظمة الدولية للحماية المدنية إلى وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، وذلك بغية تعزيز تضافر الجهود الحالية على المستوى المؤسساتي وفتح آفاق جديدة.
وانسجاما مع الشعار المرفوع في سياق الاحتفال بهذه المناسبة، أكدت الأمينة العامة للمنظمة الدولية للوقاية المدنية، مارياتو ياب، أنه من الضروري إعادة التفكير في الاستراتيجيات الوطنية من خلال مراعاة الظروف الاستثنائية.
وأكدت ياب، في رسالة بمناسبة اليوم العالمي الذي يحتفل به هذه السنة في سياق تطبعه الأزمة الصحية وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية، أنه “مع معرفتنا أنه في كثير من الحالات يتم تخطيط الميزانية على غرار الظروف العادية، فإنه من الضروري إعادة التفكير في الاستراتيجيات الوطنية من خلال مراعاة الظروف الاستثنائية من منظور الحماية المدنية للمجتمعات المرنة”.
وأشادت، في هذه الرسالة، بالشجاعة التي يتحلى بها الخبراء و المهنيون وكل العاملين بالدفاع المدني في جميع أنحاء العالم وعزمهم على الاستعداد في جميع الأوقات لمواجهة المواقف الصعبة من أجل الحفاظ على الأرواح والبيئة وإنقاذ والممتلكات، مضيفة أن “الشجاعة والعزم من الصفات التي سيكون هناك حاجة ماسة إليها لمواجهة الأزمة المعقدة التي يمر بها المجتمع الدولي منذ نهاية سنة 2019 بسبب المرض الذي سببه فيروس كورونا (كوفيد-19)”.
وبخصوص التحديات المتصلة بأزمة كوفيد-19، أبرزت ياب أن العديد من الدول نفذت إجراءات صارمة من أجل السيطرة على تفشي الفيروس ووقف انتشاره، بما في ذلك فرض الحجر الصحي وإغلاق الحدود للحد من حركة الأشخاص وقد تسبب هذا في اضطراب كبير في المجال الاقتصادي وعلى جميع المستويات”.
وأشارت إلى أنه نتيجة لذلك قام صندوق النقد الدولي بمراجعة توقعاته للنمو العالمي لتصبح سلبية ،مما “سيكون له تأثير مناوئ على قدرات الدول الاستجابة للمخاطر والكوارث و بالتالي سيتعين علينا مضاعفة جهودنا للتغلب على هذه التحديات”، مسجلة أنه من المناسب أن يكون شعار الاحتفال باليوم العالمي لهذا العام هو “حماية مدنية قوية للحفاظ على الاقتصاد الوطني”.
وجددت التأكيد على الالتزام المستمر للمنظمة الدولية للدفاع المدني بالاستماع دائما إلى جميع الدول الأعضاء والمراقبين وجميع الأطراف المعنية، من أجل تعزيز القدرات الجماعية على النحو الأمثل للاستجابة لحالات الطوارئ.
وفي المغرب، تحتفل المديرية العامة للوقاية المدنية، على غرار باقي مكونات المجتمع الدولي، بهذا اليوم العالمي الذي يشكل فرصة للتواصل مع العموم عبر تنظيم تظاهرات متنوعة بمجموع التراب الوطني، على شاكلة “أبواب مفتوحة” يتم خلالها التعرف على مختلف المخاطر المحدقة، وعلى آليات ومعدات الإنقاذ، وكذا إجراء مناورات وتظاهرات حول طرق الإنقاذ والإغاثة وإطفاء الحرائق، إضافة إلى توزيع منشورات ومطويات. وتتطلب إدارة وتدبير الكوارث والمخاطر وضع استراتيجية وطنية تقوم أساسا على تعبئة مختلف المؤسسات الوطنية المعنية، والتي يجب إدماجها في أي مخطط للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
كما تستدعي الأحداث الكارثية إدارة استشرافية واستباقية منسجمة على الصعيد الوطني، من أجل تحسين كفاءة وفعالية تدبير هذه الظواهر، بهدف بناء مجتمع قادر على التأقلم.
ويرجع تأسيس المنظمة الدولية للوقاية المدنية إلى سنة 1931 عندما قام الطبيب الفرنسي جورج سان بول بتأسيس جمعية في باريس باسم جمعية (ليوكس دي جنيف)، والتي تحولت سنة 1958 إلى منظمة دولية للوقاية المدنية بعد إعداد نظام أساسي جديد يسمح للمنظمات والجمعيات الحكومية والأهلية بالانضمام إليها.
وقد أدرج القانون الدولي الإنساني للوقاية المدنية في البروتوكول الإضافي الأولى لاتفاقيات جنيف. كما منح أجهزة الحماية المدنية وضعا قانونيا يوفر لها الحماية عند تأديتها لمهامها وواجباتها، ومنحها شارة مميزة خاصة بها تتيح التعرف عليها وعلى معداتها، وهي مثلث أزرق متساوي الأضلاع على أرضية برتقالية اللون.