استعرض السفير الممثل الدائم للمغرب لدى المنظمات الدولية بفيينا، عز الدين فرحان، يوم الاثنين بالعاصمة النمساوية، الجهود التي ما فتئ المغرب يبذلها لمواجهة التحديات الاجتماعية والاقتصادية ،التي فرضها تفشي فيروس “كوفيد – 19”.
وأكد فرحان، خلال اجتماع حول موضوع “التعافي بعد كوفيد-19 .. الفرص والتحديات للأمن والتعاون الإقليمي”، قبل الاجتماع الأول للشركاء المتوسطيين مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، أن المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، اتخذ إجراءات استباقية شاملة لمواجهة تفشي الفيروس.
وأوضح أنه منذ تسجيل حالات الإصابة الأولى، سارع المغرب منذ مارس الماضي، إلى الإعلان عن حالة طوارئ صحية وطنية وتعليق جميع الرحلات الجوية وإغلاق المدارس والمؤسسات، مبرزا أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس أحدث صندوقا خاصا جمع ثلاثة ملايير دولار لمساعدة المواطنين الأكثر تضررا من الوباء.
وسجل أنه إلى جانب تعبئة القوات المسلحة لتقوية البنية التحتية الصحية، تم تكييف القطاع الصناعي لإنتاج وتوزيع الأقنعة واللوازم الطبية والصيدلانية التي قدمها المغرب أيضا إلى 20 بلدا إفريقيا، انسجاما مع روح التضامن التقليدية التي يتحلى بها.
على المستوى الاقتصادي، أبرز فرحان أن السلطات المغربية عملت على تشكيل لجنة لرصد تأثير الوباء على قدرة المقاولات على أداء الضرائب، إلى جانب تأجيل دفع المقاولات الصغرى والمتوسطة والأفراد، وتم منح إعانات للعاملين في القطاعين الرسمي و غير الرسمي.
وأشار إلى أنه تم إنشاء صندوق محمد السادس للاستثمار الاستراتيجي باعتمادات تبلغ 4,5 مليار دولار لدعم القطاعين العام والخاص؛ وتحسين مناخ الأعمال وإصلاح متكامل للشركات المملوكة للدولة، وكذلك تعزيز الوصول إلى الخدمات البنكية والأداء عبر الهاتف المحمول، وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار؛ فضلا عن التأقلم مع السياق الاقتصادي الجديد نحو تحقيق نمو شامل ومستدام، من خلال تسريع التحول الرقمي لقطاع الشركات.
كما استحضر الدبلوماسي المغربي إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية بالمغرب على مرحلتين، ستركز السلطات خلال المرحلة الأولى (2021-2022) على تعميم التأمين الصحي ليشمل أزيد من 10 ملايين مواطن، فيما ستركز المرحلة الثانية (2023-2024) على تمكين الأسر والمتقاعدين من التعويضات وإعانات البطالة.
ولفت إلى أن جهودا تبذل من أجل تعزيز المساواة بين الجنسين من خلال تقوية المرأة وتمكينها من المشاركة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمغرب، ضمن برنامج “تمكين”، من أجل تحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية للتنمية المستدامة 2030؛ والاستثمار في قطاع الطاقة الخضراء وتسريع التحول إلى الطاقة المتجددة، للسماح بخلق فرص العمل وتعزيز القدرة التنافسية للمقاولات المغربية؛ فضلا عن دعم القطاع السياحي الرئيسي في إطار العقد البرنامج (2020-2022) ،الذي تم اعتماده مؤخرا بهدف إعطاء دفعة قوية للرقمنة والتحول المستدام لقطاع السياحة.
وفي ما يتعلق بعملية التلقيح، أبرز فرحان أن الملك محمد السادس أعلن في 9 نونبر 2020، خطة تلقيح وطنية واسعة النطاق ضد “كوفيد-19″، انطلقت في جميع أنحاء المملكة في 29 يناير، موضحا أن الحكومة المغربية طلبت حوالي 66 مليون جرعة من اللقاحات، بما في ذلك 25 مليون جرعة من لقاح “أسترازينكا” و41 مليون لقاح “سينوفارم”، ليصبح المغرب أول دولة إفريقية تحصل على شحنة كبيرة من اللقاحات تكفيها لضمان مناعة جماعية على المستوى الوطني، ليبلغ عدد الأشخاص الذين تم تلقيحهم حتى الآن 4,5 مليون.
وأكد الدبلوماسي المغربي أن فيروس “كوفيد- 19” فرض تحديات اقتصادية واجتماعية جديدة، ملاحظا أنه ينبغي أن يتم التعامل مع هذا الوباء على أنه فرصة لتطوير استراتيجية انتعاش عالمية.
واعتبر أنه في سياق يتسم بالدينامية وانخراط المنظمات الدولية في المواجهة الفيروس، سيكون بمقدور منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ابتكار أفكار جديدة وإجراءات تضامنية طموحة لتعزيز التعاون الإقليمي ومتعدد الأطراف، من أجل الاستجابة بشكل جماعي لنقاط الضعف والهشاشة التي تم رصدها.
ودعا منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إلى مزيد من الانخراط من خلال تبادل الخبرات والممارسات الجيدة، من خلال تنظيم ورشات عمل مع جميع شركائها، ليخلص إلى أن “هناك مؤشرات على التعافي، غير أنها تلزمنا، أكثر من أي وقت مضى، بمزيد من التعبئة من أجل مستقبل مستدام وشامل وقوي”.