لا يقتصر العلاج الطبيعي على توظيف المواد الطبيعية في سيرورة التداوي من الأمراض، بل يعد أسلوب حياة عماده تحقيق الرفاهية والجسم السليم، وفنا يهدف إلى فهم الإنسان في كلياته من أجل صون صحته.
ويعتبر العلاج الطبيعي، الذي تعترف منظمة الصحة العالمية بأنه الطب التقليدي الثالث، إلى جانب الطب التقليدي الصيني والطب الهندي القديم (الذي يقوم على الانسجام بين الجسم والروح)، نمطا شاملا من الطب، يأخذ في الاعتبار جميع الجوانب المتعلقة بالشخص ويسعى للتدخل، ليس بناء على الأعراض، بل على السبب الأصلي للمرض.
وقد فرضت هذه الممارسة التي تنطوي على منافع جمة وتقدم علاجات طبيعية لمختلف الأمراض، نفسها خلال السنوات الأخيرة وتتجه نحو التموقع بشكل قوي في هذا المجال.
وفي هذا الإطار، أوضحت طبيبة أمراض النساء والتوليد، حليمة حمادة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الأمر يتعلق بـ”تخصص يشمل عدة فروع هدفه علاج الإنسان بطرق طبيعية ترتكز على تحليل حالة المريض على نحو كلي، مع مراعاة جانبه العاطفي ومحيطه. وبالتالي، فإن العلاج الطبيعي يعد نظاما شاملا يعمل في إطاره أطباء العلاج الطبيعي على فحص حالة الجسم والروح والعقل قصد فهم الحالة وعلاجها”.
وأشارت إلى أن هذا النمط يشمل، من بين أشياء أخرى، الوخز بالإبر، والعلاج بالروائح العطرية، وزهور باخ، والعلاج بالحجامة، وطب الأعشاب، والعلاج بتقويم العمود الفقري، والطب الهندي القديم، والتنويم المغناطيسي، واليوغا.
وترى الاختصاصية التي تمارس طب النساء منذ سنة 2000، أن اللجوء إلى العلاج الطبيعي يبدو ضروريا في العديد من حالات أمراض النساء والتوليد، مثل اضطرابات الدورة الشهرية، حيث يمكن أن يؤدي الاستخدام طويل الأمد للهرمونات إلى حالات تجلط الدم بمجرد التوقف عن أخذها.
واستشهدت، في هذا الصدد، بمثال الهبات الساخنة لدى النساء بعد انقطاع الطمث، حيث لا يخلو العلاج بالهرمونات البديلة من مخاطر “ويستلزم مراعاة الحالات الفردية على حدة ومراقبتها”، بالإضافة إلى علاج حالات ابيضاض الدم المزمن الذي أظهر العلاج التقليدي نجاعة في التعامل معه، وكذا حالات النساء الحوامل وفي مرحلة ما بعد الولادة اللائي يعانين أحيانا من اضطرابات نفسية تتطلب تدخلا طبيا دون إيذاء الجنين.
ومضت بقولها “بصفتنا ممارسين، نجد أنفسنا أحيانا في حيرة أمام هذه الحالات، ومن هنا تأتي الحاجة إلى إيجاد بدائل أخرى، مدفوعين بمبدأ (عدم الضرر)، الذي يرتكز على تجنب القيام بتدخل قد يتسبب في ضرر أكثر من نفعه”.
وعن الأسباب التي دفعتها للجوء إلى هذه الممارسة، أكدت الدكتورة حمادة أنه بالإضافة إلى التكوين الأساسي الذي تلقته في كلية الطب والصيدلة بالرباط، فهي حاصلة على دبلوم المعالجة الصحية المتجانسة “الهوميوباثي” من الكلية ذاتها، وأتيحت لها الفرصة لدراسة الوخز بالإبر في معهد بكين الدولي للوخز بالإبر.
كما كشفت أن قصتها مع الطب الطبيعي تعود إلى مرض أحد أطفالها، الذي تم إدخاله إلى العناية المركزة وهو يبلغ الشهرين من عمره جراء إصابته بالتهاب القصيبات الحاد.
وقالت: “لم يتعالج على نحو كامل بعد خروجه من العناية المركزة، وكان بحاجة إلى تناول سبعة أدوية في اليوم . كان الأمر قاسيا لطفل في سنه”