بعد توقف حركة الملاحة البحرية الدولية بشكل كامل لنحو أسبوع في الممر العالمي الأكثر ازدحاما في العالم، بسبب جنوح سفينة الحاويات البنمية العملاقة “إيفر غيفن” بعرض قناة السويس، عادت الحياة من جديد تدب بالقناة بعد نجاح عملية تعويم السفينة.
وأدى توقف حركة الملاحة بالقناة لستة أيام إلى اضطرابات في نشاط الشحن العالمي قد يستغرق زوالها عدة أيام أو أسابيع، حيث تكدست عند طرفي القناة عشرات السفن، منها سفن حاويات كبيرة أخرى وناقلات نفط وغاز وسفن لنقل الحبوب مما خلق واحدا من أسوأ اختناقات حركة الشحن في سنوات.
وجنحت سفينة الحاويات “إم في إيفر غيفن”، وتوقفت في عرض مجرى قناة السويس صباح الثلاثاء الماضي فأغلقته بالكامل، ما عطل الملاحة في الاتجاهين.
وكانت السفينة البالغ طولها 400 متر وعرضها 59 مترا وحمولتها الإجمالية 224 ألف طن، تقوم برحلة من الصين إلى روتردام في هولندا. وأدى تعطل الملاحة إلى ازدحام مروري في القناة وتشكل طابور انتظار طويل.
وأكد خبراء مصريون أن توقف حركة الملاحة في قناة السويس ستكون له تداعيات كبيرة على التجارة العالمية المنقولة بحرا ، حيث تشير التقديرات إلى أن الإغلاق يكلف أسبوعيا من 6 إلى 10 مليارات دولار ، كما أنه يضاعف أسعار النقل والتأمين وتكاليف الإنتاج والوقود عدة مرات، معتبرين أن أزمة السفينة البنمية، تعد أحدث أزمة تتعرض لها عمليات التوريد العالمية .
وفي هذا السياق ، يقول أحمد الشامي، مستشار النقل البحري وخبير اقتصاديات النقل ،في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، إن توقف حركة الملاحة في قناة السويس، بسبب جنوح “إيفر غيفن”، سيكون له تأثير قصير الأمد محليا بينما ستتكبد التجارة العالمية المنقولة بحرا خسائر مهمة.
وأوضح الشامي أن قناة السويس التي يبلغ طولها 193 كيلومترا، ويمر عبرها نحو 30 في المائة من حركة نقل الحاويات في العالم يوميا ونحو 12 في المائة من إجمالي التجارة العالمية لجميع السلع،تعتبر من الممرات الملاحية الآمنة، والأسرع بين القارات الثلاث، آسيا وأوروبا وإفريقيا.
وأضاف أن القناة ذات التصنيف العالي والمنسوب المائي الواحد بخلاف قناة بانما، إحدى أهم المجاري البحرية في العالم.
وحول تبعات هذا النوع من الكوارث في قواعد وقوانين النقل البحري ، أكد الخبير الاقتصادي، أن القناة يحق لها عدم الإفراج عن السفينة البنمية إلا بعد دفع تكلفة تعطيل المجري الملاحي والأضرار التي تسببت فيها.
ومن جهته قال رشاد عبده ، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، إن شركة التأمين ستتحمل نتائج جنوح سفينة “إيفر غيفن” بقناة السويس في حال نصت وثيقة التأمين على ذلك، مضيفا أن مصر تكبدت خسائر يومية بما يعادل 14 مليون دولار، فيما لا يجب إغفال خسائر الشركات والسفن التي يقترب عددها من 400 سفينة والمتوقفةمنذ ستة أيام.
وتعد قناة السويس، أحد أهم خمسة مصادر مستدامة للدخل القومي المصري من العملات الصعبة بعائدات سنوية وصلت إلى أكثر من 5.6 مليار دولار حلال العام الماضي. وتشكل أحد أبرز القطاعات التي تساعد مصر على تحقيق طموحاتها التنموية ومواجهة أزماتها الاقتصادية لأن عائداتها مستقرة مقارنة بعائدات السياحة والسفر والاستثمار الأجنبي وقطاعات أخرى عرضة للتأثر السريع بالأزمات على غرار أزمة جائحة كورونا.
وكانت أسعار النفط تراجعت بأكثر من 2 بالمائة، أمس، بعد أنباء من قناة السويس عن أن طواقم الإنقاذ تمكنت من تحريك سفينة الحاويات العملاقة التي تسد ممر التجارة العالمية الحيوي منذ قرابة أسبوع، رغم أنه لم يتضح بعد متى ستفتح القناة مجدداً أمام حركة مرور السفن.
وتوقع موقع “لويدز ليست” المتخصص في الشحن والسفن أن تخضع السفينة إلى تحقيق من ممثلي سجل بنما، وهو أكبر سجل للسفن في العالم، وذلك بموجب الاتفاقيات البحرية الدولية، كما ستخضع إلى تحقيقات موازنة من هيئة قناة السويس ومالك السفينة الراسية حاليا في إحدى بحيرات مدينة الإسماعيلية بعدما نجحت هيئة قناة السويس في تعويمها وتسيير حركة الملاحة في القناة.
وستكون البيانات المسترجعة من السفينة أمرا حاسما لتحديد الخطأ الذي حدث، وهو شيء مكافئ “للصندوق الأسود” في الطائرات.
وتوقعت مصادر في صناعة الشحن البحري أن ملاك السفن ومستأجريها الذين لم يتمكنوا من الإبحار في قناة السويس لنحو أسبوع يواجهون خسائر مالية لا تقل عن 24 مليون دولار لن يستطيعوا تعويضها لأن بوالص التأمين الخاصة بهم لا تغطيها. وتقدر النفقات اليومية لهذه السفن بنحو 15 الف دولار لكل سفينة، علما أن أكثر من 400 سفينة تنتظر المرور من قناة السويس بعد تعطل حركة الملاحة بها.