يستغرب المرء من “الاهتمام” الزائد للنظام العسكري الجزائري بكل صغيرة وكبيرة تقع بالمغرب، خاصة بالاحتجاجات والإضرابات، ولو كانت تلك الاحتجاجات ضد مصلحة المواطن نفسه، لأن النظام الجزائري لا يهمه مصلحة المواطن المغربي، بقدر ما يهمه أن تسود الفوضى في جاره الغربي، ليتقوى على “ضعفه”، وهو الوهم الذي عاشه العسكر الجزائري لحوالي 60 سنة، ما جعله يصرف ملايير الدولارات من أموال الشعب الجزائري الشقيق على وهم إضعاف المغرب.
فمن أخداث الريف إلى وقفات الأساتذة المتعاقدين، عبر إضرابات قطاعية، وحركات احتجاجية هنا وهنا، تجندت وكالة الأنباء الجزائرية الناطقة باسم العسكر الجزائري، وليس باسم الشعب، على تتبع كل صغيرة وكبيرة، بل وتضخيمها، فيما أهملت ما يقع في الدار من حراك يطالب بإسقاط النظام، وبدولة مدنية وديمقراطية، بعد سنوات من الحكم الديكتاتوري.
وللأسف بدل أن تتفرغ وكالة العسكر الجزائري لتغطية حراك الشعب الجزائري والطلبة، الذين خرجوا للاحتجاج، وتغطية آمالهم في التحرر والاستقلال، وبالمناسبة فالحراك الجزائري هو الحراك الوحيد في العالم العربي، بل في العالم من رفع شعار المطالبة بالاستقلال، تفرغت وكالة النظام إلى تغطية وقفة احتجاجية لمتهورين، خرقوا حالة الطوارئ بمدينة الفنيدق، مطالبن برفع الحجر الصحي وفتح المساجد، ضدا على صحة المواطنين وسلامتهم في مغامرة غير محسوبة العواقب.
وبدل أن تتبجح هذه الوكالة في الدفاع عن حركات التحرر، التي كانت النظام الجزائري يقتات منها من النظام السوفياتي، وخلق بؤرة توتر جنوب المغرب، في محاولة لخلق دويلة، من المرتزقة، كان عليها أن تناضل حقيقة من أجل تحرر واستقلال الشعب الجزائري الذي صدح عاليا بشعار المطالبة بالاستقلال.
فأن يخرج سكان مدينة الفنيدق، الثلاثاء، بعد صلاة العشاء في مسيرة، للمطالبة بفتح المساجد وإسقاط قرار الحجر الصحي بعد الإفطار طيلة شهر رمضان الذي أعلنته الحكومة ضمن إجراءات تهدف للحد من انتشار فيروس كورونا، فهذا شأن مغربي خاص، وكان من المفروض في وكالة تحترم نفسها، وتحترم المهنة أن تنتقد سلوكا لبلطجية لا يهمهم لا صلاة ولا مساجد بقدر ما يهمه السهر في ليالي رمضان بالأزقة والشوارع. أما الصلاة فيمكن أن يؤديها المؤمن في منزله، في هذا الظرف الصحي الخاص، حفاظا ليس على سلامته فقط، بل حفاظا على سلامة المواطنين جميعا.
وإذا كانت هذه الوكالة العسكرية اهتمت بنقل ما راج في فيديوهات بثت على مواقع التواصل الاجتماعي، لمتظاهرين وهم يرفعون شعارات من قبيل “الشعب يريد صلاة تراويح في المساجد”، في ظل هذا الظرف الصحي الكارثي، والذي يهدد العالم، فلماذا أهملت مطالب الحراك الشعبي الجزائري، والتي هي مطالب وشعارات موضوعية، تنبعث من عمق الشعب وتعبر عن آماله.