منصات التواصل: بين تعبئة الحركات الاجتماعية وتحديات صيانة البيانات الشخصية

خصص مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد حلقته الأسبوعية لحديث الثلاثاء 13 أبريل، لمناقشة منصات التواصل الاجتماعي، تحت عنوان “بين تعبئة الحركات الاجتماعية وتحديات صيانة البيانات الشخصية، رفقة أمير عبد الرضا، أستاذ مساعد بجامعة محمد السادس متعددة الاختصاصات.

وأشارت إيمان لهريش، المسؤولة عن البرامج بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد والمسيرة للحلقة، إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى نظرا لفعاليتها في جمع البيانات التي تمكن من تحليل الجماهيــر وأفكارهــا وسلوكها وأنماط تواصلها، إلا أن هاته العملية لا تخلو من تحديات كصيانة المعطيات ذات الطابع الشخصي المتاحة على الانترنيت.

من جانبه، أوضح أمير عبد الرضا، في خضم جوابه على التساؤل الأول المتعلق بكيفية تفسير تسهيل الشبكات الاجتماعية لظاهرة “تعبئة الجماهير” في سياقات اجتماعية ومجتمعية مختلفة أن هذه الظاهرة: “عرفت تحولا كبيرا فعلا منذ انتشار استخدام مواقع التواصل الاجتماعي حيث لم يعد المتظاهرون مثلا، بحاجة الى التجمع في الفضاءات العمومية لتحديد أهدافهم، أو الاتفاق على كيفية تحديد نشاطاتهم، بل أصبح الأمر مقتصرا على محادثات خاصة على هذه المنصات”.

في نفس السياق، استحضر أمير عبد الرضا أحداث الربيع العربي وصعوبة تحكم السلطات في التظاهرات أو مراقبة النشطاء فيها بسبب توجههم نحو الشبكات الاجتماعية للتواصل والحفاظ على الخصوصية. من بين التحولات التي تشهدها تعبئة الحركات الاجتماعية أيضا، مشيرا في نفس الوقت الى تزايد حدة انتشار الأنباء الخاطئة والإشاعات بسبب هذه المنصات والتي ساهمت بشكل مباشر في تصاعد الشعباوية في الأنظمة الديموقراطية، بالإضافة الى تسخيرها في نشر الجماعات الجهادية لنشاطاتها المتطرفة وعمليات التجنيد.

من منظور آخر، وباعتبارها مصدرا فعالا للبيانات، أوضح أمير عبد الرضا أن وسائل التواصل الاجتماعي توفر بيانات متعلقة بعدد هائل من المستخدمين دون الحاجة الى إقامة دراسات استطلاعية على أرض الواقع، وقد وصفها بالتجربة الأقرب للقدرة على وضع المجتمع في مختبر وتكوين رؤية علمية بخصوصه، الشيء الذي لم يكن متاحًا في السابق. مع ذلك، صرح الضيف أن هذه البيانات المقدمة من طرف الشبكات الاجتماعية تظل عامة وغير تمثيلية للمجتمع، بل تعكس فقط توجهات عامة لأفراده.

وفيما يتعلق بتحديات صيانة البيانات الشخصية التي ترافق استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أشار أمير عبد الرضا إلى إشكالية الاستخدام الغير قانوني للبيانات الموجودة على هذه المنصات مفسرا انه بالرغم من وجود إجراءات قانونية لتقييد هذه التجاوزات، خاصة في الدول المتقدمة، إلا أنها تظل بطيئة ومحدودة في وجه الوثيرة المتسارعة للتقدم التكنولوجي والبرمجة.

في هذا الإطار، شدد الأستاذ المساعد بجامعة محمد السادس متعددة الاختصاصات، على ضرورة ترسيخ القيم الأخلاقية التي تحول دون ارتكاب بهذه التجاوزات واستغلال البيانات الشخصية لمستخدمي هذه المنصات، في مراحل تكوين وتوجيه الجيل الجديد من المبرمجين والمختصين في هذا المجال. علاوة على ذلك، حث الأستاذ عبد الرضا على عدم ادخال جميع البيانات الشخصية في هذه المواقع نظرًا لعدم ضرورتها.

زخلص أمير عبد الرضا، بالإشادة بما وصل اليه التقدم التكنولوجي وتقنيات البرمجة التي تتيح حاليا استخدام البيانات الشخصية المتاحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل جديد، كتقنيات نموذجة المواضيع وتحليل الشعور، التي تمكننا من معالجة النصوص المستخدمة بشكل متكرر، والتنقيب عن الهياكل الدلالية المخفية فيها في وقت وجيز.

بخصوص مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد

يعتبر مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، الذي أطلق في عام 2014 في الرباط مع أكثر من 40 خبيراً من كل من الجنوب والشمال، مركزا مغربيا للدراسات، مهمته الإسهام في تطوير السياسات العمومية الاقتصادية منها والاجتماعية والدولية التي تواجه المغرب وباقي الدول الإفريقية بصفتها جزأ لا يتجزأ من الجنوب الشامل.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة