إذا كانت الأزمة في كثير من الأحيان تعني فقدان القدرة الشرائية والبحث عن مخطط جيد، فإن سوق السيارات يتحدى هذا المنطق، مع ارتفاع، على أقل تقدير، في مبيعات السيارات الفاخرة بالرغم من انتشار الجائحة.
على الرغم من النقص العالمي في أشباه الموصلات، وهي شرائح الحواسيب المستخدمة في أنظمة السيارات، بعد إغلاق خطوط الإنتاج الخاصة بصناعة السيارات، فإن مبيعات العلامات التجارية الفاخرة تعكس أداء تجاريا جيدا وإقبالا كبيرا لدى بعض الزبناء الذين تشكل السيارة الفاخرة بالنسبة إليهم مؤشرا قويا على المكانة الاجتماعية.
ولتأكيد هذه المعطى، فقد باعت العلامة التجارية البريطانية “بنتلي” 14 ألف و 659 سيارة خلال سنة 2021، بزيادة في المبيعات بلغ 31 في المائة مقارنة بسنة 2020. وأخذا بعين الاعتبار الأسعار الفلكية للموديلات الأكثر أساسية لهذه العلامة التجارية، لم يمر مثل هذا الأداء دون أن يلاحظه أحد في مجال صناعة السيارات.
أما “بورش”، وهي رائد آخر تملكه شركة “فولسفاغن”، فلم تبتعد عن الصدارة. حيث حققت مبيعات ب 301 ألف و 915 سيارة، أي بارتفاع بلغ 11 في المائة، مع ارتفاع حصتها في السوق بعدة مناطق جغرافية.
وبرقم قياسي في المبيعات بلغ 2.2 مليون سيارة ، عززت “بي إم دوبل في” حضورها في الأسواق الصينية والأمريكية، بينما ضاعفت شركة “طيسلا”، المتخصصة في السيارات الكهربائية، مبيعاتها لتصل إلى 936 ألف و 172 وحدة، مقابل 499 ألف و 550 وحدة سنة 2020.
ومن الواضح أن هذه الأزمة الصحية غير المسبوقة لم يكن بدون عواقب على سلوك المستهلكين في جميع أنحاء العالم. فالزبناء، المصابين بالذعر من الدمار الناجم عن الجائحة، يتجهون أكثر إلى السلع الكمالية من أجل رفاهيتهم.
وبإدراك منهم أن الحياة يمكن أن تكون قصيرة، يندفع المشترون الأثرياء لشراء أفخم المنتجات، بأي ثمن، لإشباع رغباتهم والاستمتاع بالحياة إلى حد أقصى، من خلال شراء المنتجات الراقية.
وحسب العديد من المراقبين، فإن توسع مجال السيارات الفاخرة وجذب المستهلكين إلى اقتناء السيارات الرياضية على حساب سيارات “سيدان” شكل السمات البارزة لسوق السيارات منذ اندلاع الجائحة.
ودفع التقلب الشديد للأصول المالية، خلال الجائحة، المدخرين إلى تفضيل الاستثمار في الأصول الملموسة، مما أدى، من بين فينة وأخرى، إلى التخلص من السيارات الفاخرة وسيارات التجميع التي تعتبر قيما آمنة.
واستفاد الزبناء أيضا من التخفيض، أو التخلص من أهم عنصر في النفقات، من قبيل، السفر والترفيه، نظرا للتدابير الصارمة والقيود المفروضة على التنقل لاحتواء الوباء. وقد دعم مثل هذا الوضع مدخرات الأفراد الذين وجدوا أنفسهم يتمتعون بمدخرات كبيرة، وبالتالي تمكنوا من الولوج إلى أنواع أرقى من السيارات.
__ ماذا عن المغرب؟__
وبالمغرب فقد بلغت مبيعات السيارات الجديدة 175 ألف و 360 سيارة خلال سنة 2021 أي بزيادة بلغت 5.7 في المائة مقارنة بسنة 2019. وكان من الممكن أن تكون المبيعات أفضل بشكل ملحوظ لولا نقص الرقائق الإلكترونية والتأخير في تسليم السيارات الجديدة للزبناء.
وأوضح عادل بناني، رئيس جمعية مستوردي السيارات بالمغرب، أنه “على الرغم من زيادة المبيعات خلال سنة 2021، إلا أن تأثير استدراك سنة 2020 لا يزال محدودا” ، مضيفا أن النقص في أشباه الموصلات حال دون تحقيق السوق لرقم قياسي تاريخي خلال سنة 2021 “.
وعلى صعيد آخر، حققت العلامات الفاخرة مكانة في المغرب، تماشيا مع التوجهات العالمية، حيث ارتفع إجمالي المبيعات بنسبة 11 في المائة إلى 14 و 827 وحدة. حيث احتلت “أودي” المرتبة الأولى بمبيعات بلغت 3506 وحدة خلال سنة 2021 (زائد 60 في المائة) ، متقدمة على “بي إم دوبل في” ب 3037 سيارة (زائد 31 في المائة) و”مرسيدس” ب 2535 سيارة (بناقص 10 في المائة).
ومع ذلك، فقد تأثرت هذه المبيعات بسبب عدم توفر المخزون من السيارات، مما أدى إلى تأخر التسليم وما يترتب على ذلك من خسارة في الأرباح للتجار الذين لم يستفيدوا بشكل كامل من هذا التحسن.