قال مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، عبد الفتاح الفاتحي، إن الخطاب الذي وجهه الملك محمد السادس، إلى القمة السادسة للاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي ببروكسيل، يتضمن رؤية استراتيجية لنوعية الشراكة التي يجب أن تسود العلاقات الأوربية- الإفريقية.
وأوضح الفاتحي، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الرؤية الاستراتيجية حددت المرامي ورتبت الأولويات التي تمكن إفريقيا من قرارها السيادي المستقل.
كما أشار الخبير إلى أن خطاب الملك أبرز الخيارات الاستراتيجية التي تؤسس لعلاقات جوار متوازنة لتعاون جنوب- شمال .
وأضاف أن خطاب الملك أكد على تعاون تأسيسي يستهدف تقوية المنظومة التعليمية التي تراجعت فعاليتها بسبب الزمن البيداغوجي المهدور بعد إغلاق العديد من المؤسسات التعليمية بفعل الجائحة، مبرزا أنه ذات الرهان بالنسبة لتقوية وتسريع وتيرة التكوين المهني وتطوير الثقافة.
ونظرا لأهمية مسألة التعليم والتكوين المهني، يضيف الخبير، فإن خطاب الملك تضمن دعوة إلى تأمين استمرارية التعليم والتكوين المهني والتعليم الجامعي عن طريق دعم التعليم الرقمي والتكوين عن بعد، بما يرسي الاهتمام بالرأسمال البشري ويعضد اقتصاديات إفريقيا.
وتبعا لذلك، يوضح الفاتحي، شدد خطاب الملك على حتمية الشراكة بين المنظمتين الإقليميتين لتطويق تداعيات الجائحة على الاقتصاد الأوربي والإفريقي.
وأبرز في هذا الصدد، دعوة الملك إلى استئناف مختلف أشكال التعاون الثقافي، من أجل إعطاء دفعة جديدة لهذا القطاع، الذي يعد رافعة حقيقية للتقارب في إفريقيا وفي أوروبا وبين إفريقيا وأوروبا.
من جهة أخرى، توقف الخبير عند الرسالة ذات الأهمية البالغة التي أعاد جلالة الملك التأكيد عليها، والمتمثلة في الطابع الإيجابي للهجرة وتنقلات المهاجرين الذين لا يلحقون ضررا بالاقتصاد وإنما يشكلون “مصدرا هائلا للفرص” لصالح اقتصاد الدول المصدرة والمستقبلة للمهاجرين.
وأشار إلى أن الملك، بصفته رائدا للاتحاد الإفريقي بشأن قضية الهجرة، قدم في خطابه دفوعات دامغة لتبديد الصور النمطية السلبية حول الهجرة الإفريقية، “باستثمار ما بات يوفره المرصد الإفريقي للهجرة بالرباط من بيانات ومعطيات موضوعية حول الهجرة كلها تدعم المقاربة الإيجابية التي ظل ينادي بها جلالة الملك وهي أن للهجرة تداعيات جد إيجابية لصالح الدول المصدرة والمستقبلة لها، بل وأنها عامل للتكامل وتعزيز الشراكة لجعلها عاملا تنمويا لصالح الدول”.
وخلص الخبير إلى أن خطاب الملك أكد على أن التعاطي مع قضايا الهجرة يجب أن ينصب على توضيح الحقائق وتبديد سوء الفهم حولها عبر “التوفيق بين مصالح كل من إفريقيا وأوروبا في حال تعارضها، وإحلال منطق العلاقة العضوية بين تنقل الأشخاص والتنمية، محل المنظور الأمني الصرف، انسجاما مع روح المقاربة الإنسانية لميثاق مراكش”.