محمد يسف: المشتركات المقررة في الأديان تدرأ آفات الغلو والتطرف والتمييز والتعصب

أكد الدكتور محمد يسف الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، أن المشتركات المقررة في الأديان، تدرأ آفات الغلو والتطرف، والتمييز والتعصب، والصراع والنزاع، أيا كان مرجعها أو الدافع إليها، حينما تجعل من قيم الأخوة الدينية والإنسانية، المبنية على التراحم والسماحة، والتوسط والاعتدال، والعفو والصفح، والتعاون على فعل الخير، محددات أساسية ضمن نسيج العلاقات والروابط الفردية والجماعية.

جاء ذلك في كلمة ألقاها بالنيابة عنه الدكتور سعيد شبار، رئيس المجلس العلمي المحلي لبني ملال، يوم الأربعاء بأبيدجان خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال الندوة الدولية التي تنظمها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، والمجلس الأعلى للأئمة والمساجد والشؤون الإسلامية بكوت ديفوار حول موضوع: “الرسالة الخالدة للأديان”.

وأكد الدكتور يسف أن غاية هذا الملتقى هي إبراز إسهام الأديان السماوية في ترسيخ قيمة السلام التي تنشدها البشرية، وتأكيد محوريتها ومركزيتها في دين الإسلام الذي يجعل من الدخول في السلم، والجنوح إليها، أصلا وما دونه استثناء.

وذكر بالزيارة التاريخية التي قام بها قداسة البابا فرنسيس، الى المغرب بدعوة من أمير المؤمنين الملك محمد السادس في مارس 2019، وما مثلته من لقاء بين رمزين ومرجعيتين دينيتين عالميتين، كان من أبرز تجلياته إرسال رسالة السلم والسلام، والأمن والايمان الى البشرية، وإعادة الاعتبار الى قيم التعارف والسماحة التي تدرأ آفات التعصب والتطرف.

وتناول يسف ما ورد في خطاب أمير المؤمنين بهذه المناسبة من أن “الديانات السماوية، لم توجد فقط للتسامح فيما بينها، بما ينطوي عليه مفهوم التسامح من رغبة في التجاوز والصفح؛ وإنما وجدت لانفتاح ببعضها على بعض، والتعارف فيما بينها في سعي دائم للخير المتبادل؛ فالتطرف سواء كان دينيا أو غير ديني، يبقى مصدره انعدام التعارف المتبادل”.

وأضاف أن قارتنا الافريقية اليوم، هي في أمس الحاجة الى مثل هذه اللقاءات الحوارية التواصلية، بين مختلف القادة الدينيين عموما، وبين الطرفين الإسلامي والمسيحي على وجه الخصوص؛ وذلك استثمارا للمشتركات الكثيرة المقررة في الأديان، وانتفاعا بالمصالح المترتبة عنها في الحياة؛ ودرء لآفات الهيمنة والتنافس المادي الشرس، الذي أقحمت فيه العولمة البشرية اليوم، والذي أضر بقيم المجتمع، والأسرة، والصحة، والبيئة..، وغيرها من المصالح الحيوية والمعيشية للناس.

وأوضح من جهة أخرى أن موضوع هذا الملتقى في حوار الأديان، في علاقتها بتقرير السلم والأمن بين الأمم والشعوب، يقع في صلب المطالب الإنسانية والمساعي العالمية؛ والتي يمكن أن تقدم فيها الأديان خدمات جليلة، للقيم والمعاني والرموز التي تحملها.

وأضاف أن بعضا من كبار المنظرين الدينيين، جعلوا الحوار بين الديانات شرطا للسلام بين الحضارات، وذلك لأن أصول الحضارات الكبرى ديانات، ولكون هذه الديانات، من جهة أخرى، تحمل القيم والمبادئ الإنسانية الفطرية المشتركة بين الناس جميعا، وتتماهى مع حقيقة الوجود الآدمي، استخلافا وتكريما وتكليفا. فالإنسان حامل الأمانة في قوله تعالى: “وحملها الانسان” (الأحزاب 72)، هو حامل كلمات الله في الديانات كلها، يسعى بها في الأرض، ويحقق بها عمرانه وحضارته.

وأكد يسف أنها رسالة الأنبياء جميعا في الدعوة الى السلم والأمن، والأخوة والمحبة، والوفاء والتعاون، والهداية الى مكارم الأخلاق. معان خالدة، حملتها رسالات السماء الى البشرية، جيلا بعد جيل، وطورا بعد آخر، لا يحل محلها شيء في ترسيخ الايمان والمحبة في القلوب، وفي الارتقاء بالسلوك الإنساني الى فضائل الأعمال.

يذكر أن حفل افتتاح هذه الندوة جرى بالخصوص بحضور الوزير الأمين العام لرئاسة جمهورية الكوت ديفوار عبد الرحمن سيسي، ووزير المصالحة الوطنية الإيفواري كواديو كونان بيرتين، وسفير المغرب في أبيدجان عبد المالك الكتاني، ورئيس المجلس الأعلى للأئمة والمساجد والشؤون الإسلامية بكوت ديفوار شيخ الأئمة عثمان دياكيتي، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات.

ويتلخص الهدف من هذه الندوة في استدامة السلام بإفريقيا والكوت ديفوار من خلال الحوار بين الأديان، وضمان استمرارية أثر الرسالة الخالدة للأديان على السلم العالمي.

كما تهدف فتح سبل الإنصات وتبادل الرأي بين أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية في الكوت ديفوار وإفريقيا وإقرار إعلان أبيدجان للسلام بين مختلف الفاعلين الدينيين والاجتماعيين.

وتناقش الندوة خمس محاور هي الأسرة والمدرسة، والمجتمع المدني الإيفواري والإفريقي وأديان وتواصل ووعظ وتكوين الأطر الدينية وتحسيسها، والسلطات العمومية والفاعلون الدينيون في مواجهة ظاهرة التطرف الديني العنيف.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة