يهدف الميثاق الجديد للاستثمار الذي تم تقديم خطوطه الكبرى مؤخرا بين يدي الملك محمد السادس، من بين أمور أخرى، إلى إرساء إطار مثالي للاستثمار بالمغرب بهدف تعزيز أسس إنعاش اقتصادي مستدام وشمولي. كيف سيساهم إذن هذا الميثاق في عملية الإنعاش؟
يرى عادل الشرقاوي، الأستاذ المؤهل بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن المستثمرين سيمتلكون بفضل هذا الميثاق نظرة أكثر وضوحا من شأنها أن تمكنهم من الاضطلاع بدور هام في مجال إنعاش الاقتصاد، من خلال الاستثمارات الإنتاجية التي تساهم في خلق فرص الشغل والقيمة المضافة.
وأشار الشرقاوي، وهو أيضا مستشار في مجال المسؤولية الاجتماعية للمقاولات وحكامة المقاولات وعضو مؤسس لمختبر البحث في اقتصاد التنمية وحكامة المنظمات، إلى أن الميثاق المذكور سيسهم في تحفيز الاستثمار بالقطاعات الواعدة بالمغرب كالطاقات المتجددة، والصناعات، والتكنولوجيات الجديدة للاتصال.
وشدد على أن ضرورة الإنعاش الاقتصادي تستلزم وضع استراتيجية جديدة تهدف إلى تحفيز الاستثمار الخاص، ومواصلة الدينامية الإيجابية للاستثمارات الأجنبية المباشرة على المستوى الوطني والعمل على تقويتها.
وتابع الخبير أنه يتعين على مغاربة العالم الاضطلاع بدور هام في دينامية الاستثمارات هاته الموجودة على المستوى الوطني، مضيفا أن هذا الميثاق سيشجع الجالية المغربية المقيمة بالخارج على المزيد من الاستثمار في بلدها الأم. الالتزام يتمثل في ضخ ما بين 20 و 30 مليار درهم على المدى المتوسط وتحسين معدل الاستثمار الذي يستهدف القطاعات الإنتاجية.
وأبرز أن الميثاق الجديد سيفتح أوراشا أخرى على غرار إصلاح الإطار التنظيمي لتعبئة العقار، وتحديث المناطق الصناعية في جميع الجهات وتبسيط إجراءات التعمير بإدراج البعد الاقتصادي، بالإضافة إلى مراجعة وإصلاح العديد من النصوص القانونية الرامية إلى تبسيط وتحفيز الاستثمار بالمغرب.
في هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى أنه يتعين على المستثمرين وضع الثقة في المؤسسات ومناخ الأعمال قبل الانخراط في أي مشروع.
ما هي في الواقع أهمية هذا الميثاق الجديد؟
رأى ميثاق الاستثمار، الذي طال انتظاره منذ نحو عقد من الزمن، النور بعد الانتهاء من صيغة جديدة لهذه الوثيقة التوجيهية للاستثمارات، والصالحة لمدة خمسة عشر سنة.
وتضم النسخة الجديدة نظاما جديدا للدعم يرمي إلى تعزيز وتقوية حوافز الاستثمار لجعل العرض المغربي أكثر تنافسية.
فمنذ سنوات، يمكن للمقاولات الخاصة الوطنية أو الأجنبية التي تستثمر رؤوس أموال في الصناعة المغربية الاستفادة من حزمة كاملة من الإجراءات التي تهدف إلى تشجيعهم عل المشاركة في جهود التوسع الصناعي في البلاد اعتمادا على عدد من المعايير.
من هذا المنطلق، فإن من شأن اعتماد ميثاق من هذا القبيل تعميم التدابير المشجعة للاستثمار عبر إرساء حياد ضريبي معين بين القطاعات.
ويرمي هذا الميثاق، الذي يكرس حرية الاستثمار، إلى تعزيز فرص الاستثمار في المغرب وتطوير دينامية المقاولات، كما يمنح مجموعة من المزايا الضريبية والجمركية.
ما الذي يمكنكم قوله عن أهداف هذا الميثاق؟
يهدف الميثاق الجديد إلى وضع إطار للاستثمار بالمغرب بهدف إرساء أسس انتعاشه الاقتصادي.
وبالإضافة إلى التوجيهات السامية المتضمنة في الخطابات الملكية بشأن تحسين مناخ الأعمال، فإنه يتعين على الميثاق أن يعكس المبادئ الأساسية “للإطار المرجعي المشترك للنموذج التنموي الجديد والبرنامج الحكومي، لاسيما في شقه المتعلق بالتشغيل، وطلك من خلال مجموعة من التدابير القوية، التي من شأنها المساهمة في تحقيق نمو اقتصادي قوي ومستدام وشامل ويساهم في خلق فرص الشغل”.
وفي واقع الأمر، يستهدف الميثاق الجديد بالأساس إحداث مناصب الشغل، والنهوض بتنمية منصفة للمجال عادلة، وتحديد القطاعات الواعدة ذات الأولوية بالنسبة للاقتصاد الوطني.
ويتضمن المشروع، على الخصوص ، تدابير رئيسية للدعم تتكون من تعويضات مشتركة لدعم الاستثمارات انسجاما مع التوجيهات الملكية السامية، وأهداف النموذج التنموي الجديد وكذا الأولويات التي حددتها الحكومة؛ وتعويض مجالي إضافي يروم تشجيع الاستثمار في الأقاليم الأكثر هشاشة، وتعويضا قطاعيا إضافيا يمنح تحفيزات بهدف إنعاش القطاعات الواعدة.
كما ينص المشروع على اتخاذ إجراءات للدعم خاصة بالمشاريع ذات الطابع الاستراتيجي من قبيل صناعات الدفاع، أو الصناعة الصيدلانية في إطار اللجنة الوطنية للإستثمارات، إلى جانب تدابير خاصة للدعم موجهة إلى المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، فضلا عن تدابير أخرى للنهوض بالاستثمارات المغربية بالخارج.
الملك يشدد على دور القطاع الخاص في تنفيذ هذا الميثاق. ما هو تعليقك ؟
شدد الملك على الدور الريادي الذي يجب أن يضطلع به القطاع الخاص الوطني في هذا الورش، داعيا الحكومة إلى إشراك الفاعلين الخواص بشكل فعال، وضمنهم الاتحاد العام لمقاولات المغرب والمجموعة المهنية لبنوك المغرب، في مسار تنزيل الميثاق.
وتستلزم حتمية الإنعاش الاقتصادي وضع استراتيجية جديدة تهدف إلى تحفيز الاستثمار الخاص، وفي هذا السياق يهدف الميثاق الجديد إلى تغيير التوجه الحالي بين الاستثمارين العمومي والخاص، حيث يسعى إلى رفع حصة الاستثمار الخاص لتبلغ ثلثي الاستثمار الإجمالي في أفق 2035، بينما يمثل الاستثمار الخاص حاليا حوالي ثلث الاستثمار الإجمالي.
ويستجيب هذا التوجه للاقتراحات الواردة في تقرير النموذج التنموي الجديد، حيث يتمثل الرهان في تعزيز مكتسبات العقدين الأخيرين في ما يتعلق بالاستثمار، الذي يغطي حاليا 30 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي الوطني، أي بمعدل يتجاوز المتوسط العالمي المقدر بحوالي 20 في المائة.
من جهة أخرى، ذكر الملك بأن تجديد المقتضيات القانونية والتحفيزية يظل رهينا بحسن تنفيذها والتتبع المنتظم لتنزيلها على أرض الواقع، بهدف ضخ دينامية جديدة في الاستثمار الخاص وتكريس المملكة كأرض مميزة للاستثمار على المستويين الإقليمي والدولي.