هكذا تحدث المؤرخون وعلماء الاجتماع والأدباء عن تاريخ الدار البيضاء وثقافتها

حين يجتمع المؤرخون وعلماء الاجتماع والأدباء والفنانون للحديث عن منطقة معينة من زوايا مختلفة فهذا يشكل قيمة مضافة بشأن الكشف عن مختلف مظاهر الحياة بمعناها الواسع والتي قد تكون معروفة أو مغمورة.

فالمقاربات المتعددة هنا تصب في خانة التواريخ المحلية التي تركز على مجال جغرافي واجتماعي معين ضمن النبش في الذاكرة المشتركة التي لا يمكن الاستغناء عنها لبناء المستقبل.

وحين يتعلق الأمر بمدينة بحجم الدار البيضاء يصبح لهذه الذاكرة دلالة أكبر لأنها اضطلعت بدور كبير في إغناء التاريخ الوطني في كل المحطات الحاسمة.

وإذا كانت المناسبة شرطا، فإن مناسبة هذا الكلام يتمثل في صدور كتاب ” الدار البيضاء: التاريخ والثقافة والإنسان” لعدد من الباحثين الجامعيين، والذي يقدم رؤى متعددة للعاصمة الاقتصادية، كما يراها المؤرخ وعالم الاجتماع والأديب والفنانين.

ضمن قراءة في “الدار البيضاء: التاريخ والثقافة والإنسان” من منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء سنة 2022، أوضح الكاتب والجامعي شعيب حليفي أن هذا المؤلف الجديد، الذي أشرف على تنسيق مواده كل من سمير الأزهر ومحمد الأمين مومين ورشيد الحضري، هو عبارة عن مقالات نشرت بالعربية والإنجليزية والفرنسية الشيء الذي يحقق التفاعل وينجز الهدف الفعلي المتجلى في تقديم نظرة ثاقبة عن المدينة.

وحسب حليفي فإن القسم الأول من الكتاب يتكون من خمس مقالات باللغة الإنجليزية يصف فيها محمد الأمين مومين السياق الاجتماعي والتاريخي للغة العربية المغربية بها، بينما يناقش سمير الأزهر في “المجتمع اليهودي المغربي بالدار البيضاء” بعض الجوانب التاريخية والاجتماعية والاقتصادية المتعلقة باليهود المغاربة، كما يتناول عبد المجيد بوزيان مسألة التعليم الإلكتروني خلال جائحة كوفيد 19.

وتقدم الورقتان الأخيرتان شهادتي الأمريكيتين ليزا روبرتس ونينا مورغان، على التوالي، بعد زيارتهما للمدينة، حيث تسجلان انطباعاتهما الأولى وتجربتهما فيها.

وتابع أن القسم الثاني من الكتاب تضمن أربع مقالات باللغة الفرنسية، حيث تدعو ليلى مزيان القارئ إلى تتبع تاريخ العاصمة الاقتصادية للمملكة والتطور المستمر لأسماء المواقع الجغرافية بمرور الزمن، والاطلاع على تاريخها الجيوسياسي وسياقها الثقافي المتعدد (أنفا، دار البيضاء، کازابلانکا).

ويرصد مصطفى نشوي “تطور السكان والسكن في الدار البيضاء” منذ إنشائها وحتى العصر الحديث.

وبالنسبة لحليفي، الذي هو أيضا رئيس مختبر السرديات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، فإن مقالة عبد القادر كعيوة “الدار البيضاء: التجديد وتحديات تنمية مدينة كبرى” تشكل محطة للكشف عن وضع النمو السكاني والاقتصادي.

كما تطرقت رقية بن شقرون في مقالها “الدار البيضاء: التنمية الحضرية” إلى موضوع التنمية الحضرية للمدينة البيضاوية مع تناولها بعض التحديات التي تواجهها اليوم.

وفي القسم الأخير هناك خمس مقالات باللغة العربية يتتبع في أحدها عبد المجيد القدوري العلاقات التاريخية والدبلوماسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية بين المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية.

بينما يتناول محمد الأسعد موضوع رسم خرائط المرافق العامة في مدينة الدار البيضاء من منظور الجغرافيا الاجتماعية، ويحاول معالجة القضية بأبعادها الوظيفية والديناميكية.

وتتمحور مقالة عبد الباقي بلفقيه حول إغلاق كوفيد 19 الذي خضع له المغرب لمدة ثلاثة أشهر تقريبا، وهي فترة كشفت الفوارق الاجتماعية في ما يتعلق بطبيعة المسكن، والأسرة، ومشكلة الاختلاط بين أفرادها.

واختص مقال قاسم مرغاطا بتقديم تأملات في الفنون في أوقات الاستثناء والصدمة، وهي اللحظات الفظيعة والقاسية للإنسانية خلال جائحة كورونا.

وركز محمد اغليمو على الدار البيضاء كما وردت في بعض النصوص الأدبية في فترات زمنية مختلفة وهي نصوص تعكس جوانب عديدة لهذه المدينة المتعددة الأوجه.

هذه هي الصور التي رسمتها هذه المساهمات للعاصمة الاقتصادية للمملكة والتي ستساهم دون شك في فهم امتدادات الواقع الحالي لمدينة مرشحة لمزيد من التحولات.

Total
0
Shares
أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشورات ذات الصلة