أعرب الاتحاد الدستوري عن أسفه للقرار المتخذ في شأن توقيف استعمال ما يسمى VOIP، أي التقنية الموصلة للصوت عبر IP، من طرف المتدخلين الثلاثة العاملين في مجال الاتصال اللاسلكي بالمغرب.
واعتبر الاتحاد الدستوري أن هذا القرار يندرج في مسار معاكس للقاعدة المعنوية المؤسسة للتكنولوجيا كإبداع إنساني. وهو قرار يحمل معه، وبين طياته العديد من مناطق الظل والغموض، سواء في ما يتعلق بمشروعيته أو فيما يتعلق بالمرامي والأبعاد الرمزية التي يسعى إلى بلوغها.
وأضاف الاتحاد الدستوري، في بلاغ للمكتب السياسي، أن زبناء هذه الشركات الثلاث، العاملة في مجال الاتصال اللاسلكي، يواجهون في الواقع، ومند بضعة أيام قرار التوقيف هذا، والذي قدمت بشأنه الجهة المشرفة على التقنين، وضع الضوابط تبريرات تتحدث عن ما يسببه استعمال هذه الوسائل من الاتصال، من إجهاض للأرباح لهذه الشركات.
ولم يفت الاتحاد الدستوري التذكير أن الجهة المكلفة بوضع الضوابط، لا تقتصر فقط على خدمة المصالح الاقتصادية لهذه الشركات بشكل حصري، حتى وإن كان ذلك على حساب ما تعهدت به هذه الشركات نفسها تجاه زبنائها من توفير لشروط والتزامات تضمن لهم الارتياح الكامل. لذلك أشار الاتحاد الدستوري إلى أنه من غير المقبول أن تتراجع هذه الشركات عن هذه الوعود، وهي التي لم تفتأ من عدة أشهر تشهر لمنتوجاتها عبر عروض تجارية للخدمات المتطورة، والسهولة في استخدام كافة البرامج، والاستعمالات الكاملة، والشاملة، ومن ضمنها على وجه الخصوص إمكانية إجراء مكالمات عبر الانترنيت.
ولم يفت الاتحاد الدستوري التوضيح، من جهة أخرى، أن الحديث عن برامج واستعمالات تشتغل حسب توفر “الرصيد الرقمي” “solde internet” على الهواتف، فإن مقدار “الربح المجهض”، الذي يمكن أن يسجله مقدمو خدمة السماح بالولوج الرقمي “pass internet” يبقى خاضعا للنسبية، ذلك أن الاستعمال المكثف لهذه البرامج يمكن شركات التواصل هذه، من تطوير رقم معاملاتها وجعله أكثر ارتفاعا.
واستغرب الاتحاد الدستوري، أيضا، لموقف الصمت الذي التزمته المؤسسات العمومية، وغير الحكومية تجاه هذه القرار. مشيرا إلى أن التسلسل الزمني لهذه الأحداث، وتنفيذ إجراء توقيف العمل بهذه الآلية التواصلية، بشكل جماعي، يدل على أن هناك “اتفاقا بين الشركات الثلاث”، الأمر الذي دفع الاتحاد الدستوري من جهة إلى مساءلة مجلس المنافسة، وجمعيات حماية المستهلك، ويَحمِلُهُ من جهة أخرى إلى تذكير الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات ANRTبالمسؤوليات الملقاة على عاتقها من جراء ما يحدث وخصوصا منها مسؤولية حماية مصالح زبناء قطاع الاتصالات اللاسلكية.
وقال الاتحاد الدستوري إن من شأن هذا القرار، الذي يتناقض مع سياسة تحرير كافة الاستعمالات، ويتناقض، أيضا، مع الانفتاح على التكنولوجيات الحديثة التي قادها المغرب مند سنوات التسعينات، أن يضع المغرب ضمن الدول التي تعرقل حرية التواصل، وهو على كل حال، قرار يوجه ضربة قوية إلى كل الإنجازات، والإبداعات الجريئة، وإلى المقاولات ووحدات الإبداع التكنولوجي في وقت أخذت تشكل فيه المقاولة في مجال التكنولوجيا الحديثة تحديدا، مجالا حقيقيا لخلق الآلاف من مناصب الشغل الجديدة ومن القيمة المضافة .أن “الربح المُجْهِضِ” الحقيقي إنما يوجد بكل تأكيد على مستوى المقاولات الصغيرة جدا، والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، التي ابتكرت لنفسها سلاسل من الإبداع للقيمة المضافة، ترتكز في برنامجها على توفر خدمات VOIP بل إن توفر خدمات VOIP يشكل معيارا محددا للعديد من المستثمرين الدوليين من مختلف الأحجام، يقررون من خلاله التواجد من عدمه في البلدان الساعية إلى البحث عن الاستثمارات الأجنبية المباشرة IDE)).
وخلص الاتحاد الدستوري، في هذا الصدد، إلى أن هذا القرار يمس بتنافسية المغرب، وذلك في وقت يطلق فيه المغرب إستراتيجية وطنية ذات بعد تاريخي ترمي إلى الانفتاح على العالم من خلال إنشاء وتطوير محطات الخدمات عن بعد و من خلال التكنولوجيا الحديثة.
وأخيرا، وفي مجال تتبع مسالك المكالمات، أشار الحزب، إلى أن توقيف العمل بهذه الوسائل وما يمكن أن يجره من لجوء إلى استعمالات تكنولوجية أخرى قد لا تخضع للمراقبة كليا أو جزئيا، يشكل تهديدا محتملا لأمن الوطن.
واعتبر الاتحاد الدستوري أن هذا التوقيف يشكل نوعا من أنواع الرقابة، التي لا تتلاءم مع الخيارات الإستراتيجية للمغرب، وتقديرا منه لأهمية هذا القطاع بشكل خاص وضرورة تمتيعه بالصحة الكاملة، خصوصا وأن للحزب مساهمات كبيرة في تحريره خلال نهاية التسعينات، ووجه نداء إلى الحكومة، عبر الوزير الذي تدخل التكنولوجيات الحديثة ضمن اختصاصاته، وعبر الوكالة الموكول إليها أمر وضع الضوابط، والعمل على احترامها، من أجل الدفع في اتجاه مراجعة هذا القرار غير المحسوب العواقب.
ولم يفت الاتحاد الدستوري تذكير الشركات المعنية من جهة أخرى، أن هناك أيضا إمكانية الاستثمار في المحتويات والمضامين والعروض الثلاثية triple play، كما يمكنها أن تعمل على خلق فاعلين افتراضيين تحت علامات شريكة ذات أحجام كبيرة من الزبائن وهي بذلك تخلق بالتأكيد قيمة إضافية داخل سوق المواصلات دون الحاجة إلى اللجوء إلى مثل هذه الإجراءات الحمائية.