يشكو تجار فلسطينيون من نقص في قمصان المنتخب المغربي في السوق، بسبب الإقبال الشديد على اقتنائها، خصوصا مع تأهل المغرب إلى الدور نصف النهائي من بطولة كأس العالم في كرة القدم، في قطر، التي جعلت الفلسطينيين يشعرون بأن قضيتهم “لم تدفن”.
في كل أنحاء الضفة الغربية المحتلة، في القدس الشرقية، وفي غزة، تنتشر أعلام المغرب، وقمصان منتخبها يرتديها الفلسطينيون فخورين ومسرورين بأن لاعبي المنتخب المغربي كانوا يرفعون العلم الفلسطيني بعد فوزهم في المباريات.
ويشكو سائد الرمحي، الذي يدير محلا للمستلزمات الرياضية في مدينة رام الله، إنه لم يبق في السوق الفلسطيني قميص واحد للمنتخب المغربي، ويباع كل قميص بنحو عشرين دولارا.
ويضيف لوكالة فرانس برس “صدقا، لو كان لدي 300 ألف قميص لبعتها كلها خلال اليومين الماضيين”.
ويستعدّ الفلسطينيون في الضفة الغربية وقطاع غزة لمتابعة المباراة التي ستجمع مساء اليوم المنتخب المغربي مع نظيره الفرنسي، آملين في التمكّن من الاحتفال، وكأن المتأهل المحتمل هو منتخبهم الوطني.
في مدن فلسطينية عدة، تمّ تحضير قاعات عدة لعرض المباراة، كما وجهت دعوات لمتابعة المباراة في قاعة أحمد الشقيري في مقرّ الرئاسة الفلسطينية في وسط مدينة رام الله.
“القضية لم تدفن”
بالنسبة لرئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القديم جبريل الرجوب، فإن المونديال “كشف زيف الادعاء المعادي لنا بأن القضية الفلسطينية دفنت باتفاقيات ولدت ميتة أصلا”، في إشارة إلى اتفاقات تطبيع العلاقات مع إسرائيل التي أبرمتها دول عربية خلال السنتين الماضيتين.
ويشير الرجوب إلى أن ما شهدته فعاليات كأس العالم في قطر “شكّل صفعة لفكرة التطبيع، سواء للإسرائيليين أو للذين تماشوا معها”.
ويرى رئيس الاتحاد الفلسطيني أن الفلسطينيين “كانوا هناك (في قطر) الفريق رقم 33. كنا حاضرين في كل الفعاليات والمحافل التي واكبت الحدث التاريخي، وعبّرنا عن فرحتنا وسعادتنا بهذا الحدث”.
وانتشرت الأعلام الفلسطينية على المدرجات وبين الجماهير في عدد كبير من المباريات في الدوحة.
“ارتدادات سياسية”
ويشير الرجوب الذي اعتبر فوز المغرب وتأهله إلى الدور نصف النهائي “ثورة رياضية”، إلى التأثير السياسي لمونديال قطر.
ويقول “كل نشاط رياضي له ارتدادات ومضمون سياسي، والرياضة اليوم هي أحد رموز وتجليات الهوية لأي شعب، ونحن أحوج من ينتظر ويتابع مثل هذه الرموز”.
الأحد الفائت، نشرت صحيفة “معاريف” الإسرائيلية تحليلا أسفت فيه لأن “الاحتفالات المغربية بكأس العالم أثبتت أن العالم العربي بعيد كل البعد عن التطبيع مع إسرائيل”.
وقطر هي أول دولة خليجية أقامت علاقات تجارية مع إسرائيل في عام 1996. ولكن في عام 2000، تم إغلاق المكتب التجاري الإسرائيلي في الدوحة وانقطعت العلاقات بين البلدين في عام 2009 بسبب الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة.
وتدعم قطر الفلسطينيين، وتقدّم مساعدات مالية لحركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة.
في 2020، حصلت اتفاقات تطبيع بين إسرائيل وكل من الإمارات والبحرين والسودان، ثم تلاها المغرب.
بالنسبة لرئيس الاتحاد الفلسطيني، المربّع الذهبي في كرة القدم لم يعد حكرا على أوروبا وأميركا اللاتينية.
وأقيمت احتفالات واسعة في المدن الفلسطينية بعد تأهل المنتخب المغربي إلى نصف النهائي على حساب نظيره الإسباني.
وأفادت دراسة للمركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية نشرت الثلاثاء أن “كأس العالم في قطر يساعد على استعادة ثقة الجمهور الفلسطيني في العالم العربي بعد سنوات من خيبة الأمل”.
وبحسب الدراسة، “الغالبية العظمى من الفلسطينيين يقولون إنهم استعادوا الكثير أو بعضًا من الثقة التي فقدوها في العرب، نتيجة تدفق التضامن مع فلسطين خلال مباريات كرة القدم”.
واعتبر الناطق باسم حركة حماس أن ما عبّر عنه الجمهور في مونديال قطر “يؤكد أن القضية الفلسطينية ما زالت قيمة إنسانية على مستوى العالم، ودليل على أن أحرار العالم لا زالوا يعتبرون أن هذه القضية عادلة والشعب الفلسطيني يجب أن يأخذ حقّه”.
ولطالما انتقدت القيادة الفلسطينية “اتفاقات ابراهام” التي أبرمتها الدولة العبرية والدول العربية الأربع بوساطة أميركية، واعتبروها “طعنة في الظهر”.
ووضعت هذه الاتفاقات حداً لعقود من الإجماع العربي على استبعاد أي سلام مع إسرائيل في غياب حل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.