أعلنت المحكمة العليا الأميركية عن إبقاء تدبير اتّخذ خلال جائحة كوفيد-19 يسمح بطرد المهاجرين عند الحدود.
وكانت 19 ولاية أميركية قد اعترضت على رفع هذا التدبير المعروف باسم “المادة 42” خشية تدفّق المهاجرين على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.
وفي مارس 2020، فعّلت حكومة الرئيس السابق دونالد ترامب العمل بهذه الآلية الصحية لتتمكّن من أن تطرد في الحال المهاجرين الذين لا أوراق إقامة رسمية بحوزتهم والموقوفين عند الحدود البرية، بمن فيهم طالبي اللجوء المحتملين.
وهذا التدبير فوري المفعول ولا يسمح في إطاره بتقديم أي طعن قضائي أو توفير العودة تلقائيا إلى البلد الأم.
وتنصّ الآلية على استثناءات نادرة، لبعض الجنسيات مثلا، كالأوكرانيين منذ الغزو الروسي لبلادهم أو القصر غير المصحوبين بذويهم.
ويرى الخبراء والناشطون في مجال حقوق الإنسان في هذا التدبير انتهاكا للقوانين الدولية، باعتبار أنه من “غير الإنساني” حرمان طالب لجوء محتمل من التقدّم بطلبه في هذا الخصوص.
ويعتبرون أن الآلية الحالية لا تقوم سوى بحثّ المهاجرين على عبور الحدود سرا والمجازفة بحياتهم من خلال عبور صحارٍ خطرة أو أنهر يمكن الغرق فيها.
نزاعات قضائية
وقال المحامي لي غلرنت الذي كان يرافع ضدّ هذا الإجراء باسم جمعية الحقوق المدنية “ايه سي ال يو” الشهيرة “سنستمر في الاعتراض على هذا التدبير الفظيع الذي تسبب بضرر كبير لطالبي اللجوء”.
وكانت “المادة 42” موضع نزاعات قضائية مختلفة. وقضت محكمة ابتدائية ومحكمة استئناف بإلغائها.
وبالنسبة إلى جمعية “Refugees International”، فإن “أغلبية قضاة المحكمة العليا وافقوا راهنا بالفعل على مواصلة عمليات الإعادة (للمهاجرين) وهم سيكونون مسؤولين عما وصفته المحكمة الابتدائية بـ’الضرر الذي لا يُجبر’ الذي يلحق بطالبي اللجوء المطرودين بموجب المادة 42”.
وكانت عدة مناطق متاخمة للحدود الجنوبية للولايات المتحدة قد بدأت بإقامة تسييجات تحسّبا لوقف العمل بهذا الإجراء. ومنذ أسابيع، ينتظر عدة مهاجرين عند الحدود، على أمل أن يتسنّى لهم تقديم طلب لجوء في الولايات المتحدة.
وسيبقى هذا التدبير ساريا إلى أن تبتّ المحكمة العليا في جوهر هذه القضية. وستقدّم إليها في فبراير 2023 حجج كلّ من الطرفين، على أن تصدر حكمها في الربيع المقبل.
وبذلك، تُمهَل إدارة بايدن بضعة أشهر إضافية للاستعداد لتدفّق كبير للمهاجرين.
“إصلاح عميق”
وقال الرئيس جو بايدن وقت مغادرة واشنطن في عطلة إنه كان يجدر أن ينتهي العمل بـ”المادة 42″ منذ وقت طويل، غير أن إدارته ستمتثل لقرار المحكمة العليا بانتظار حكمها النهائي “في يونيو على ما يبدو”.
وصرّح الرئيس الديموقراطي “لغاية هذا التاريخ، علينا تطبيق” الإجراء.
وبعيد الإعلان عن قرار المحكمة العليا، حثّ البيت الأبيض المسؤولين على اعتماد “إصلاح عميق” لنظام الهجرة. وكان جو بايدن قد تعهّد خلال حملته الانتخابية إعادة هيكلة سياسة الهجرة، لكن كلّ مشاريع القوانين التي تقدّم بها تبقى عالقة في الكونغرس.
ويصعب على إدارته راهنا اعتماد استراتيجية مستدامة لإدارة تدفّق المهاجرين عند الحدود مع المكسيك التي تمتدّ على 3 آلاف كيلومتر.
ويبلغ عدد المهاجرين الواصلين بلا أوراق رسمية إلى الحدود الأميركية المكسيكية مستويات قياسية راهنا، مع توقيف أكثر من 200 ألف شخص في شهر نونبر وحده.
وتعدّ الهجرة مسألة جدّ حسّاسة في الولايات المتحدة. ولا توفّر المعارضة الجمهورية مناسبة لانتقاد موقف جو بايدن في هذا الصدد.
وسرعان ما أشاد المعسكر الجمهوري بقرار المحكمة العليا الذي من شأنه أن “يحول دون غرق السكان المقيمين عند الحدود في فوضى عارمة”، على ما قال المسؤول في تكساس توني غونزاليس.