أكدت اليومية الفرنسية “لوموند”، يوم الثلاثاء، أن النظام الجزائري يواصل ”هروبه إلى الأمام” من خلال قمعه لحرية الصحافة، كما ينهج “مزايدة سلطوية فاشلة”.
وكتبت الصحيفة أن صورة صحفي مكبل اليدين هي “مروعة”، بينما صورة إغلاق وسيلة إعلام تعد “مخزية”، مضيفة أنه باعتقال مدير ومؤسس “راديو إم” ومجلة (Maghreb Emergent)، إحسان القاضي، يوم 24 دجنبر الماضي، وكذا مداهمة مكاتبه وإغلاقها، “كانت السلطات الجزائرية تعي وقع الصدمة التي قد تثيرها مثل هذه المداهمة التي قامت بها الشرطة، سواء داخل الجزائر أو خارجها”.
وذكرت (لوموند) أن إحسان القاضي، الذي وضع يوم 29 دجنبر رهن الاعتقال، هو “رمز للصحافة الجزائرية المستقلة، حيث برز بتغطيته هو وفريقه للحراك، حركة الاحتجاج الشعبي التي نشأت في الجزائر عام 2019 حول مطالب ديمقراطية”.
وأشارت إلى أن تشديد القمع بذريعة إجراءات مكافحة الكوفيد في العام 2020 لم يخف الحراك، الذي ضرب النظام الجزائري اليوم أحد رموزه.
وأضاف كاتب الافتتاحية أن النظام الجزائري “لا يبدوا قلقا كثيرا بشأن التأثير الكارثي لهذا الاعتقال على صورته”.
وسجل الكاتب أن “الإعجاب الذي رافق مشهد تظاهرات الحراك السلمية، والتي جددت بشكل جذري النظرة التي يحملها العالم على الجزائر، لم يعد سوى ذكرى بعيدة”، مضيفا أن “الوقت اليوم هو للصدمة حيال السياسة القمعية المتهورة لنظام دخل في دفعة انتقامية بعد أن كان يخاف على بقائه”.
وأشار إلى أن “الهجوم الذي استهدف القطب الإعلامي لإحسان القاضي ليس سوى الحلقة الأخيرة من حملة منهجية استهدفت منذ عامين معاقل الحراك المتبقية”، مسجلا أنه “بينما تم الدفع بالعديد من وجوه الحراك إلى المنفى للفرار من السجن، أصبح اليوم أي منتقد للنظام الحاكم معرضا لاتهامات باطلة بالإرهاب أو التخريب”.
وأضافت اليومية الفرنسية ”أصبح الجو خانقا للغاية لدرجة أن الجزائريين أضحوا يعتقدون أن تعددية الرأي كانت أفضل في عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، رغم قضايا الفساد والمحسوبية التي تورط فيها”، مسجلة أن نظام الرئيس عبد المجيد تبون “لا يزال يشعر بالثقة الكافية لتجاهل الأضرار الجانبية لتصعيده الاستبدادي”.
وأشار كاتب الافتتاحية إلى أنه “في الداخل، يعتقد الرئيس تبون أنه يستطيع شراء السلم الاجتماعي مع انتعاش أسعار النفط، وفقا لسيناريو مثبت لكنه غير مستدام. أما في الخارج، فإنه يعول على استعادة الائتمان الاستراتيجي للجزائر، عملاق الهيدروكربونات الذي يتودد إليه الأوروبيون بحثا عن بدائل للغاز الروسي”.
وختمت (لوموند) بالقول “يجب أن يكون الجميع مدركين تماما للمأزق الذي وضع النظام الجزائري فيه نفسه. ومن الوهم أن نرغب في تعزيز الجبهة الداخلية، كما يقول النظام، بخنق المواطنة، المكون الأساسي لأي أمة”.