قال السفير الفرنسي السابق بالجزائر، كزافييه درينكور، في مقال رأي نشرته يومية (لوفيغارو)، إنه “إذا كان من الضروري تلخيص الوضع بإيجاز وواقعية، فينبغي القول إن الجزائر الجديدة، حسب الصيغة الرائجة في الجزائر العاصمة، في طريقها نحو الانهيار أمام أعيننا”.
وأضاف المدير العام السابق في وزارة الخارجية الفرنسية، ورئيس المفتشية العامة للشؤون الخارجية، أن “الواقع الجزائري ليس هو الواقع الموصوف لنا”.
وأشار درينكور إلى أنه “كان من المفترض أن تكون الجزائر الناتجة عن (الحراك المبارك)، أكثر تقدما واستقرارا وديمقراطية، كما كان يقال آنذاك. إلا أن جميع المراقبين لاحظوا أنه منذ 2020، وبعد أسابيع قليلة من الأمل، كشف النظام الجزائري عن وجهه الحقيقي: وهو نظام عسكري وحشي يختبئ وراء واجهة حكومة مدنية، يهتم بأعماله التجارية على غرار النظام السابق الذي طرده، ومهووس بالحفاظ على امتيازاته وريعه، وغير مكترث بصعوبات الشعب الجزائري”.
وأضاف صاحب كتاب “اللغز الجزائري.. مذكرات سفارة في الجزائر العاصمة”، الذي يستعرض فيه تجربته، أنه “اليوم، يقبع في السجون الجزائرية ليس فقط السياسيون والموظفون والجنود المرتبطون بالنظام السابق، الذين يدين لهم الجيش الوطني الشعبي بوضعه الحالي، ولكن، أيضا، الصحفيون الذين انتقدوا النظام، وأولئك الذين نشروا بسذاجة على الشبكات الاجتماعية رأيا مخالفا”.
وقال سفير فرنسا في الجزائر بين 2008 و2012، ثم ما بين 2017 و2020، أنه منذ الأيام الأولى لشهر مارس 2020، مكنت جائحة كوفيد الجيش الجزائري من بدء “التطهير السياسي”، ثم سمحت له الظروف الدولية، لاسيما الحرب في أوكرانيا، من التحكم الكلي بالبلاد.
وذكر الكاتب بأنه يتم اليوم قمع وتكميم أفواه الصحافيين، مسجلا أنه “تم اعتقال عدد من الصحافيين أو تم حرمانهم من جوازات سفرهم، علاوة على غلق صحف من قبيل (ليبرتي)، أو وضع يومية (الوطن) تحت الوصاية”.
وأضاف أنه “في نهاية دجنبر، عندما كانت السفارات الغربية في عطلة رأس السنة، تم حظر (راديو إم) و(Maghreb émergent)، بينما تم اعتقال مديرهما إحسان القاضي”، مشيرا إلى أنه يوم السبت 7 يناير الجاري، جاء الدور على موقع (AlgériePart) لاتهامه بتلقي أموال من الخارج لنشر أخبار كاذبة من أجل “زعزعة استقرار البلاد”.
من جهة أخرى، توقف كزافييه درينكور عند وضع المجتمع المدني، حيث تم حل جمعيات مثل (كاريتاس)، التي أسستها الكنيسة الكاثوليكية قبل العام 1962، واتهم البعض الآخر بتلقي أموال من الخارج.
وسجل أن “حال الجزائر سيء، أسوأ بكثير مما يعتقده المراقبون أو الصحفيون القلائل المعتمدون”، مؤكدا أن ”الـ 45 مليون جزائري لديهم هوس واحد فقط: المغادرة والفرار”.
وأضاف أنه” اليوم، لم نعد نحسب أولئك الذين يتقدمون بطلب للحصول على تأشيرة لغرض واحد فقط، الذهاب دون عودة، والبقاء بطريقة أو بأخرى في فرنسا على أمل أن يتم تسوية وضعهم يوما ما”.
وخلص الدبلوماسي الفرنسي إلى أن “الخيارات الكارثية لعام 1962، والأزمة الاقتصادية، والفساد الناجم عن ريع النفط، وإحباط نخب المدن الكبرى في الشمال وكذا سكان القرى والعمق الجزائري، تجعل أن فقط عدد قليل من الناس سيظلون في الجزائر”.