هناك مثل مغربي يعكس فعلا حالة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري اليوم، يقول: “الناس ف الناس والقرعة ف مشيط الراس”، ولا أحتاج هنا إلى أن أوضح لكم في هذا المقام أن القرعة هي الهاكا التي فاجأتنا قبل أيام ببلاغ صحفي عجيب يتحدث عن “تطابق المستويات الصوتية للوصلات الإشهارية المبثوثة مع مستويات البرامج المحاذية لها”.. في وقت يشهد فيه المجتمع غليانا، ونقاشا واسعا، وينتظر من مؤسسة دستورية القيام بمهمتها وإصدار قرار واضح والتعبير عن موقف مسؤول معزز بالبراهين والحجج والنصوص القانونية في نازلة مؤخرة جينيفر لوبيز.
وبدل أن تسعى الهيأة إلى مطابقة مستوى صوت حكمائها مع مستوى صوت النقاش السياسي والمجتمعي والمهني الدائر حول نازلة نقل القناة الثانية لسهرة جينيفر لوبيز، اختارت ان تغرد خارج التغطية لتتحدث عن مستوى صوت وصلات الاشهارية في أفق 2016 والملام المكرور إياه… وذر الرماد في العيون لإيهام من يهمهم الأمر أن الهيأة وحكماءها يتفانون في أداء المهمات المنوطة بهم بحماس وشجاعة. في حين أن المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري أصبح يتسم بخصلة واحدة ووحيدة وهي الجبن والفرار وإدارة الظهر للملفات والقضايا الساخنة حيث سقطت أسنانه، وقلمت أظافره وأصبح صنما “لا يهش ولا ينش”.
إن الجبن الذي منع حكماء الهاكا من الرد على مراسلة لرئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، هو الجبن ذاته الذي منعها من النظر إلى كوارث تلفزيونية يومية، وجرائم إذاعية تقترفها المحطات الخاصة على مدار الساعة، ومنعها أيضا من التعامل مع ملفات مصيرية واستراتيجية في مجال السمعي البصري (القنوات الخاصة كمثال)… في المقابل تحاول تصريف مواقف هزيلة هنا وهناك على صفحات بعض الجرائد والمواقع الالكترونية لجس النبض بدل الصرامة والبطولة التي دفع ثمنها آخرون غاليا.
إن للهيأة اليوم وضعها الاعتباري كمؤسسة دستورية، وتمتلك الترسانة القانونية اللازمة، لكن تنقصها الشجاعة كي تعبر عن موقف تقدمي حداثي أو موقف رجعي متخلف ..الأمر سيان.. المهم أن تعبر عن موقفها أو كما يقول نزار قباني : إختاري لوبيز .. أو غير لوبيز.. فجُبنٌ ألا تختاري.. لا توجدُ منطقةٌ وسطى .. ما بينَ الجنّةِ والنارِ.. إرمي أوراقكِ كاملةً.. وسأرضى عن أيِّ قرارِ.. قولي. إنفعلي. إنفجري .. لا تقفي مثلَ المسمارِ..