تدخل المساعدات ببطء إلى المناطق المنكوبة في تركيا وسوريا، السبت، حيث يبذل المسعفون جهودا مضنية لسحب أطفال من بين ردم المباني التي دمرت في زلزال عنيف ضرب يوم الإثنين وارتفعت حصيلة ضحاياه إلى أكثر من 24 ألف قتيل.
ويعيق الطقس الشديد البرودة في المناطق المتضررة جهود الإنقاذ ويفاقم معاناة ملايين الأشخاص، غالبيتهم بأمس الحاجة للمساعدة.
ويحتاج 870 ألف شخص على الأقل بشكل عاجل لمواد غذائية في البلدين بعد الزلزال الذي شرّد ما يصل إلى 5,3 ملايين شخص في سوريا وحدها، على ما حذرت الأمم المتحدة.
وتسببت الهزات الارتدادية التي أعقبت الزلزال الذي بلغت قوته 7,8 درجات، بسقوط مزيد الضحايا وقلبت حياة الناجين رأسا على عقب.
وقالت فيدان توران المتقاعدة في مدينة أنطاكية جنوب تركيا “عندما أرى المباني المدمرة والجثث، لا يمكنني أن أفكر أين سأكون بعد سنتين أو ثلاث لا بل لا أتصور أين سأكون غدا”.
أضافت دامعة “فقدت 60 من أفراد عائلتي وأقاربي، ستون، ماذا أستطيع أن أقول؟ إنها مشيئة الله”.
ووجه برنامج الأغذية التابع للأم المتحدة نداء للحصول على 77 مليون دولار لتوفير حصص غذائية لأكثر من 590 ألف نازح إضافي في تركيا و284 ألفا في سوريا.
من بين أولئك 545 ألف نازح في الداخل و45 ألف لاجئ.
– تسهيل إيصال المساعدات والإغاثة –
حضت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة الجمعة جميع الأطراف في المناطق المتضررة، حيث تنشط فصائل كردية وأخرى للمعارضة السورية، على تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية.
وأعلن حزب العمال الكردستاني المحظور، الذي تعتبره أنقرة وحلفاؤها الغربيون منظمة إرهابية، تعليقا مؤقتا للقتال لتسهيل أعمال الإغاثة.
وفي شمال غرب سوريا الخاضع لسيطرة فصائل معارضة، يعتمد قرابة أربعة ملايين شخص على مساعدات إنسانية لكن أيا من تلك المساعدات لم تصل من مناطق سيطرة الحكومة منذ ثلاثة أسابيع.
وقالت الحكومة السورية إنها وافقت على تسليم معونات إنسانية إلى المناطق التي ضربها الزلزال والواقعة خارج سيطرتها.
وقافلتا مساعدات فقط عبرتا الحدود هذا الأسبوع من تركيا، حيث تنهمك السلطات في عملية إغاثة أكبر حجما.
وأدت عشر سنوات من الحرب والقصف الجوي السوري-الروسي إلى تدمير مستشفيات وتسببت بنقص في إمدادات الماء والكهرباء.
وحض الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مجلس الأمن على السماح بفتح نقاط عبور إنسانية جديدة بين تركيا وسوريا. وسيجتمع المجلس لمناقشة مسألة سوريا، في مطلع الأسبوع القادم ربما.
وقالت تركيا إنها تعمل على فتح طريقين جديدين يؤديان إلى مناطق خاضعة لسيطرة المعارضة في سوريا.
وأرغم الشتاء البارد آلاف الناس على المبيت إما في سياراتهم أو طلب الدفء حول نيران مشتعلة باتت مشهدا متكررا في أنحاء المنطقة المنكوبة.
تصاعد الغضب
وتحول الحزن والأسى المتراكم منذ خمسة أيام، إلى غضب إزاء رداءة نوعية البناء واستجابة الحكومة التركية إلى أسوأ كارثة تشهدها المنطقة منذ نحو قرن.
وقال المسؤولون الأتراك إن 12141 مبنى إما دمرت أو تضررت بشدة من جراء الزلزال.
وقال الاستاذ في جامعة بوغازيتشي ومقرها اسطنبول، مصطفى إرديك، إن “أرضيات المباني تساقطت فوق بعضها البعض” ما يعني أن فرص العثور على أحياء ضئيلة.
اعتقلت الشرطة الجمعة مقاولا حاول الهرب من البلاد بعد أن انهارت بنايته في الزلزال الكارثي.
والزلزال هو الأعنف والأشد منذ مصرع 33 ألف شخص في زلزال بشدة 7,8 درجات في 1939.
وقال مسؤولون رسميون وطبيون إن 20665 شخصا لقوا حتفهم في تركيا و3553 في سوريا، ما يرفع الحصيلة المؤكدة الآن إلى 24218 قتيلا.
وتصاعد الغضب إزاء استجابة الحكومة التركية للكارثة، ما أدى إلى تغير مسار الانتخابات الرئيسية المرتقبة في يونيو.
وقال هكان تانرفيردي لوكالة فرانس برس في محافظة أديامان “الناس الذين لم يموتوا في الزلزال تركوا ليموتوا بسبب البرد”.
– أطفال قبارصة –
إحدى المآسي العديدة التي حلت كانت مقتل 24 طفلا قبرصيا تتراوح أعمارهم بين 11 و14 عاما، كانوا في تركيا لمنافسة رياضية عندما دمر الزلزال فندقهم.
وأعيدت جثامين عشرة منهم إلى ديارهم في الشطر الشمالي من قبرص.
وذكرت وسائل إعلام تركية أن 19 شخصا على الأقل في المجموعة التي كان من بينها 15 مرافقا من البالغين، لقوا مصرعهم.