بإحداث “مركز للعناية والتربية المحيطة بالولادة” تم استكمال ملامح المنظومة الصحية لأحد أقطاب التميز الذي أعده المستشفى الجامعي الدولي محمد السادس ببوسكورة، من أجل العناية بالأوضاع الصحية والنفسية للنساء، وتحسين ظروف العلاج والولادة في شكلها الطبيعي.
وبانخراطه في هذه المبادرة تمكن المستشفى من إرساء سلسلة من البرامج على شكل بروتوكول طبي وتوعوي، غايته مصاحبة الزوجين، خاصة الجدد خلال فترة ما بين الحمل وما بعد الولادة، وذلك إسهاما منه في خلق جو للتعايش، والتكيف مع هذا الوضع المستجد، وتوطيد أواصر العلاقة التي تجمع بين الزوجين استعدادا لاستقبال مولودهما الجديد في أحسن الأحوال.
وخلال جولة استطلاعية للوقوف على مرافق ومؤهلات “قطب المرأة – الأم – الطفل – حديثي الولادة” بالمستشفى، أكد البروفسور عادل الغانمي، الأخصائي في أمراض النساء والتوليد، المشرف عن الشق الطبي كمنسق، في تصريح للقناة الإخبارية (M24) التابعة لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المركز المحدث جاء لتعزيز الخدمات المتنوعة التي يقدمها الساهرون على مختلف حلقات سلسلة هذه المنظومة الصحية.
وأشار إلى أن القطب يتكون، إلى جانب “مركز للعناية والتربية المحيطة بالولادة”، من خمس قاعات للاستشارات، والعلاج الطبي، وست قاعات للولادة الطبيعية و11 قاعة للولادة القيصرية، إلى جانب جناح لاستقبال النساء والأطفال حديثي الولادة، بما في ذلك الخدج، حيث يعتمد في هذا القطب على طاقم طبي وشبه طبي في مختلف التخصصات ذات الصلة، وعلى أحدث التقنيات والتجهيزات الدقيقة الموصى بها وفقا للمعايير الدولية التي سنتها منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسكو.
وفي هذا الصدد، أوضح البروفسور الغانمي أن إنشاء هذا المركز نابع عن الرغبة في تجويد خدمات المستشفى بهذا القطب، وذلك عبر العمل على تجسيد برنامج “مبادرة – مستشفى- صديق – رضيع” المختزلة في كلمة “إهاب – IHAB”، والذي حقق، ضمن الأهداف المسطرة، حتى الآن، ما بنسبته تفوق 80 في المائة في أفق استكمالها عما قريب من أجل الظفر بهذه العلامة للتميز.
من ناحية أخرى، وبالموازاة مع الجانب الطبي، قالت المؤطرة زهرة بوشيبتي، المستشارة في مجال الحمل والولادة وما بعد الولادة، في تصريح مماثل إن المركز يوفر باقة من الأنشطة التحسيسية والتوعوية المصحوبة بجملة من الحركات الرياضية البسيطة التي تخضع لها المرأة الحامل عبر برنامجين محوريين أولهما يخص التحضير للولادة وفترة النفاس، والآخر يتعلق بالتحضير للرضاعة الطبيعية.
وفي ما يخص الشق الأول، أفادت أن الأمر يتعلق في الشق الأول بـ6 إلى 7 حصص للتحضير للولادة، إذ يتم إطلاع المستفيدات في شكل مجموعات على الأساليب الكفيلة بإنعاش هرمونات الولادة للتخفيف من وطأتها، كما تتلقى النساء الحوامل فكرة عامة حول تقنيات التنفس المثلى، أثناء المخاض، ومختلف وضعيات الوضع، فضلا عن سبل التعامل في فترة النفاس وطبيعة التغذية الصحية السليمة إلى جانب تمكينهن من نظرة شاملة حول الظروف التي تمر منها عملية الإنجاب.
أما الشق الثاني فيتم الارتكاز فيه، من خلال حصتين لما بعد الولادة، على أهمية الرضاعة الطبيعية، ومزاياها المتعددة، سواء بالنسبة للطفل أو الأم وغيرها من المحاور ذات الصلة، منها كيفية الإرضاع دون الإحساس بالألم ووضعية حمل الرضيع للاستفادة من الحليب الكافي إلى جانب الكشف عن جملة من الحلول المقترحة لتخطي مختلف المشاكل التي قد تعترض المرأة في فترة الرضاعة.
وفي شهادة حية لإحدى الأمهات الجدد، اعتبرت هناء غزال عناصر الحصة الأولى التي استفادت منها عبر هذا المركز الجديد بمثابة تجربة فريدة اطلعت من خلالها رفقة باقي المستفيدات على أهم الطرق التي يمكن اعتمادها في مجال الرضاعة الطبيعية وكيفية التعامل مع الرضيع خاصة خلال الأيام الأولى التي تعقب مرحلة الولادة.
وكشفت على أن هذه الدروس التوعوية التي تجمع بين النظري والتطبيقي مكنتها من التخلص من سلسلة من الأفكار الخاطئة التي ظلت عالقة في ذهنها دون الاستناد على ركائز علمية أو طبية.
وحسب المعطيات العلمية والطبية، فالمرأة الحامل تبقى في حاجة للرعاية المكثفة خاصة وأنها تمر حينها بتقلبات مزاجية نابعة من سرعة التغير في الهرمونات، وسلسلة من المتاعب الجسدية من قبيل الإحساس بالإرهاق والغثيان المتكرر وصعوبة النوم، فضلا عن التغير الذي يحصل في شكل جسم المرأة الحامل.
ويشار إلى أن “مركز العناية والتربية المحيطة بالولادة” يبقى مفتوحا في وجه النساء الراغبات في الاستفادة من خدماته ابتداء من أواخر الشهر السابع من الحمل من أجل تهيئ جو عائلي ينخرط فيه الزوج والزوجة بمساندة من الطاقم الطبي وشبه الطبي.
ولهذا الغرض فقد أمن المستشفى مجموعة من المسالك والقنوات للتواصل سواء عبر الهاتف أو عن طريق موقعه الإلكتروني أو من خلال التواصل المباشر، وذلك تحضيرا لاحتواء مختلف مراحل الحمل وحتى عمليات الولادة المحفوفة بالمخاطر للحد من آثارها الجانبية.