كتبت صحيفة “العرب” اللندنية، في عددها الصادر اليوم الأحد، أن المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي رفض اعتماد مشروع “الاستراتيجية والإطار السياسي لشراكات دول الاتحاد الأفريقي”، الذي يهدف ظاهريا إلى فتح المجال أمام مشاركة واسعة في جميع المؤتمرات والقمم التي تتعلق بشراكات الاتحاد.
وأوضحت الصحيفة، في مقال تحت عنوان “مناورة جزائرية فاشلة لتأمين حضور البوليساريو في شراكات الاتحاد الإفريقي”، أن هذا المشروع الذي تقف خلفه الجزائر، وعدد من القوى الداعمة لها، يستهدف في واقع الأمر مأسسة إشراك بعض الكيانات، ومن بينها جبهة البوليساريو الانفصالية في الشراكات الدولية التي ينسجها الاتحاد الأفريقي.
وأبرزت أن المغرب تصدى بجانب العديد من الدول الأفريقية لهذا المشروع الملغوم الذي يستهدف فرض الكيانات الانفصالية على أرض الواقع.
وباتخاذ هذا القرار، تضيف الصحيفة، أفشل المغرب المناورات الجزائرية المدعومة من دولة جنوب أفريقيا، موضحة أن الأمر يتعلق بمحاولة مكشوفة لتأمين مشاركة البوليساريو، في انتهاك لقرارات رؤساء الدول الأفريقية المشرفة على هذه المشاركة.
ونقلت “العرب” اللندنية، عن الباحث في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، محمد الطيار، أن “المحاولات الحثيثة من طرف الجزائر لتكريس تواجد البوليساريو داخل الاتحاد الأفريقي، جاءت بعدما استشعرت اقتراب دول الاتحاد من الاتفاق على طرد الجبهة قريبا”.
وذكر في هذا السياق أن “النصاب القانوني الذي يسمح بذلك لم يعد بعيدا، وسيتم بذلك وضع حد للمناورات الجزائرية، التي أصبحت تشكل مصدر قلق كبير للمنظمة الأفريقية، وتعرقل كل المجهودات الرامية إلى تحرر الشعوب الأفريقية من قبضة الفقر والهشاشة والصراعات المختلفة.”
ولفت المقال إلى أن المشروع المثير للجدل يستهدف تأمين حضور أكبر للبوليساريو داخل المؤتمرات والاجتماعات التي يحضرها الاتحاد الأفريقي مع شركائه في أوروبا وآسيا وغيرهما، ويضمن بشكل صريح ألا يكون هناك اعتراض على مشاركة الجبهة الانفصالية، سواء من طرف المغرب أو دول أفريقية أخرى ترفض وجود الكيان داخل هياكل الاتحاد.
وشدد على أن الدول الأفريقية أصبحت تعي جيدا أن وجود جبهة “البوليساريو” داخل أروقة الاتحاد يفوت عليها الكثير من فرص التنمية، ويعيق عقد شراكات وازنة، كما هو الحال في القمة الأفريقية – اليابانية، التي تم تنظيمها في تونس، في الصيف الماضي، وعرفت فشلا ذريعا، بسبب إقحام الجبهة في أعمالها، في انتهاك لقوانين الاتحاد الأفريقي.
كما ذكر بإقصاء البوليساريو من القمة الأميركية – الأفريقية، في دجنبر الماضي، والتي حضرها نحو 50 من قادة دول القارة السمراء.
وفي ذات السياق، أشارت الصحيفة إلى أنه خلال أعمال القمة السادسة للاتحاد الافريقي – الاتحاد الأوروبي، في فبراير 2022، عمم الاتحاد الأوروبي بيانا جدد فيه التأكيد على موقفه الثابت والراسخ بعدم اعترافه بالجمهورية الوهمية، لافتة إلى أنه “استشعارا للإزعاج الذي سببه حضور غالي فيه داخل المؤسسات الأوروبية، كان على المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي التأكيد على أن هذا الموقف لا يشوبه أي غموض”.
وأكدت أنه مقابل الاعتراض على المشروع الذي يهدف إلى تأمين حضور البوليساريو في شراكات الاتحاد، قرر المجلس التنفيذي للاتحاد دعم الترشيحات المغربية الحالية في المنظومة الدولية، منها ترشيحه لعضوية مجلس المنظمة البحرية الدولية للفترة 2024 – 2025، واللجنة الأممية المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، ودعم ترشيح المغرب لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للفترة 2028 – 2029.
وخلصت الصحيفة إلى أن المملكة المغربية حريصة على العمل مع الدول الأفريقية لتحقيق أهداف الأجندة القارية الهادفة إلى جعل أفريقيا دينامية قوية وديمقراطية ومستدامة، والتصدي للتهديدات والمخاطر المناخية، والإجراءات الكثيرة التي قامت بها المملكة والتي تترجم هذا الحرص، محذرة من أن تواجد كيان وهمي انفصالي داخل كل شراكات الاتحاد الأفريقي التنموية، لا يخدم سوى أجندة القوى الاستعمارية التي تحرص على بقاء أفريقيا مقسمة وهشة لتستمر في استنزاف مقدرات شعوبها.