قال عبدالواحد البيضوري، الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة فرع برشيد، المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، إن مستشفى الرازي للطب النفسي يعيش على وقع احتقان اجتماعي خطير، لم يسبق له مثيل، كاشفا حقيقة استقالات أطر طبية، حيث أقدمت 3 طبيبات متخصصات في الصحة النفسية، على هروب جماعي من المستشفى بصفة نهائية، وليس كما روج أنهن قدمن استقالتهن.
في هذا الإطار، أوضح البيضوري، خلال لقاء مطول مع موقع “إحاطة.ما”، فجر خلاله حقائق واختلالات صادمة يسبح في مستنقعها مستشفى الرازي للأمراض النفسية، مشددا أن الطبيبات الـ3، تعرضن قبل إقدامهن على الفرار، لمجموعة من المضايقات والإضطهاد، من طرف مدير المستشفى بالنيابة، تعرضن خلاله للويلات وللاحتراق النفسي، وهو ما دفعهن للهروب الجماعي وبصفة نهائية.
كما نفى عبدالواحد البيضوري، الكاتب الإقليمي للجامعة الوطنية للصحة فرع برشيد، نفيا باتا، أن تكون جرت هناك أي محاولة للصلح مع الطبيبات، للعدول عن قرارهن، لافتا أن احدى الطبيبات الثلاثة تعرضت لأزمة نفسية، تتلقى على إثرها متابعة طبية.
وأضاف البيضوري أنه: “في الوقت الذي قطعت فيه بلادنا أشواطا مهمة في مجال حقوق الإنسان، وفي الوقت الذي ينتظر فيه المواطنون ومهني الصحة إنجاح ورش الحماية الإجتماعية، تحت قيادة الملك محمد السادس، والذي يولي اهتماما كبيرا لمهني الصحة عبر الإصلاح الجذري للقطاع، انتظرنا ومعنا المواطنون بشغف وتفاؤل كبيرين زيارة المدير الجهوي لمستشفى الرازي للطب النفسي، أملا في إعطاء إشارات إيجابية حول تنزيل هذا الورش على أرض الواقع، لنتجاوز معا الوضع الكارثي الذي يعيشه هذا المستشفى، لنتفاجأ أن موضوع الزيارة لا يتعلق بخروقات المدير بالنيابة، الذي تم تعيينه حديثا والذي أصبح حديث الساعة بالإقليم، وإنما بشخص يرعى أغنامه داخل المستشفى، في تجاهل تام لقرارات المدير بالنيابة، التي لا تمت للتسير الإداري بصلة، مما يكرس جوا من الفوضى والعبث، ناهيك عن ضياع حقوق المرضى والمرتفقين الذين يقفون منذ الساعات المبكرة، على شكل مجموعات دون الاهتمام بحالاتهم التي يرثى لها”.
في نفس الاتجاه، أشار البيضوري: “نبهنا المدير الجهوي مرارا وتكرار من مغبة تعيينه، نظرا لتاريخه الإداري السلبي، إلا أن تنبيهاتنا لم تؤخد على محمل الجد، وتم تعيينه بالفعل، ليتم بعدها مباشرة فتح قنوات الحوار مع المديرية الجهوية، والمندوبية الإقليمية لإتخاد الإجراءات اللازمة، ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه، إلى أننا فوجئنا بعد أن تم فتح باب الترشيح لشغل منصب مدير مستشفى الرازي للطب النفسي، بعدم قبول المترشح الوحيد للمنصب من طرف المدير الجهوي، بعد اجتيازه المقابلة، وبعد أن امتنع المدير بالنيابة عن وضع ترشيحه، ما جعلنا نطرح أكثر من علامة استفهام”.
وواصل البيضوري: “الأمر الذي أعطى الشرعية لهذا الأخير، للتمادي في تعسفه اتجاه الموظفين، ونهج سياسة الاستعباد والقهر، اتجاه الموظفين والمرضى الذين لا حول لهم ولا قوة، وغيابه المتواصل عن مقر عمله خلال أوقات العمل العادية، ليحضر خارجها من أجل انتقاء المرضى قصد معاينتهم بمكتبه”.
وفجر البيضوري أيضا، حقائق خطيرة، متمثلة في إيداع هذا الأخير، للمرضى المتابعين قضائيا، مع المرضى كبار السن والمتخلى عنهم بنفس المصحة، لافتا أن هذا الأمر، يجعلهم عرضة لشتى أنواع الاعتداءات، ناهيك عن امتناعه عن القيام بالزيارات لهم يجعلهم في حالة هيجان متواصل معرضا حياتهم وحياة الممرضين للخطر، علاوة على امتناعه عن القيام بالإجراءات القانونية قصد تسهيل مغادرة المرضى المتابعين قضائيا المستكملين لمدة علاجهم بالمستشفى.
كما سلط البيضوري الضوء على اختلال خطير، يتعلق برفض المدير بالنيابة تشغيل مصلحة العلاج الترفيهي “Ergothérapie”، والتي صرفت عليها أموال المبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2 مليون درهم)، رغم توصيات عامل إقليم برشيد، والتي تعرضت للنهب والسرقة والتخريب بدعوى أنها غير تابعة للمستشفى، حسب تعبيره.
وتنضاف إلى خروقات المدير بالنيابة، حسب البيضوري، تستره بشكل واضح على الموظفين الأشباح “خصوصا الذين كانوا يعملون بمصلحة الاستقبال، مما يعرقل السير العادي لمصلحة المستعجلات، وخصوصا الأرشيف، وكذا تستره على الغيابات المتكررة لبعض الموظفين، ودعمه للرافضين أداء مهامهم مقابل التضييق على الموظفين الأكفاء والمواظبين.
في نفس الاتجاه، ذهب حسن الرامي الكاتب الإقليمي وعضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية “FDT” فرع برشيد: “بالنسبة لموضوع الأوضاع المزرية والإفلاس الذي يعاني منه مستشفى الرازي للطب النفسي، أكاد أجزم أن الإجهاز على هذه المؤسسة الصحية العريقة المتخصصة في مجال الصحة النفسية، وتهميشها يتم بشكل ممنهج، حيث أن المستشفى سابقا كان يحضى بأهمية كبرى، تتجلى في توفره على استقلالية مالية وإدارية ويتوفر على أطباء متخصصين في الصحة النفسية، وكان عددهم، حتى الأمس القريب، ستة أطباء، وطبيبتين في الطب العام، وعدد كبير من الممرضين المتخصصين كذلك في الصحة النفسية، فيما، اليوم بقدرة قادر، رغم استقباله للمزيد من المرضى القادمين من مختلف سجون المملكة، وكذلك القادمين من الولي الصالح بويا عمر، في إطار عملية كرامة، بات لا يتوفر إلا على طبيب واحد يقوم بجميع المهام، بعد مغادرة الطبيبات الخمس، فالواحدة تم تنقيلها الى الدارالبيضاء، وأخرى قدمت استقالتها، وفتحت لها عيادة خاصة، أما الثلات المتبقيات، فبعد وضعهن لشهادات طبية مدتها عشرة أيام في نفس الوقت والزمن، فضلن عدم الإلتحاق بالعمل، نظرا لما كانوا يعانونه من ضغوطات في العمل، وعدم توفر شروط الاشتغال الملائمة، والتهديد الدي يتعرضن له من طرف بعض المرضى المدمنين”.
وأضاف الرامي: “من جهة أخرى قام مدير المركز الاستشفائي الإقليمي، عندما كان مديرا بالنيابة بهذا المستشفى بالإجهاز على ما تبقى من الموارد البشرية، حيث قام بتنقيل ممرضات متخصصات في الصحة النفسية والطبيبة العامة المحسوبات على المستشفى للعمل بمصلحة الطب، وهذا يتنافى مع القانون..وهنالك الآن خصاص ونقص حاد في الموارد البشرية…”.
وخلص الرامي: “وهنا نتساءل ومعنا الشغيلة الصحية، ما موقف الوزارة الوصية والمديرية الجهوية من هذا الوضع الشاذ الدي يسائل المسؤولين عن الأمن الصحي بالإقليم، وهل من تدخل لإصلاح ما أفسده الزمن؟ و هل دور لجان التفتيش المركزية التي حلت بهذا المستشفى مراقبة من جاء متأخرا للعمل، في الوقت الدي يغرق فيه المستشفى في مشاكل كبرى، تؤثر بشكل مباشر على المواطن وعلى العرض الصحي بشكل عام ؟”.
ويشار إلى أن موقع “إحاطة.ما”، تواصل مع المندوب الإقليمي لوزارة الصحة ببرشيد، ليدلو بدلوه في الموضوع، وأبدى استعداده بصدر رحب، حيث أخبرنا بأنه سيتصل بنا في وقت لاحق، لتقديم تصريح في هذا الشأن.