أ.ف.ب
تتفاوض حوالى مئة دولة مؤيدة للاستغناء التدريجي عن الوقود الأحفوري، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي والكثير من الدول الجزرية، في دبي في اليوم الأخير من مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ سعيًا للتوصل إلى اتفاق في ظل معارضة بلدان منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وعلى رأسها السعودية.
لكن لا يوجد ما يشير إلى أن الإمارات ستنجح في تحقيق التوافق، الثلاثاء، مع تجاوز الموعد النهائي الذي حدده عند الحادية عشرة (السابعة ت.غ) الأسبوع الماضي رئيس مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (كوب28) سلطان الجابر، كما توقع الكثير من المفاوضين.
اقترحت الرئاسة الإماراتية لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، الاثنين، مسودة اتفاق جديدة بدا أنها تراعي مطالب الدول المنتجة للنفط، ولكن سرعان ما جاءت ردود الفعل لتعبر عن عدم كفايته على لسان الأوروبيين والأميركيين فيما استنكره العديد من دول جنوب أميركا والدول الجزرية الصغيرة المهددة بالغرق مع ارتفاع مياه المحيط.
وتترك الوثيقة التي اقترحها رئيس شركة النفط والغاز الإماراتية “أدنوك”، للدول الحرية في اختيار طريقتها “لخفض” استهلاك الوقود الأحفوري وإنتاجه، فيما خلت صفحاتها الاحدى والعشرون من تحديد أي هدف مشترك يتمثل في “الاستغناء” عن النفط والغاز والفحم الذي ورد في مسودات سابقة.
وقال جوزيف سيكولو، المسؤول عن منطقة المحيط الهادئ في منظمة 350.org غير الحكومية، إن النص “غير مقبول وأقل بكثير من الطموح اللازم لإبقاء جزرنا فوق سطح الماء. … إنه إهانة لمن أتوا إلى هنا ليناضلوا من أجل البقاء”.
صباح الثلاثاء، اجتمع المندوبون الأوروبيون مثل كل يوم لتنسيق موقفهم، فيما كان سائر الدبلوماسيين والوزراء الذين وصلوا الليل بالنهار يبحثون عن سبل تمكنهم من إحراز تقدم والتوصل إلى صيغة تتضمن قدرًا أكبر من الإلزام.
ومع توقع المندوبين صدور نسخة جديدة بعد المفاوضات الليلية في اليوم الثالث عشر لمؤتمر دبي، يبدو أن سلطان الجابر لن يتمكن من تحقيق وعده باختتام المؤتمر في الذكرى الثامنة للتوقيع على اتفاق باريس في 2015.
هذا ليس بالنبأ السار للمفاوضين المنهكين وللوفود الصغيرة التي لا تملك دائما الوسائل اللازمة لتمديد فترة إقامتها. لكن مندوبة من جزر مارشال قالت لوكالة فرانس برس إنهم باقون “حتى النهاية”.
بدورها، قالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، “نحن مستعدون للبقاء لفترة أطول قليلاً”.
ويتعين حاليا إيجاد صيغة توافقية بين حوالى 200 دولة مشاركة في مؤتمر الأطراف فيما تعارض أقلية من الدول المنتجة للنفط والغاز، وعلى رأسها السعودية، أي تطرق صريح إلى الوقود الأحفوري الذي يعد مصدرا رئيسيا لعائداتها.
من جهته اعتبر الاتحاد الأوروبي النص “غير كافٍ” فيما دعت الولايات المتحدة إلى “تقويته”. أما المنظمات غير الحكومية والخبراء فاستنكروا إدراج خيارات غير ملزمة تشبه “قائمة تسوق” أو “قائمة انتقائية” لأنها تضع كل التقنيات على مستوى واحد سواء تعلق الأمر بتطوير تقنيات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية والهيدروجين أو تكنولوجيا احتجاز الكربون. وهذه التكنولوجيا الأخيرة ما زالت غير ناضجة وتأثيرها سيكون ضعيفا خلال العقد الحالي الحاسم. ولكن قطاع النفط هو أكبر المروجين لها.
وقال أحد المفاوضين الغربيين “أستغرب غياب الطموح”.
لكنّ مصدرا في الرئاسة الإماراتية لمؤتمر كوب28 رأى في كلّ هذا “حركة أولى ينبغي الانطلاق منها والبناء عليها”، مشبها الأمر بلعبة الشطرنج.
وأقرّ سلطان الجابر خلال مؤتمر صحافي، مساء الاثنين، “نعم حقّقنا تقدما ولكن ما زال أمامنا الكثير من العمل”.
وتتّجه الأنظار أيضا إلى الصين والولايات المتحدة، البلدين المسؤولين عن 41% من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم. ففي نونبر، أصدرت الدولتان إعلانا مشتركا تجنّب التطرق إلى “الاستغناء” عن الوقود الأحفوري واستعاض عن ذلك بالقول إنّ الطاقات المتجّددة من طاقة شمسية وطاقة الرياح… ينبغي أن تحلّ محلّ الطاقات الأحفورية تدريجا.
بالمثل ما زال التقدم في تحقيق أهداف الطاقة معلقاً وخصوصا في ما يتصل بالتكيف مع تداعيات الاحترار العالمي وتوفير المساعدات المالية للدول النامية لإقناع دول الجنوب بقبول الاتفاق.
وقالت كايسي فلين، المديرة العالمية للتغير المناخي لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الثلاثاء، إنه لا بد أن يتضمن النص “تعهدات على المستوى الذي يساعد البلدان النامية على التحول نحو الطاقة النظيفة والقدرة على التكيف مع تأثيرات المناخ. في الوقت الحالي لا نرى هذا”.
وأضافت في تصريح لوكالة فرانس برس “أزمة المناخ على الأبواب والدول النامية تحتاج إلى الدعم لتكون قادرة على الصمود… ويجب أن يشكل هذا النص بداية حقبة طموحة تضع فيها الدول تعهداتها على الطاولة”.