أوصى المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي 2022-2023، بتعزيز المنظومة القانونية بشأن مسطرة إعداد وتنفيذ وتقييم برامج واتفاقيات التنمية الترابية المندمجة، مع الحرص على ترتيب الأولويات.
كما شدد على أهمية تجويد آليات الاستهداف عوض المقاربة الكمية التي قد تؤدي إلى تشتيت الجهود والاعتمادات المالية دون تحقيق الأثر المرجو، وعلى ضمان التقائية هذه البرامج وانسجامها من خلال الأخذ في الاعتبار مختلف الاستراتيجيات ووثائق التخطيط ذات البعد الوطني أو الترابي، وتصور طرق التدبير ومؤشرات قياس الأثر بشكل قبلي.
وحث المجلس، في شق التنمية المجالية وتدبير المرافق العمومية الترابية من تقريره السنوي برسم سنتي 2022 – 2023، الذي تضمن خلاصات ما مجموعه 259 مهمة رقابية أنجزتها المحاكم المالية، منها 230 مهمة منجزة من طرف المجالس الجهوية للحسابات، على تفعيل أدوار اللجان الدائمة على مستوى العمالات والأقاليم ووضع لوحة قيادة استشرافية لكل برنامج، تنبني على نظام معلوماتي متكامل يتضمن أهدافا واضحة ومؤشرات قابلة للقياس وموثوقة، وكذا الحرص على التكوين المستمر للموارد البشرية المكلفة بتدبير المشاريع.
وسجل المجلس، بخصوص تقييم برامج واتفاقيات التنمية المندمجة (236 برنامجا واتفاقية بغلاف مالي إجمالي قدره 225 مليار درهم)، بما في ذلك تلك الموقعة أمام أنظار الملك محمد السادس (78 برنامجا واتفاقية بكلفة إجمالية فاقت 180,5 مليار درهم)، غياب منظومة قانونية مؤطرة لجميع مراحل هذه البرامج والاتفاقيات ومتضمنة لنماذج تدبيرية ونماذج حكامة خاصة بها وآليات تضمن التقائيتها وانسجامها مع باقي وثائق التخطيط العمومي، فضلا عن تسجيل نقائص بخصوص تتبع وقيادة هذه البرامج وعدم تفعيل آليات تقييم الأثر وقياس مؤشرات الأهداف المراد تحقيقها.
من جهة أخرى، أكد التقرير على أنه ورغم المجهودات الهامة المبذولة من طرف السلطات العمومية من أجل إحداث ومواكبة شركات التنمية المحلية، فإن هذا النمط من التدبير لم يحقق كامل الأهداف المرجوة وما زال قابلا للتحسين وبحاجة إلى مزيد من الضبط والترشيد، حيث أوصى المجلس الأعلى للحسابات، في هذا الإطار، بالتأكد من جدوى إحداث شركات التنمية المحلية من خلال دراسات مالية واقتصادية ودراسات مقارنة مع باقي أنماط التدبير وعبر تحديد الحاجيات على المدى البعيد، مع الأخذ بعين الاعتبار الوسائل والإمكانيات المتاحة.
كما دعا إلى مواكبة الجماعات الترابية للرفع من أدائها على مستوى الجمعيات العمومية والمجالس الإدارية لشركات التنمية المحلية وعلى مستوى صياغة الاتفاقيات وتتبعها.
وفيما يتعلق بالنقل الحضري وشبه الحضري بواسطة الحافلات، سجل المجلس، بخصوص آليات الدعم العمومي المخصصة من قبل السلطات العمومية لفائدة شركات الاستغلال، أن التوازن الاقتصادي والمالي لعقود التدبير المفوض لهذا المرفق يواجه مجموعة من الصعوبات، كما تبقى النتائج المرجوة والأثر المتوخى من الإعانات الممنوحة، في هذا الإطار، غير دقيقة، فضلا عن كون آليات تدبير وتتبع صرف دعم النقل المدرسي والجامعي تتسم بقصور على مستوى تأطير الإجراءات المتعلقة بالتتبع والمراقبة للوقاية من المخاطر ذات الأثر المالي.
ولذلك، أوصى المجلس الأعلى للحسابات بالعمل على بلورة رؤية استراتيجية مندمجة ومستدامة لآليات الدعم العمومي من خلال ربطها بتوجهات الاستراتيجية الوطنية للتنقلات الحضرية بهدف إرساء الشروط اللازمة لتعزيز التوازن المالي لعقود التدبير المفوض ووضع إطار وطني توجيهي يوثق كيفيات تنظيم ومنح وتتبع الدعم الخاص بالاستثمار الأولي، وكذا بضرورة مراجعة آليات المراقبة والتتبع الخاصة بمنح دعم التعويض الخاص بالنقل المدرسي والجامعي، واشتراط اعتماد الشركات المستفيدة من الدعم لنظام معلوماتي يمكن المصالح الدائمة للمراقبة من التحقق من موثوقية البيانات المصرح بها.
وبخصوص الأسواق الأسبوعية، سجل المجلس ضرورة مقاربة هيكلتها في إطار منظور إصلاحي متكامل يغطي بشكل متواز ودامج أسواق البيع بالجملة للخضر والفواكه والمجازر، وإعادة تأهيل بنياتها التحتية وتبني أساليب التدبير الحديثة للرفع من جودة الخدمات، فضلا عن أهمية النهوض بالاقتصاد الاجتماعي والتضامني وصون التراث الثقافي الل امادي داخل الأسواق الأسبوعية في إطار رؤية وطنية وترابية منسجمة ومتناسقة.
وأوصى المجلس، في هذا الصدد، بوضع إطار قانوني خاص يغطي الجوانب المتعلقة بإحداث وتنظيم وإعادة توطين الأسواق الأسبوعية، وبالتسريع باعتماد تصميم مديري وطني خاص بهذه الأسواق، يرمي إلى إعادة هيكلتها وتطوير تجهيزاتها وفق نظام مرجعي يأخذ بعين الاعتبار تحسين أدائها، وكذا بجرد وصون التراث الثقافي اللامادي للأسواق الأسبوعية وخصوصياتها المحلية وأخذه بعين الاعتبار عند بلورة البرامج العمومية الهادفة لتحديثها.