أثارت الدعوات التي أطلقها الجيش والحكومة السويديان إلى الاستعداد للحرب جدلا حادا وموجات من التسوق الاحتياطي وتصاعدا للقلق بين الأطفال. هذا، ويذكر أن السويد لم تشارك في أي نزاع مسلح منذ حروب نابليون، ومعظم السويديين لا يعرفون أي شيء عن وقائع الحرب.
صرح وزير الدفاع المدني السويدي، كارل أوسكار بوهلين، في مؤتمر حول الدفاع، الأحد الماضي، قائلا “قد تحدث حرب في السويد” وحذر من أي تراخ في هذا المجال.
وبعدها بأيام طرح القائد الأعلى للقوات المسلحة السويدية، ميكايل بيدن، الفكرة نفسها، وعرض منازل محترقة ومدمرة جراء القصف في أوكرانيا. وسأل “هل تعتقدون أن هذه يمكن أن تكون السويد؟”، مؤكدا أنه لا يطرح مجرد سؤال بسيط.
وقال إن “حرب روسيا ضد أوكرانيا هي مرحلة وليست هدفا نهائيا، فالهدف هو إنشاء منطقة نفوذ وتدمير النظام العالمي القائم على نظم محددة”. كما شدد قائد الجيش على أن السويديين “يجب أن يستعدوا نفسيا للحرب”.
هذا، ويذكر أن السويد بالإضافة إلى ترشحها للناتو، وقعت اتفاقا في بداية ديسمبر الماضي يسمح للولايات المتحدة باستخدام 17 قاعدة عسكرية على أراضيها.
ارتفاع مستوى القلق لدى الأطفال
وبعد هذه التصريحات التي تلتها تعليقات واسعة، أشارت المنظمة غير الحكومية “بريس” التي تعنى بحقوق الأطفال إلى أنها سجلت زيادة كبيرة في عدد الاتصالات الهاتفية بخط الطوارئ الخاص بها من أطفال قلقين من احتمالات الحرب.
وقال الأمين العام للمنظمة، ماغنوس ياغرسكوغ، في بيان، إن “العديد من الأطفال يعانون من ارتفاع مستوى القلق لديهم بسبب هذه المعلومات”.
وتحدث عن عدد من مجموعات المتاجر حيث ارتفعت مشتريات سلع مثل أجهزة اللاسلكي للطوارئ والصفائح ومواقد التخييم.
كما أثارت هذه التصريحات جدلا حادا حول طبيعتها المثيرة للقلق.
وقالت ماغدالينا أندرسون، زعيمة الحزب الديمقراطي الاشتراكي، ورئيسة الوزراء السابقة، إن “الوضع خطير لكن من المهم، أيضا، أن نوضح أن الحرب ليست على الأبواب”.
“أعطونا المزيد من المال”
ومن جانبه، كتب المعلق غوران غرايدر الذي يميل إلى اليسار أنه يعتقد أن تصريحات الجيش ناجمة عن “رغبة متكتمة في اختبار القوات القتالية السويدية”.
لكن في مقالته الافتتاحية لصحيفة “داغينس نيهيتر” اعترف، أيضا، بأن الرسالة الحقيقية هي على الأرجح “أعطونا المزيد من المال”.
وفي مقالتها الافتتاحية قالت الصحيفة نفسها إن عددا من الردود على الدعوة للاستعداد كانت “سخيفة”، ولكن من “الخطأ” التأكيد بأن وقوع حرب مستحيل.
فرضية الهجوم الروسي غير مرجحة…
أما روسيا فسخرت من التصريحات السويدية. وكتبت السفارة الروسية في السويد على منصة إكس “ربما يجب على القادة السويديين الكف عن دفع شعبهم إلى الرهاب”.
وقال أليكسي بوشكوف عضو مجلس الشيوخ في البرلمان الروسي على تطبيق تلغرام “لدينا في بعض الأحيان انطباع بأن بعض الجنود والصحافيين السويديين ربما يحلمون بالحرب”.
وإلى ذلك، يرى مارك غاليوتي من “المعهد الملكي للخدمات المتحدة” (Royal United Services Institute) أن احتمال مهاجمة روسيا للسويد مبني على أساس ضعيف.
وقال لوكالة الأنباء الفرنسية “أفهم أن على الجيش أن يفكر في أسوأ السيناريوهات، وقد أظهرت روسيا أنها أكثر عدوانية مما كان متوقعا”. وأضاف “لكن يجب أن أعترف بأنني أشك في احتمال حدوث مثل هذا السيناريو”.
كما أشار إلى عدد من العوامل التي تجعل فرضية الهجوم الروسي غير مرجحة على حد قوله، من بينها خصوصا “أن الجيش الروسي، أو على الأقل القوات البرية بالتحديد أضعفت” بسبب الحرب في أوكرانيا.
وتابع غاليوتي أن “السؤال الأهم هو لماذا يفعل بوتين ذلك؟”. مشيرا إلى أن أوكرانيا تحتل مكانة خاصة في رؤية فلاديمير بوتين لروسيا التي من ناحية أخرى لم تبدِ أي رغبة في مهاجمة دول البلطيق، وهو سيناريو يقال في أغلب الأحيان إنه يمكن للسويد أن تتورط فيه.
وأضاف الخبير أنه من الصعب أيضا تصور دخول روسيا في نزاع أكبر يشمل دولا في الحلف الأطلسي.
ويذكر أن السويد ترسل بانتظام قوات لعمليات حفظ السلام لكن هذا البلد المرشح للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ
ماي 2022، لم يشارك في أي نزاع مسلح منذ حروب نابليون ومعظم السويديين لا يعرفون أي شيء عن وقائع الحرب.