أعلنت وزارة الصحة، رسميا عن انتهاء عملية “بويا عمر” لإجلاء المرضى النفسيين الذين كانوا محتجزين بمحيط ضريح بويا عمر، وذلك بعد خضوعهم للفحوصات الطبية، كمرحلة أولى لمبادرة “كرامة “، ستليها مرحلة ثانية تهدف إلى إعادة إدماج هؤلاء المرضى النفسانيين في المجتمع، انسجاما مع قيم ومبادئ حقوق الإنسان وميثاق المريض.
وذكر بلاغ للوزارة، أن المستشفيات استقبلت 795 مريضا من بينهم 5 في المئة نساء، كما استعادت العائلات والأسر27 مريضا وذلك بطلب منها.
وأضاف البلاغ أنه تم التكفل بالمرضى بحضور أفراد أسرهم بالمركز الصحي الاجتماعي بويا عمر، وذلك بتهييئهم من حيث الغسل والحلاقة وتوفير الألبسة، ليتم بعد ذلك عرضهم على الأطباء العامين ثم الأطباء النفسانيين لتشخيص حالاتهم ومدهم بالأدوية الضرورية، ثم نقلهم بعد ذلك، مرفوقين بممرضين وبأفراد من أسرهم بسيارات إسعاف حديثة، مجهزة طبيا، إلى المستشفيات والمصالح الطبية المتخصصة القريبة من محل سكناهم قصد الاستشفاء والعلاج.
ولتفعيل هذه المبادرة ووضع حد لانتهاكات حقوق هؤلاء المرضى، يضيف المصدر ذاته، عبأت الوزارة إمكانيات مهمة تمثلت في توسيع الطاقة الاستيعابية لمستشفيات الطب النفسي، وإحداث مصالح استشفائية مندمجة جديدة، وتوظيف 34 طبيبا و122 ممرضا متخصصين في الطب النفسي، ورصد غلاف مالي قدره 40 مليون درهم لاقتناء أدوية الطب النفسي، وتعبئة 70 سيارة إسعاف لنقل المرضى من محيط ضريح بويا عمر إلى المستشفيات والمصالح الصحية الواقعة في الجهات والأقاليم التي ينحدرون منها.
وقد لقيت هذه المبادرة، التي تمت بتنسيق مع السلطات المحلية والمنتخبين وبإشراك فعاليات المجتمع المدني، استحسانا كبيرا لدى أسر المرضى والرأي العام الوطني ولدى المنظمات والجمعيات الحقوقية.
ولتتبع سير هذه العملية، التي انطلقت يوم 11 يونيو 2015 إلى غاية اليوم الإثنين، يبرز البلاغ، تم تعيين لجنة مركزية داخل وزارة الصحة للتتبع والمواكبة الميدانية بتنسيق مع المسؤولين الجهويين والمحليين قصد إيجاد أفضل الحلول لإيواء واستشفاء المرضى في ظروف ملائمة تضمن كرامتهم.
وسجل المصدر ذاته، أنه سيتم خلق مؤسسات وسيطة مهمتها استقبال المرضى بعد خضوعهم للعلاج داخل المستشفيات واستقرار حالتهم وقبل إدماجهم في أوساطهم الأسرية. كما ستقدم هذه المؤسسات دعما نفسيا وتربويا لأسر المرضى، بتنسيق بين مختلف الفاعلين والمتدخلين وكذا القطاع الخاص والمؤسسات وجمعيات المجتمع المدني .
وذكرت الوزارة بأن مبادرة ” كرامة “هي أحد مكونات المخطط الوطني للصحة النفسية والعقلية الذي تقدم به وزير الصحة أمام صاحب الجلالة الملك محمد السادس، يوم 26 يونيو2013 بوجدة.
ويشمل هذا المخطط الوطني، الذي يمتد للفترة 2012-2016، بناء وتجهيز ثلاث مستشفيات للأمراض النفسية والعقلية بأكادير والقنيطرة وقلعة السراغنة، بطاقة استيعابية تصل إلى 120 سريرا لكل مؤسسة استشفائية .
وقد برمجت وزارة الصحة، يشير المصدر، إنشاء وتجهيز مركب طبي ونفسي اجتماعي بمنطقة بويا عمر، لاستقبال وإيواء المرضى النفسانيين والتكفل الطبي والاجتماعي بهم، حيث سيوفر هذا المركب خدمات التأهيل وإعادة الإدماج الاجتماعي واستقبال وتقديم الدعم النفسي لعائلات المرضى خلال إيوائهم لمدة معينة، مضيفا أن الوزارة ستنشئ مصالح استشفائية مندمجة بطاقة استيعابية تصل إلى 30 سريرا بكل مصلحة. وقد بدأ العمل بأربع مصالح مندمجة بمدن بوعرفة ، شفشاون، العروي وتزنيت.
كما يشمل المخطط، حسب البلاغ،إعادة تهيئة مستشفى الأمراض النفسية لبرشيد ، مشيرا الى أنه تم افتتاح جناح جديد بمستشفى الرازي للأمراض النفسية والعقلية بتيط مليل بطاقة استيعابية تصل إلى 18 سريرا، إضافة إلى انطلاق العمل بمصلحة مندمجة بالمستشفى الإقليمي ابن مسيك بطاقة استيعابية تصل إلى 30 سريرا.
وأبرزت الوزارة أن هذا المخطط الوطني، يعتمد كذلك، على تعزيز الموارد البشرية المتخصصة في الطب النفسي، وكذا الرفع من الميزانية المخصصة للأدوية الأساسية مع إدخال أدوية نفسانية من الجيل الثاني والجيل الثالث.
وتوجهت وزارة الصحة، بهذه المناسبة، بخالص الشكر إلى وزارتي الداخلية و العدل والحريات، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ومؤسسة الهلال الأحمر المغربي، والدرك الملكي، والأمن الوطني، والقوات المساعدة، وأعوان السلطة، وكذا المنتخبين، وممثلي المجتمع المدني، على المجهودات التي بذلوها من أجل إنجاح هذه المبادرة.
كما أشادت بكافة المسؤولين والأطر الطبية وشبه الطبية والإداريين والتقنيين وسائقي سيارات الإسعاف الذين اشتغلوا دون انقطاع وبدون كلل أو ملل، طيلة هذه الفترة، سواء بمنطقة بويا عمر أو بمختلف المستشفيات والمصالح الطبية المستقبلة للمرضى، وكذا بأسر المرضى وممثليها، منوهة بتفهمهم وانخراطهم في هذه المبادرة خاصة بعدما تأكدوا من جديتها وجدواها وأنها تمثل بديلا حقيقيا لأوضاع الاحتجاز السابقة .
وتقدمت الوزارة أيضا بخالص الشكر إلى شرفاء بويا عمر الذين تفهموا هذه المبادرة واستحسنوها، وقدموا كامل الدعم لإنجاحها، إيمانا منهم بمصداقيتها وأهميتها لضمان كرامة هؤلاء المرضى وحرمة ضريح الولي الصالح بويا عمر، طيب الله ثراه.