أ.ف.ب
انتعش الأمل في التوصل إلى هدنة بين إسرائيل وحماس مرة أخرى، الثلاثاء، بعد أن أعلن الرئيس الأميركي، جو بايدن، أن إسرائيل وافقت على وقف هجومها في غزة خلال شهر رمضان في إطار اتفاق لوقف لإطلاق النار يجري التفاوض بشأنه، في وقت تهدد فيه الأزمة الإنسانية بالتحول إلى مجاعة في غزة.
وتحاول مصر وقطر والولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى التفاوض على وقف إطلاق نار جديد بين إسرائيل وحماس منذ عدة أسابيع.
وأوضح مصدر في الحركة الإسلامية الفلسطينية أن المناقشات تتعلق بهدنة لمدة ستة أسابيع مرتبطة بالإفراج عن الرهائن الذين تحتجزهم حماس والسجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل، بالإضافة إلى دخول مساعدات بكميات كبيرة إلى غزة.
وقال بايدن خلال مقابلة مع برنامج الفكاهي سيث مايرز على شبكة “إن بي سي” الأميركية إن شهر “رمضان يقترب وكان هناك اتفاق بين الإسرائيليين على عدم الانخراط في أنشطة خلال شهر رمضان من أجل إعطائنا الوقت لإخراج جميع الرهائن” المحتجزين لدى حركة حماس.
أعلنت الرئاسة الفرنسية أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي أدت بلاده دور الوساطة الرئيسي في حرب غزة، يبدأ، الثلاثاء، زيارة دولة تستغرق يومين إلى باريس.
ومن المتوقع أن يجري أمير قطر محادثات مع إيمانويل ماكرون في الساعة 16:00 (15:00 ت.غ) في قصر الإليزيه، تليها مأدبة عشاء رسمية.
وكان الأمير قد التقى اسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية، في الدوحة وناقشا الجهود “الهادفة للتوصل لاتفاق وقف فوري ودائم لإطلاق النار في قطاع غزة”، بحسب وكالة الأنباء القطرية الرسمية.
إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أكد مجددا الأحد أن العملية العسكرية التي أمر بالتجهيز لتنفيذها في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، ستجعل إسرائيل “على بعد أسابيع” من تحقيق “نصر كامل”.
قدّم الجيش الإسرائيلي، الاثنين، خطّة “لإجلاء” المدنيّين من “مناطق القتال” في غزّة “فضلا عن خطّة العمليّات المقبلة”، بحسب بيان أصدره مكتب نتانياهو من دون أن يخوض في تفاصيل.
“المسمار الأخير” في نعش المساعدات
حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاثنين، من أن أي هجوم على رفح المكتظة بالسكان، والتي تريد إسرائيل إجلاء المدنيين منها لهزيمة حماس بشكل نهائي، “سيكون بمثابة المسمار الأخير في نعش برنامج مساعداتنا”.
وتشكّل مدينة رفح الواقعة على الحدود مع مصر نقطة العبور الوحيدة للمساعدات الإنسانية للقطاع. ويتكدس ما لا يقل 1,4 مليون شخص في المدينة حيث يحتدم القتال منذ حوالى خمسة أشهر بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس.
واندلعت الحرب في 7 أكتوبر، بعدما نفّذت حماس هجوما غير مسبوق على جنوب إسرائيل أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا غالبيّتهم مدنيّون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة.
كما احتُجز خلال الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إنّ 130 منهم ما زالوا محتجزين في قطاع غزّة، ويُعتقد أنّ 31 منهم قُتلوا.
وردا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل “القضاء” على حماس التي تحكم غزة منذ 2007 وتُصنّفها إسرائيل والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي “منظّمة إرهابية”. وتردّ إسرائيل على الهجوم بقصف مدمّر على قطاع غزّة وبعمليّات برّية منذ 27 أكتوبر ما تسبّب بمقتل 29782 فلسطينياً، غالبيتهم العظمى مدنيّون، وفق أحدث حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضغوطا شعبية متزايدة بشأن مصير الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة واستؤنفت الاحتجاجات ضد حكومته.
يأتي ذلك فيما يدلي الناخبون الإسرائيليون، الثلاثاء، بأصواتهم في انتخابات بلدية تأجّلت مرتين بسبب الحرب في غزة بعد أن كانت مقررة في نهاية أكتوبر.
جائعون
وكثفت الحكومات الأجنبية والعاملون في المجال الإنساني تحذيراتهم من شن هجوم على رفح من شأنه أن يؤدي إلى سقوط العديد من الضحايا ويفاقم الكارثة الإنسانية.
وأفاد فلسطينيون وكالة فرانس برس بأنّهم اضطرّوا إلى أكل أوراق الشجر وعلف الماشية ولحم خيول بعد ذبحها، في حين تتعرض بعض الشاحنات القليلة التي تدخل القطاع للنهب من السكان الجوعى.
وقال عبد الله الأقرع (40 عاماً) الذي نزح من بيت لاهيا إلى غرب مدينة غزة “أكلَنا الجوع”. وأضاف “أمس، أطلقوا النار على ناس جوعى سعوا للحصول على الطحين عندما وصلت مساعدات لأول مرة إلى تل الهوى” جنوب غرب مدينة غزة.
اتهمت منظمتا العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش إسرائيل بأنها فرضت قيودا إضافية على وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، على الرغم من أمر أصدرته أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة في يناير.
وأعلن الجيش الأردني، الاثنين، أنه قام بأربع عمليات إنزال جوا لمساعدات إنسانية “مباشرة إلى السكان الفلسطينيين” في قطاع غزة، إحداها بطائرة تابعة للجيش الفرنسي.
في وقت تتكثف الاتصالات حول مسألة إجراء إصلاح في السلطة الفلسطينية مرتبط بمرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة، قدمت حكومة السلطة الفلسطينية استقالتها للرئيس محمود عباس، الاثنين.
وقبِل عباس هذه الاستقالة، مشيراً أن الوزراء سيبقون في مناصبهم إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
منذ عام 2007، انقسمت القيادة الفلسطينية بين السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس، والتي تمارس سلطة محدودة في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، في حين تسيطر حماس على قطاع غزة.