توفي فريديريك ميتران، الشخصية الرمز للثقافة الفرنسية، والوزير الأسبق في عهد نيكولا ساركوزي، الخميس 21 مارس 2024، عن عمر يناهز 76 عامًا، بعد مرض عضال. نلقي نظرة على مسيرة رجل كان شغوفًا للغاية بالثقافة، بأوسع معانيها.
وهو ابن أخ الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا ميتران وأحد أبرز وجوه المجال الإعلامي والترفيهي في فرنسا.
وبوفاته، ترك فريديريك ميتران وراءه إرثًا ثقافيًا وفنيًا لا يمحى، حيث شغل منصب وزير الثقافة والاتصالات في فرنسا من 23 يونيو 2009 – 16 مايو 2012. وطوال حياته المهنية، كان ممثلا، وكاتب سيناريو، ومقدم تلفزيوني وكاتبا ومنتجا ومخرجا.
وجاء في بيان بسيط أصدرته العائلة: “توفي وزير الثقافة السابق يوم الخميس 21 مارس في منزله في باريس”.
وأضاف البيان أنه كان”يصارع شكلاً عنيفاً من أشكال السرطان لعدة أشهر”.
وُلد فريديريك ميتران في باريس في 21 غشت 1947 لعائلة منخرطة بشكل وثيق في السياسة الفرنسية، وسرعان ما تميز بشغفه بالسينما والفنون.
تخرّج من معهد العلوم السياسية في باريس، وبدأ مسيرته المهنية كعارض سينمائي في قاعة “أولمبيك” في الدائرة الرابعة عشرة في باريس، وهي قاعة أصبحت رمزًا لعرض أعمال كبار المخرجين مثل بيرغمان وكوروساوا وأوزو.
كانت هذه المبادرة بداية مسيرة مهنية طويلة وغزيرة في الثقافة والفنون البصرية.
وكشف انتقاله إلى التلفزيون كمقدم ومنتج للجمهور العام عن شخصية فريدة من نوعها بأسلوبه وخطابه الفريدين، لا سيما من خلال برنامج Etoiles et toiles على قناة TF1، ثم على قناة TF1 مع برنامج “دو كوتي دي تشيز فريد”، وبرامج أخرى تركت بصماتها في الثمانينيات والتسعينيات.
قاده التزامه بالإبداع والنشر الثقافي إلى إنتاج أفلام وثائقية وأفلام، وإلى الكتابة، بما في ذلك كتاب “لا موفيز في” (La Mauvaise vie)، وهو سيرة ذاتية أثارت ردود فعل قوية، من خلال تناول مثليته الجنسية وتأملاته الشخصية دون محظورات.
في عام 2009، في عهد الرئيس نيكولا ساركوزي، عُيّن فريديريك ميتران وزيرًا للثقافة، وهو منصب مكّنه من الدفاع عن الثقافة الفرنسية بكل تنوعها وتعزيزها.
خلال فترة توليه هذا المنصب، تصدى لتحديات كبرى مثل قانون هادوبي، ودعم مشاريع ضخمة مثل متحف الفن الحديث في مرسيليا و”الفيلهارموني” في باريس، ودخل في حوار ساخن أحيانًا مع “متقطعي المشهد”. تشهد هذه الفترة من حياته على التزامه الثابت بالثقافة ورغبته في جعلها في متناول الجميع.
تؤكد الإشادات التي انهالت عليه منذ الإعلان عن وفاته على المودة والاحترام الذي كان يكنه له معاصروه، بما في ذلك جاك لانغ الذي أشاد”بذكائه الحاد وفكاهته اللاذعة وحنانه اللامتناهي ولطفه النادر”.