أ.ف.ب
أكد وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الأربعاء في تل أبيب، أن الولايات المتحدة “مصممة” على التوصل إلى اتفاق هدنة بين إسرائيل وحماس “الآن” مرفق بالإفراج عن الرهائن، وذلك في الشهر السابع للحرب المدمرة في قطاع غزة.
فيما لم تعط حماس ردها بعد على اقتراح ينص على وقف الأعمال الحربية لمدة 40 يوما، سيحاول بلينكن أيضا أن يحض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، على العدول عن هجوم بري يعتزم شنه على رفح في جنوب قطاع غزة.
بحسب مسؤول إسرائيلي فإن إسرائيل ستنتظر “حتى مساء الأربعاء” رد حماس قبل أن تقرر ما إذا كانت سترسل وفدا إلى القاهرة تمهيدا لاتفاق محتمل.
وبعد اجتماع الاثنين في القاهرة مع ممثلي مصر وقطر، وصل وفد من حماس إلى الدوحة لدرس مقترح الهدنة الجديد ويرتقب أن يعطي رده في “أسرع وقت ممكن” بحسب مصدر قريب من الحركة.
وقال بلينكن خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتزوغ في تل أبيب “حتى في هذه الأوقات الصعبة، نحن مصممون على التوصل إلى وقف لإطلاق النار يعيد الرهائن إلى ديارهم والتوصل إليه الآن. السبب الوحيد لعدم حصول ذلك هو حماس”.
في الأثناء، تنتظر دول الوساطة رد الحركة الإسلامية على مقترح الهدنة لأربعين يوما والتي تشمل الإفراج عن رهائن محتجزين في غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر في مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين محتجزين في السجون الإسرائيلية.
ويأتي هذا المقترح بعد أشهر من الجمود في المفاوضات غير المباشرة الرامية إلى إنهاء الحرب بعدما تم التوصل إلى هدنة لمدة أسبوع في نهاية نونبر، سمحت بالإفراج عن حوالى 105 رهائن لدى حماس من بينهم 80 إسرائيليا ومزدوجي الجنسية في مقابل 240 أسيرا فلسطينيا لدى إسرائيل.
“غير وارد”
وتطالب حماس بوقف دائم لإطلاق النار قبل أي اتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن، وهو ما ترفضه إسرائيل التي تؤكد عزمها على شن هجوم بري في رفح (جنوب) حيث لجأ حوالى مليون ونصف مليون فلسطيني غالبيتهم من نازحي الحرب.
ويؤكد نتانياهو أن الهجوم على رفح ضروري لهزيمة حماس التي تتولى السلطة في غزة منذ العام 2007، وتحرير الرهائن. وقال خلال لقائه ممثلين لعائلات الرهائن، وفق ما نقل عنه مكتبه، الثلاثاء، “فكرة أننا سنوقف الحرب قبل تحقيق كل أهدافها غير واردة. سندخل رفح وسنقضي على كتائب حماس هناك مع أو بدون اتفاق، من أجل تحقيق النصر الشامل”.
وسيجتمع نتانياهو، الأربعاء عند الساعة 10,45 (7,45 ت.غ) في مكتبه في القدس، مع بلينكن الذي كثف في الأسابيع الماضية على غرار الرئيس جو بايدن التصريحات المعارضة لعملية برية في رفح.
يصل وزير الخارجية الفرنسي، ستيفان سيجورنيه، الذي دعا إلى وقف إطلاق نار خلال لقائه نتانياهو، الثلاثاء، إلى القاهرة الأربعاء كما أكدت السلطات المصرية التي تعارض عملية في رفح، المدينة المتاخمة لحدودها.
“مأساة لا توصف”
حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، مساء الثلاثاء، من أن “العملية البرية في رفح ستكون ببساطة مأساة لا توصف. ولا توجد خطة إنسانية يمكنها مواجهة ذلك”.
في 7 أكتوبر، نفذت حماس هجوما غير مسبوق على إسرائيل أسفر عن مقتل 1170 شخصا، معظمهم من المدنيين، حسب تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيليّة رسميّة.
وخطف أكثر من 250 شخصا ما زال 129 منهم محتجزين في غزة، توفّي 34 منهم وفق مسؤولين إسرائيليّين.
ردا على الهجوم، تعهّدت إسرائيل القضاء على حماس التي تعتبرها الدولة العبريّة والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي “منظّمة إرهابيّة”. وأدّى هجومها على غزّة إلى 34568 قتيلا معظمهم من المدنيين، وفق حصيلة نشرتها وزارة الصحّة التابعة لحماس، الأربعاء.
ويواصل سلاح الجو الإسرائيلي قصف قطاع غزة موقعا يوميا عشرات القتلى بحسب الوزارة.
“الكثير للقيام به”
وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، من أن أي هجوم عسكري إسرائيلي على رفح سيشكل “تصعيدا لا يحتمل”، كما أعرب عن “قلقه العميق” إزاء اكتشاف مقابر جماعية في المستشفيين الرئيسيين في قطاع غزة، ودعا إلى إجراء تحقيق مستقل.
وبعدما تحمّلت برد الشتاء، تعاني الأسر النازحة في رفح الآن من ارتفاع درجات الحرارة وخطر انتشار الأمراض، مع حرمانها من المياه الجارية.
وتصل المساعدات الدولية التي تخضع لتفتيش صارم من السلطات الإسرائيلية بكميات ضئيلة عبر معبر رفح بشكل رئيسي، لكنها تبقى غير كافية نظرا إلى الحاجات الهائلة لسكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.
وتمارس الولايات المتحدة ضغوطا على إسرائيل لتسهيل دخول المساعدات عن طريق البر، كما بدأت إنشاء رصيف عائم قبالة ساحل غزة بهدف استيعاب المساعدات التي تصل بالسفن.
وشهد وزير الخارجية الأميركي خلال زيارة إلى الأردن، الثلاثاء، انطلاق أول قافلة شاحنات أردنية محمّلة بالمساعدات ومتّجهة إلى قطاع غزة عبر معبر إيريز (بيت حانون) الذي أعادت إسرائيل فتحه.
وقال بلينكن الذي زار الأردن والسعودية في إطار جولته السابعة في الشرق الاوسط منذ بدء الحرب، خلال زيارته نقطة لتحميل المساعدات في الشاحنات على مشارف العاصمة عمّان، “من هنا نرى طريقاً مباشراً من الأردن إلى شمال غزة عبر معبر إيريز. الشحنات الأولى تغادر اليوم”. وأضاف “إنه تقدّم حقيقي ومهمّ، ولكن ما زال هناك الكثير ممّا يتعيّن القيام به”.
ولم يُستخدم معبر إيريز كثيراً منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في 7 أكتوبر.
وقال مسؤولون إسرائيليون إنّ المعبر يحتاج إلى إعادة تأهيل بعدما دمّره مسلّحو حماس خلال هجومهم على جنوب إسرائيل.