قال تاج الدين الحسيني، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس أكدال بالرباط، إن قرار المملكة المغربية بإرجاء حقها في تنظيم دورة عادية للقمة العربية يعزى إلى كون المغرب “لا يريد أن تكون هذه القمة مجرد أجندة مناسباتية تؤدى فيها الخطب وينصرف كل واحد إلى حال سبيله”.
وأضاف الحسيني، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن المغرب يتطلع إلى أن تكون هذه القمة “صحوة تراجع فيها الحسابات، وتضع ضمنها مخططات ذات طبيعة شمولية، وتتخذ في إطارها قرارات تحمل صبغة تنفيذية، يمكن أن تغير واقع التشردم، والفرقة، الذي يعيشه العالم العربي”.
وأشار إلى أن قرار المملكة بإرجاء حقها في تنظيم دورة عادية للقمة العربية جاء “في ظروف جد حرجة، تعيشها المجموعة العربية”، مشيرا إلى أن “السبب الرئيسي لهذا التأجيل يرتبط بكون وزراء خارجية البلدان العربية لم يعدوا لحد الآن أي أجندة مضبوطة، لما يمكن أن تصادق عليه القمة، وما تتخذه من قرارات”.
وأبرز أستاذ العلاقات الدولية أن من بين المشاريع التي كان من المقرر أن تبث فيها القمة السابقة، التي انعقدت سنة 2015 بالقاهرة، مسألة القوة العربية المشتركة، ومسألة مواجهة (داعش) في بلدان منطقة الشرق الأوسط والخليج العربي، غير أن هذه القمة “لم تسفر عن نتائج إيجابية بهذا الخصوص”، مبرزا أن “الوضع العربي يعرف نوعا من التردي، على مستوى آليات اتخاذ القرار، والتي تعرف وضعية مأساوية”، خاصة في ظل الظرفية الراهنة، التي زادت تعقيدا مع تمدد (داعش) في ليبيا، وتمركزها في منطقة سرت، واقترابها من آبار النفط، إضافة إلى أجندة أخرى تهم عدة دول في الجوار المتوسطي، التي تعد العدة لتدخلات خارجية.
وأشار الحسيني إلى أن “هذه الوضعية فرضت على القمة العربية بأن تكون فقط ذات طبيعة مناسباتية، يتم فيها تبادل الخطب، التي تتضمن الاتهامات، والاتهامات المتبادلة، وأيضا طموحات نحو آمال المستقبل، لكن وجود مشروع مخطط له ومدروس بكيفية عميقة، يؤدي إلى اتخاذ قرارات فعالة، تغير آليات اتخاذ القرار في المجموعة العربية لا وجود له”
أما على المستوى الاقتصادي، يضيف الحسيني، فإن المجموعة العربية “لم تستطع حتى الآن أن تنتقل إلى منطقة التبادل الحر، إذ لم تحقق أي نتائج إيجابية لحد الآن بهذا الخصوص”، بعد أن وضعت مشروعا نحو اتحاد جمركي عربي، مؤكدا أن “الوسائل التي تحقق ذلك غير متوفرة لحد الآن”.
وسواء على المستوى السياسي والاستراتيجي أو على المستوى الاقتصادي فإن المجموعة العربية، حسب الحسيني، “غير مؤهلة لعقد هذا الاجتماع “، مؤكدا أن المغرب كان دائما يعقد قمما عربية فاعلة، سواء تعلق الأمر بقضايا مصيرية، مثل قضية فلسطين في إطار الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل وحيد للشعب الفلسطيني في مؤتمر الرباط سنة 1974، إضافة إلى عقد مؤتمرات أخرى في المغرب حققت الصلح العربي بين العديد من القيادات العربية.
وكان صلاح الدين مزوار، وزير الشؤون الخارجية والتعاون، أبلغ، بتعليمات من الملك محمد السادس، أمس الجمعة، نبيل العربي، الأمين العام لجامعة الدول العربية، قرار المملكة المغربية بإرجاء حقها في تنظيم دورة عادية للقمة العربية.
وذكر بلاغ لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون أنه تم اتخاذ هذا القرار “طبقا لمقتضيات ميثاق جامعة الدول العربية، وبناء على المشاورات التي تم إجراؤها مع عدد من الدول العربية الشقيقة، وبعد تفكير واع ومسؤول، ملتزم بنجاعة العمل العربي المشترك، وبضرورة الحفاظ على مصداقيته”.
وأضاف المصدر ذاته أنه “نظرا للتحديات التي يواجهها العالم العربي اليوم، فإن القمة العربية لا يمكن أن تشكل غاية في حد ذاتها، أو أن تتحول إلى مجرد اجتماع مناسباتي”، مبرزا أن الظروف الموضوعية لا تتوفر لعقد قمة عربية ناجحة، قادرة على اتخاذ قرارات في مستوى ما يقتضيه الوضع، وتستجيب لتطلعات الشعوب العربية.