أ.ف.ب
تواصلت عمليات القصف الإسرائيلي على مختلف أنحاء قطاع غزة، حيث طالت بشكل خاص مخيّمات للنازحين بعد هجوم دامٍ على مدرسة تابعة للأونروا، في وقت دخلت الحرب شهرها التاسع.
وأسفرت الحرب التي اندلعت في أعقاب هجوم نفّذته حركة حماس على الأراضي الإسرائيلية عن مقتل عشرات آلاف الفلسطينيين، معظمهم من المدنيين، وفقاً لوزارة الصحة التابعة لحركة حماس. كمّا حولت مباني القطاع ومؤسساته وطرقاته إلى أكوام من الدمار، فيما يواجه سكّانه الذين يبلغ عددهم 2,4 مليون نسمة خطر المجاعة.
ولم يتمّ تحقيق أيّ تقدّم على مستوى الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار ولا سيما منذ أعلن الرئيس الأميركي قبل أسبوع “خريطة طريق” اقترحتها إسرائيل. ولم تعلن سوى هدنة واحدة لمدّة سبعة أيام في نونبر.
ميدانياً، تواصلت عمليات القصف من الجو والبر والبحر على كامل أراضي القطاع المحاصر، والذي سيطرت حركة حماس على الحكم فيه في العام 2007.
وقالت وزارة الصحة التابعة لحماس في القطاع إنها أحصت 77 قتيلا على الأقل خلال 24 ساعة حتى صباح الجمعة.
وقُتل ستة أشخاص في دير البلح (وسط) فيما أصيب ستة آخرون خلال الليل، بقصف صاروخي على منزل عائلة في مخيّم المغازي، وفقاً لمصدر طبي.
وقال أسامة الكحلوت من الهلال الأحمر الفلسطيني في قطاع غزة لوكالة فرانس برس، إنّ “قوات وقنّاصة الاحتلال تمركزوا في منطقة المطاحن شرق دير البلح، ما يشكّل خطورة على الحركة في شارع صلاح الدين” الساحلي.
وفي مدينة غزة، قتل شخصان بينما أُصيب آخرون في هجوم صاروخي إسرائيلي على منزل، حسبما أفاد مصدر طبي.
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي في بيان إنّ قواته تواصل عملياتها في مناطق شرق البريج وشرق دير البلح حيث “قضت على عشرات” المقاتلين ودمرت أنفاقا وبنى تحتية يستخدمونها.
وفي مدينة رفح حيث يواصل الجيش الإسرائيلي عمليات “محدّدة الأهداف”، قالت القوات الإسرائيلية إنها عثرت الخميس على “أنفاق وأسلحة عديدة…”.
فرار من المعارك
من جانبه، أفاد مراسل وكالة فرانس برس أنّ زوارق حربية إسرائيلية أطلقت الجمعة قذائف باتجاه منازل في منطقة ميناء الصيد في الشيخ عجلين غرب مدينة غزة.
واستهدف الجيش الإسرائيلي مخيّمي المغازي والبريج في وسط قطاع غزة، إضافة إلى بلدة القرارة قرب خان يونس ومدينة رفح، وفقاً لمصادر محلية.
وأدى الهجوم على رفح الذي دفع مليون فلسطيني معظمهم نازحون بحسب الأمم المتحدة إلى الفرار شمالاً، إلى إغلاق المعبر مع مصر الذي يعد أساسياً لدخول المساعدات الدولية إلى القطاع المحاصر.
ويتوجّه النازحون إلى شواطئ دير البلح، رغم تلوّثها بمياه الصرف الصحي، وفق صور لوكالة فرانس برس.
ويقول محمد غابن “نزحت إلى منطقة بحرية للتخلّص من الحشرات والجو الحار… وروائح الجثث … نحاول تخفيف الحر عبر النزول إلى المياه، غير أنّ المياه غير صالحة… نتيجة تصريف مياه الصرف الصحي في البحر”.
اندلعت الحرب في قطاع غزة بعد هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على الدولة العبرية، أسفر عن مقتل 1194 شخصاً، غالبيتهم من المدنيين، وفقاً لتعداد وكالة فرانس برس استناداً إلى بيانات رسمية إسرائيلية.
خلال هذا الهجوم، احتجز المهاجمون 251 رهينة، ما زال 120 منهم في غزة، من بينهم 41 يقول الجيش إنهم لقوا حتفهم.
ومنذ ذلك الحين، ترد إسرائيل بحملة عنيفة من القصف والغارات والهجمات البرية أدت إلى مقتل ما لا يقل عن 036731 شخصاً في غزة، معظمهم من المدنيين، وفقا لوزارة الصحة في القطاع. وقالت الوزارة إن عدد المصابين بلغ 83530 شخصا.
وأفاد مستشفى في قطاع غزة الخميس عن مقتل 37 شخصاً في قصف طال مدرسة تابعة للأونروا، أعلن الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عنه قائلاً إنّ المدرسة تؤوي “مجمعا لحماس”.
وقال الجيش في بيان إنّ “طائرات مقاتلة … نفذت ضربة دقيقة استهدفت مجمعاً تابعاً لحماس داخل مدرسة للأونروا في منطقة النصيرات”.
مطالب متضاربة
دبلوماسياً، دعا البيت الأبيض الخميس في بيان مشترك مع قادة فرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وكندا ودول في أميركا اللاتينية، إسرائيل وحماس إلى “تقديم التنازلات النهائية المطلوبة” للتوصّل إلى وقف لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
عرض الرئيس الأميركي في 31 ماي خريطة طريق قال إنّ إسرائيل اقترحتها، تنص في المرحلة الأولى على وقف لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع يترافق مع انسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة، وإطلاق سراح رهائن احتجزتهم حماس خلال الهجوم، وسجناء فلسطينيين لدى إسرائيل.
ونقلت قناة القاهرة الإخبارية المقرّبة من الاستخبارات المصرية عن “مسؤول كبير” قوله إنّ حماس “ستقدم ردها بشأن مقترح الهدنة خلال الأيام القادمة” مشدداً على أن قادة حماس “يدرسونه بجدية وإيجابية”.
لكن يبدو أن مطالب الجانبين المتضاربة تعرقل لتوصل إلى اتفاق.
وتقول حركة حماس إنّها مستعدّة لقبول أيّ اتفاق فقط إذا تضمّن وقفاً دائماً لإطلاق النار وانسحاباً كاملاً للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة.
من جهتها، تؤكد إسرائيل، رغم الضغوط الدولية، أنّ هدفها هو القضاء على حركة حماس التي تصنّفها مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على أنّها إرهابية.