اختتمت أشغال المنتدى البرلماني للعدالة الاجتماعية، الذي نظمه مجلس المستشارين، على مدى يومين تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وتوجت أشغال هذا المنتدى الدولي المنظم تحت شعار “تنمية الكرامة الإنسانية لتمكين العيش المشترك”، في إطار الاحتفاء باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، والذي يصادف عشرين فبراير من كل سنة، باعتماد “إعلان الرباط للعدالة الاجتماعية” الذي دعا إلى تعميق وتوسيع النقاش المجتمعي التعددي بشأن البناء التشاركي للنموذج المغربي للعدالة الاجتماعية”.
وأكد الإعلان الذي تلاه رئيس مجلس المستشارين عبد الحكيم بن شماش في الجلسة الختامية للمنتدى، أمس السبت، بالرباط، أن هذه الدعوة تروم التصدي إلى التحديات ذات الأولوية والمتعلقة أساسا بتعزيز أسس التضامن الاجتماعي الفئوي والمجالي، وكذا التضامن بين الأجيال خاصة عبر تقوية السياسات والبرامج الاجتماعية المبنية على منطق الحقوق والتي تلعب فيها الدولة والجماعات الترابية دورا استراتيجيا.
كما تتعلق هذه التحديات، حسب الإعلان، باستكمال تحديد المعالم الكبرى لنموذج وطني لتوزيع ثمار النمو الاقتصادي خاصة عبر آليات جبائية، واستهداف اجتماعي وترابي ملائمين، وسياسات عمومية تهدف إلى تمكين مختلف فئات المجتمع لاسيما الأكثر فقرا وهشاشة من المؤهلات و القدرات والفرص المتكافئة التي تمكنها من التمتع الفعلي بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وفي تصريح للصحافة أكد بن شماش أن المنتدى، مكن من بلورة وثيقة مرجعية عبارة عن مساهمة مؤسساتية لمجلس المستشارين والمشاركين في المنتدى، تحدد المعالم الكبرى للنموذج المغربي للعدالة الاجتماعية، وتشكل أرضية لمسار التحديث التشاركي لهذا النموذج.
كما أثمر المنتدى، يضيف بن شماش، “إعلان الرباط للعدالة الاجتماعية” الذي “سيستعمل كأداة للترافع في المنتديات الدولية في إطار الدبلوماسية البرلمانية”، مهيبا بالحكومة “الانخراط في هذا المسعى لإدراج الإعلان ضمن جدول أعمال مجلس حقوق الانسان في دورته المقبلة بجنيف”.
وتميز هذا المنتدى بالرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى المشاركين والتي أكد فيها جلالته أن المكاسب التي حققها المغرب بفضل المبادرات الرائدة التي تم إطلاقها ونضج التجربة الوطنية، أهلت المملكة للانطلاق في مسار بناء تشاركي لنموذج مغربي للعدالة الاجتماعية.
ودعا جلالة الملك في هذه الرسالة السامية التي تلاها مستشار صاحب الجلالة عبد اللطيف المنوني، لاستحضار المقاربة التشاركية والمقاربة المرتكزة على حقوق الإنسان في بناء النموذج المغربي للعدالة الاجتماعية، فضلا عن استحضار الالتزامات الدستورية والتزامات المملكة بمقتضى الاتفاقيات التي صادقت عليها وانضمت إليها، لاسيما المتعلقة منها بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية وحقوق الطفل وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.
ويهدف المنتدى البرلماني للعدالة الاجتماعية إلى النهوض بأدوار العمل البرلماني في تمكين العدالة الاجتماعية، وتوسيع وتعزيز النقاش المجتمعي والحوار الديمقراطي حول شروط ومسؤوليات الالتزام بمواثيقها الدولية، وبآلياتها الأممية ومرتكزاتها الدستورية وتطوير الاجتهاد المعرفي والتشريعي والسياسي حول تنفيذ قواعدها في السياسات والعلاقات العمومية.
وشارك في أشغال المنتدى منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها المعنية، بالإضافة إلى وكالات التعاون الدولي والاتحاد البرلماني الدولي والاتحادات البرلمانية الإقليمية والبرلمانات الشريكة والصديقة، فضلا عن أعضاء مجلسي البرلمان المغربي والمجالس الدستورية وممثلين عن القطاعات الحكومية ومجالس الجهات والمنظمات النقابية والمهنية وهيئات المجتمع المدني والمؤسسات الجامعية والأكاديمية وخبراء وإعلاميين.
ويأتي انعقاد هذا المنتدى الدولي، تجسيدا لانخراط مجلس المستشارين، في الدينامية الأممية الرامية إلى تعزيز انبثاق وعي كوني بأهمية تقاسم القيم المشتركة بين الأمم.
وتضمن برنامج هذا اللقاء، عدة جلسات ناقشت مواضيع وقضايا ذات علاقة بتحديات إرساء العدالة الاجتماعية على الصعيد الدولي، من قبيل “منظومة الأمم المتحدة للعدالة الاجتماعية وآلياتها الدولية” و”العدالة الاجتماعية في المنظومة المعيارية الوطنية” و “مهام ومسؤوليات العمل البرلماني في تمكين العدالة الاجتماعية”، و”من اجل نموذج مغربي للعدالة الاجتماعية”.
كما أقيم بالمناسبة معرض لوثائق وأدبيات العدالة الاجتماعية، بمشاركة قطاعات حكومية وهيئات وطنية، بهدف التعريف بالرصيد الوثائقي الوطني في ما يتصل بالقطاعات الاجتماعية، وتوسيع نطاق التفكير والاشتغال على الأسئلة المرتبطة بهذا المجال الحيوي والمهم.