أكد عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، أن بعض مطالب طلبة الطب والصيدلة تتسم بعدم الموضوعية، وأن قرار تقليص سنوات التكوين الطبي من سبع إلى ست سنوات والرفع من عدد الوافدين، يندرج في إطار تجويد العرض التكويني في مجالات الطب والصيدلة وطب الأسنان من أجل الارتقاء بالمنظومة الصحية الوطنية، وتعزيز مواردها البشرية.
وأوضح عبد اللطيف ميراوي، في عرض قدمه بمجلس النواب، خلال اجتماع مشترك للجنة القطاعات الاجتماعية ولجنة التعليم والثقافة والاتصال، خصص لمناقشة موضوع “الاحتقان في أوساط كليات الطب والصيدلة”، أن وزارته اقترحت مجموعة من الحلول الواقعية استجابة لمطالب الطلبة، مؤكدا أن الوزارة أبقت على الحوار مفتوحا مع الطلبة وأولياء أمورهم، بإشراك عمداء كليات الطب والصيدلة من أجل مناقشة وتوضيح الإشكاليات المطروحة.
وعقدت لجنة القطاعات الاجتماعية ولجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، الأربعاء، اجتماعا مشتركا خصص لتسليط الضوء على الوضعية الراهنة في كليات الطب والصيدلة وتفاعل الحكومة معها.
وفي هذا السياق، قدم وزير الصحة والحماية الاجتماعية، خالد آيت الطالب، ووزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، عرضين تناولا الجهود المبذولة والإجراءات المتخذة في إطار تفاعل الحكومة مع الوضعية الراهنة.
واعتبر الوزيران أن الإصلاح الشمولي لقطاع الصحة يندرج في إطار إرساء السيادة الطبية للمغرب، مؤكدين أن العرض الذي قدمته الحكومة للطلبة “استثنائي”، ويلبى جل المطالب.
وفي هذا الصدد، استعرض ميراوي الجهود التي بذلتها الحكومة من أجل الإسهام في بناء مخرجات الحوار وإيجاد الحلول الناجعة لاستعادة السير العادي للكليات، لاسيما من خلال “التفاعل الإيجابي مع مجموعة من الهيئات والجمعيات والمتدخلين والفاعلين، الذين تقدموا بعروض متعددة لتجاوز هذه الوضعية”.
وأبرز الوزير، بالخصوص، الاجتماع الذي ترأسه رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، للوقوف عند الجهود المبذولة في مسلسل إصلاح قطاع التكوين الصحي، وكذا إشراف الحكومة على مبادرة للوساطة “مكنت من رفع اللبس على مجموعة من المغالطات المحيطة بهذا الملف، وتقديم مقترحات جادة من أجل تجاوز الإكراهات التي تعرفها هذه الكليات”.
كما أجمل عرض ميراوي عددا من النقاط الواردة في الملف المطلبي للطلبة ومقترحات الحكومة لكل مطلب على حدة.
ويتعلق الأمر، أساسا، بمدة التكوين للحصول على دبلوم دكتور في الطب، وتأطير الأطروحات، وفضاءات التدريب الاستشفائية، وعدد الوافدين الجدد على الكليات العمومية، والتكوين في التخصص الطبي (السلك الثالث)، والوضعية القانونية للمقيم، والتعويضات المخولة للمتدربين، وتجهيز المختبرات وتوفير المعدات والمواد الأولية للتكوين التطبيقي.
واستعرض الوزير أيضا، خلال هذا العرض، التزامات الحكومة المشروطة باجتياز الامتحانات واستعادة السير العادي للكليات، والمتمثلة في إعادة البت في العقوبات التأديبية، وتعديل بيان النقط وتعويض نقطة الصفر بالنقطة المحصل عليها خلال الدورة الاستدراكية للفصل الأول، وإمكانية استكمال التكوين بعد النجاح في الامتحانات مع برمجة التداريب الاستشفائية من أجل استدراك الفترات التي تمت مقاطعتها انطلاقا من الموسم الجامعي المقبل، مع الحرص على استكمال جميع التداريب بغلافها الزمني.
من جانبه، ذكر آيت طالب بأنه تم، منذ دجنبر من سنة 2023، عقد سلسلة من الاجتماعات مع ممثلي طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، بحضور مختلف الجهات المعنية من قطاعي الصحة والتعليم العالي، لمناقشة جميع النقاط المطلبية داخل لجان تقنية مشتركة، واستعراض الإجراءات الحكومية المتخذة.
وأبرز أن الحكومة اتخذت إجراءات لتحسين فضاءات التداريب الاستشفائية وتوسيعها لتشمل جميع المؤسسات الصحية الترابية، وتعزيز تأطير التداريب الاستشفائية بإشراك مشرفين مؤطرين من المؤسسات الصحية، مضيفا أن الحكومة اقترحت رفع قيمة التعويضات المخولة للطلبة المتدربين في السنوات الثالثة والرابعة والخامسة من الطب والصيدلة، والرفع من تعويضات الطلبة في السنة الختامية.
ولدى تطرقه للمحور المتعلق بالشق الاجتماعي والتغطية الصحية، أورد وزير الصحة والحماية الاجتماعية أنه تمت مواكبة الاصلاحات بإجراءات مصاحبة تهم الجانب الاجتماعي، وتتمثل في العمل على استفادة الطلبة من التأمين الاجباري عن المرض، واعتماد منصة معلوماتية على مستوى الوزارة لتدبير التعويض عن المهام، يتيح صرفها بوتيرة شهرية ابتداء من يناير 2025، وتأمين وجبات التغذية المناسبة لفائدة الطلبة خلال المداومة بالتنسيق مع المؤسسات الاستشفائية المعنية.
وفي ما يخص إعادة هيكلة السلك الثالث للدراسات الطبية، شدد الوزير على أنه تم تقديم مشروع مرسوم يشمل الاحتفاظ بمسار الداخلية لمدة سنتين، وإحداث وضعية “المساعدون” الجديدة التي تمنح راتبا شهريا يعادل الرقم الاستدلالي 509، واعتماد نظام انتقائي مباشر يخول الولوج لمهنة التدريس لفائدة المساعدين، كما تم توحيد الوضعيات القانونية للمقيمين وتقليص مدة الالتزام من 8 سنوات إلى 3 سنوات.
وخلص آيت طالب إلى أن “هذه الإصلاحات تعكس جهود الحكومة الرامية إلى تعزيز جودة التعليم الطبي والارتقاء بمنظومة الصحة الوطنية، بما يضمن توفير خدمات صحية عالية الجودة لجميع المواطنين” .
وخلال تفاعلهم مع العرضين، اعتبر نواب فرق الأغلبية أن الحكومة تفاعلت “بشكل إيجابي مع الإشكال” يؤكد مسعاها إلى حله، داعين الطلبة إلى “تغليب الحكمة”، والانخراط في ورش الحماية الاجتماعية المفضي إلى تعزيز ركائز الدولة الاجتماعية.
من جانبهم، حث نواب المعارضة على التحلي بالمرونة، وضرورة بلورة حل للوساطة ينهي هذا الملف.