إفي
في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها نادي برشلونة، وعدم قدرته على إبرام سوى صفقة وحيدة في الميركاتو الصيفي بضم النجم الدولي داني أولمو، قادماً من لايبزيغ، أصبح خيار الاعتماد على “جواهر” أكاديمية (لا ماسيا) أمراً لا مفر منه للمدرب الألماني هانزي فليك، لعله يجد ضالته فيهم لتخفيف وطأه هذه الأزمة.
ويعد النادي الكتالوني الأشهر بين أندية القارة العجوز في الاعتماد على ناشئيه، وتصعيد عدد لا بأس به من المواهب الشابة للفريق الأول في كل عام، ولعل المثل الأبرز في هذا الجانب، هو الأسطورة الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي حصد “الأخضر واليابس” مع “البلاوغرانا” على مدار 17 عاماً منذ تصعيده للفريق الأول في 2004.
وباستدعاء الماضي والعودة لأعوام قليلة للخلف، مع قدوم جوان لابورتا على مقعد الرئيس في النادي الكتالوني، كان الشاغل الأكبر هو مسألة الإبقاء على ميسي داخل جدران النادي، إلا أن الوضع المالي للنادي ومسألة سقف الرواتب و”اللعب المالي النظيف”، كانت حائلاً دون ذلك، ليحدث ما لم يكن يتوقعه أحد وهو رحيل أسطورة النادي عبر تاريخه ومحطم كل الأرقام القياسية بقميصه، ويستقر به المطاف بقميص فريق آخر وهو باريس سان جرمان الفرنسي.
ومع قدوم أسطورة النادي في خط الوسط عندما كان لاعباً، تشافي هرنانديز، على مقعد المدير الفني خلفاً للهولندي رونالد كومان، في نونبر 2021، لم يكن هناك مخرج لهذه الأزمة سوى البحث في جواهر “لا ماسيا”، لاسيما وأنه كان أحد أبرز عناصرها عندما كان لاعباً صغيراً في صفوف الناشئين.
ورغم أن تجربة تشافي كمدرب لم يكتب لها النجاح الكبير مع البارسا، حيث نجح الفريق خلال حقبته في التتويج بلقب الدوري وكأس السوبر الإسباني فقط في موسم (2022-23)، إلا أن النقطة المضيئة فيها هي ظهور 15 اسماً من “لا ماسيا” خلال حقبته.
ولعل أبرز الأسماء التي نجحت في حفر مكانا لها وسط نجوم الفريق الأول من هذه المواهب هم فيرمين لوبيز ومارك كاسادو، والنجم الواعد لامين يامال، الذي نجح في فترة وجيزة أن يكسر كل الحواجز ويصبح أحد أبرز مواهب القارة العجوز في الفترة الحالية، وقاد منتخب إسبانيا الأول باقتدار للتتويج بلقب بطولة أمم أوروبا الأخيرة التي احتضنتها ألمانيا.
ومع رحيل تشافي وقدوم الألماني هانزي فليك لقيادة الفريق في الموسم الجديد، استمرت سياسة الدفع بالناشئين الواعدين، لاسيما وأن الوضع المالي للنادي لم يتغير كثيراً، حتى أنه لم يبرم سوى صفقة وحيدة حتى الآن في الميركاتو الصيفي وهو نجم منتخب إسبانيا، داني أولمو.
وفي أول ظهور رسمي لبرشلونة هذا الموسم بمواجهة فالنسيا، السبت الماضي، في افتتاحية “الليغا”، شهد التشكيل الأساسي للفريق ظهور 4 أسماء من هذه المواهب وهم لامين يامال وباو كوبارسي ومارك كاسادو، بالإضافة للوجه الجديد وموهبة خط الوسط، مارك بيرنال.
وفي الشوط الثاني، شارك جيرارد مارتين بديلاً لأليكس بالدي الذي تعرض للإصابة، ثم باو فيكتور بدلاً من لامين يامال في الدقائق الأخيرة من اللقاء.
وقدمت هذه الأسماء الشابة مستوى مميزاً للغاية في المباراة، رغم كونها الرسمية الأولى للفريق في الموسم، وستعطي انطباعاً لدى الجماهير عنهم، إلا أنهم ظهروا بثقة كبيرة داخل المستطيل الأخضر، لاسيما بيرنال وكاسادو، والدور الكبير الذي قدماه في وسط الكتيبة الكتالونية.
وفي أول رد فعل لهم على مشاركتهم الأولى مع الفريق الأول، لم تختلف تصريحات كل من مارك بيرنال (17 عاماً) وجيرارد مارتين (22 عاماً)، وباو فيكتور (22 عاماً)، حيث أبدوا جميعهم سعادتهم الكبيرة، وشعورهم بالحماس بعد هذه المشاركة.
كما أكد اللاعبون الثلاثة في تصريحاتهم لوسائل إعلام النادي شعورهم بـ”الفخر الكبير” للعب مع الفريق الأول في مباراة رسمية وسط هذه الأسماء الكبيرة.
وأوضح الثلاثي الواعد أيضاً أن هانزي فليك يمنحهم “ثقة كبيرة” ويتحدث معهم كثيراً، من أجل منحهم “الثقة” وعدم الشعور بـ”الخوف والرهبة” من اللعب في مباريات بهذا المستوى.
ولعل المستوى الذي ظهر به هؤلاء اللاعبون هو ما قد يمنح جماهير البارسا الطمأنينة ويثلج صدورهم، ولو بصفة مؤقتة، على مستقبل الفريق، إلا أن هذا لا يحول دون ضرورة تدعيم صفوف الفريق باسم أو اثنين من اصحاب الخبرة، حتى يستطيع “البلاوغرانا” أن يستعيد مكانته في القارة العجوز، ويظهر على منصات التتويج من جديد في دوري الأبطال، وهي الكأس الغائبة عن خزائنه منذ 9 أعوام.