كل ما يجب معرفته عن متلازمة انحلال الدم اليوريمي غير النمطية

الدكتورة خديجة موسيار، اختصاصية في الطب الباطني ورئيسة الائتلاف المغربي للأمراض النادرة

الدار البيضاء (ومع) بمناسبة اليوم العالمي للتوعية بمتلازمة انحلال الدم اليوريمي غير النمطية، سلطت الدكتورة خديجة موسيار، اختصاصية في الطب الباطني ورئيسة الائتلاف المغربي للأمراض النادرة، الضوء على هذا المرض النادر، أسبابه وآليات تشخيصه وعلاجه.

كما أشارت موسيار، في حوار مع وكالة المغرب العربي للأنباء، إلى الدور الذي يضطلع به الائتلاف المغربي للأمراض النادرة في التحسيس والتوعية بشكل أكبر بهذه الأمراض، كما تطرقت إلى بعض التدابير والإجراءات التي يمكن اتخاذها من طرف السلطات العمومية من أجل تحسين جودة الخدمات المقدمة للمرضى المصابين بأمراض نادرة.

1- يتم يوم 24 شتنبر من كل سنة تخليد اليوم العالمي للتوعية بمتلازمة انحلال الدم اليوريمي غير النمطية، إلا أن هذا المرض ما يزال غير معروف لدى الكثيرين. فما هو هذا المرض؟

بالفعل، تعتبر متلازمة انحلال الدم اليوريمي غير النمطية مرضا غير معروف وهو يصنف بين الأمراض الوراثية النادرة. هذا المرض الوراثي يكمن في وجود خلل بالجهاز التكميلي وهو جزء من الجهاز المناعي، تتمثل مهمته في حماية الجسم عن طريق مهاجمة جميع الخلايا الأجنبية أو الغازية. ويتسبب هذا الخلل في مشاكل بالأوعية الدموية ويؤدي إلى جلطات صغيرة في الأوعية الدموية الصغيرة.

هذا المرض يتميز على الخصوص، بوجود فقر دم حاد يكون له علاقة بتدمير الكريات الحمراء وتحطيم الصفائح وحدوث قصور كلوي، حيث تعتبر الكليتين من الأعضاء الأكثر استهدافا من طرف هذا المرض، إذ إن حوالي 50 في المائة من الحالات المصابة بهذا المرض النادر تعاني من القصور الكلوي المتقدم.

تكمن خطورة هذا المرض في كونه يمكن أن يسبب مشاكل للجسم بأكمله لأنه يصيب الشرايين الصغيرة وبالتالي يمكن أن يؤثر على الدماغ، قد يؤدي إلى الشلل النصفي أو العمى، كما يمكن أن يؤدي إلى جلطات القلب، ومشاكل في الرئتين، والبنكرياس، وغيرها.

ومن المهم التفريق بين مرضين متشابهين وهما “متلازمة انحلال الدم اليوريمي غير النمطية” و “متلازمة انحلال الدم اليوريمي الثانوية”. فالأول يتعلق بمرض جيني وراثي، فيحين يهم النوع الثاني مرض ينتج خصوصا عن الإصابة بتعفن ببكتيريا الإشريكي ة القولونية، الذي ينتج غالبا عن تناول الأطعمة التي لا تحترم معايير السلامة والنظافة الغذائية.

ويتسبب مرض متلازمة انحلال الدم اليوريمي الثانوية بدوره، في تدمير الكريات الحمراء والصفائح بالجسم بالإضافة إلى الإصابة بالقصور الكلوي الحاد.

2- ماذا عن أعراض المرض وطرق تشخيصه؟

غالبا ما يتم التفكير في إمكانية الإصابة بهذا المرض في حالة وجود ثلاثة أعراض، وهي فقر الدم الحاد الناتج عن تدمير الكريات الحمراء، والذي قد يؤدي إلى الإصابة ببوصفير، وتغير لون البول (لون مائل إلى السواد لوجود الكريات الحمراء)، بالإضافة إلى نقص في الصفائح ومشاكل في الكليتين. هذه الأعراض هي التي توجهنا إلى التفكير في إمكانية الإصابة بهذا المرض، واعتماد الآليات الملائمة لتشخيصه وعلاجه.

وللتأكد من الإصابة بهذا المرض من عدمه، يتم قياس جزيئات الجهاز التكميلي، بالإضافة إلى القيام بتشخيص جيني حيث نبحث عن وجود جينات المرض في الجسم. كما نقوم أيضا بالرجوع إلى التاريخ الطبي لعائلة المريض، إذا كان أحد أفراد العائلة مصابين به باعتباره مرض جيني وراثي.

ومن أجل التفريق بين متلازمة انحلال الدم اليوريمي غير النمطية ومتلازمة انحلال الدم اليوريمي الثانوية، نقوم أيضا بتحاليل في الدم للبحث عن سموم بكتيرية الإشريكي ة القولوني ة، خاصة في حالة ما إذا كان المريض طفلا، حيث إن متلازمة انحلال الدم اليوريمي الثانوية تصيب الأطفال بشكل أكبر.

3- هل هناك معطيات وأرقام حول هذا المرض النادر بالمغرب؟

في الحقيقة لا توجد معطيات خاصة بالمغرب، لكن على المستوى العالمي يصيب هذا المرض 1 من كل 100 ألف شخص، بالنسبة متلازمة انحلال الدم اليوريمي غير النمطية وحدها، أما إذا أخذنا بعين الاعتبار النوعين معا (متلازمة انحلال الدم اليوريمي غير النمطية ومتلازمة انحلال الدم اليوريمي الثانوية) فهي تصيب 4 إلى 5 أشخاص من كل 100 ألف نسمة.

4- هل هناك دواء خاص بهذا المرض؟

منذ عام 2011، تم إيجاد دواء يمكن من نقص بأكثر من 50 في المائة من إمكانية حدوث القصور الكلوي بالنسبة للمصابين بهذا المرض، ويحمي المريض من الوفاة لأنه يمنع حدوث الجلطات بالأوعية الدموية الصغيرة.

لكن للأسف، هذا الدواء ما يزال غير مسوق بالمغرب، لذا يعتمد الأطباء في المغرب في حالة وجود فقر دم حاد على إعطاء الكريات الحمراء، كما نقوم أيضا بعملية تصفية الدم (échanges plasmatiques)، في بعض الأحيان قد ينتج عن ذلك ارتفاع نسبة الحديد في الجسم، وبالتالي يجب إعطاء المريض دواء لتعديل نسبة الحديد، بالإضافة إلى غسيل الكلى إذا كان المريض في حاجته.

5- باعتباركم جمعية تنشط في التوعية بالأمراض النادرة، ماهي الإجراءات المتخذة للتحسيس بهذا المرض، سواء لدى المهنيين أو العموم ؟

يبلغ عدد الأمراض النادرة 8000 مرض وهو عدد هائل، كل سنة نخصص يوم دراسي بمناسبة اليوم الوطني للأمراض النادرة الذي يتزامن مع اليوم العالمي للأمراض النادرة في آخر شهر فبراير من كل سنة.

كما نقوم كل سنة في شهر شتنبر بتنظيم الملتقى الجمعوي للأمراض النادرة يلتئم خلاله جمعيات المرضى المصابين بأمراض نادرة وأطباء متخصصين، والذي ينظم هذه السنة حول “اضطرابات التعلم والأمراض النادرة”.

ونعمل على مدار السنة على تنظيم لقاءات وندوات، وحملات تحسيسية في مختلف وسائل الإعلام للتعريف بهذه الأمراض، بالإضافة إلى تأطير ومواكبة المرضى وأسرهم، وتشجيعهم على تكوين جمعيات للتعريف بالأمراض التي يعانون منها والمشاكل المرافقة لها، والتحاور مع السلطات العمومية لبحث وجود دواء لأمراضهم وإمكانية تسويقها بالمغرب.

وهنا لا بد من التأكيد على دور السلطات العمومية الوصية في تشجيع ودعم المختبرات لتوفير الأدوية الخاصة بالأمراض النادرة، والعمل على أن يكون هناك تعويض على هذه الأدوية، والتشجيع على إحداث مراكز مرجعية ، لأنه من الصعب على الأطباء ضبط جميع الأمراض الموجودة، ولذا فإن إحداث مركز مرجعي يستقبل الحالات المشكوك في إصابتها بأمراض نادرة ، سيكون له دور هام في تشخيص هذه الأمراض وتقديم الحلول الطبية الملائمة لكل حالة.

وبالموازاة مع ذلك، يجب تكوين أطباء وممرضين خاصين مؤهلين للتعامل مع الأشخاص المصابين بالأمراض النادرة ليكون المرضى بين أيادي متمكنة.

Total
0
Shares
أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشورات ذات الصلة