افتتحت فعاليات المناظرة الثانية للصناعات الثقافية والإبداعية، المنعقدة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الأربعاء في الرباط. الحدث الذي استقطب نخبة من رواد الأعمال والفنانين والمستثمرين والخبراء، يهدف إلى تعزيز دور الثقافة كمحرك أساسي للنمو الاقتصادي والاجتماعي.
المناظرة، التي تنظمها فيدرالية الصناعات الثقافية والإبداعية التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب بالتعاون مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل وبدعم من الاتحاد الأوروبي، تسعى إلى دفع المغرب نحو الريادة الإقليمية في مجال الصناعات الثقافية.
وتركزت المناقشات حول الابتكار في تمويل الفنون وتثمين التراث الثقافي، إلى جانب مواضيع مثل تأثير الذكاء الاصطناعي والشراكة بين القطاعين العام والخاص.
في مداخلته خلال أولى جلسات النقاش التي تناولت موضوع “الشراكة بين القطاعين العام والخاص: رهان ناجح للثقافة”، أكد فيصل العرايشي، الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة (SNRT)، على الدور المحوري للإعلام السمعي البصري في حماية الهوية الثقافية المغربية.
وأوضح قائلاً: “السمعي البصري اليوم هو الوسيلة الأكثر فاعلية لترك بصمة تُمكن الأجيال القادمة من فهم تقاليدها وثقافتها وتاريخها”.
كما أشار إلى أن الشركة الوطنية قد تبنت هذا الدور، بالرغم من غياب نصوص قانونية صريحة تلزمها بذلك، موضحاً أن القناة تنتج وتبث سنوياً عشرات الأفلام الوثائقية التي تبرز التراث المغربي عبر منصات متعددة.
في مداخلته، تناول العرايشي أيضاً التحديات الهيكلية المتعلقة بتمويل المشاريع الثقافية، مشيراً إلى أن الاعتماد الحصري على طلبات العروض يحد من الإبداع والابتكار في هذا المجال.
وأكد أن المغرب بحاجة إلى “إبداع طلائعي يعكس الهوية والتيارات الفكرية للمجتمع”. وطرح العرايشي مقترحاً بتبني نهج جديد يقوم على شراء الأعمال الفنية المكتملة، مما يمنح المبدعين مساحة أكبر للتعبير عن رؤيتهم الفنية.
كما دعا العرايشي إلى إصلاح الإطار التنظيمي الذي اعتبره عائقاً أمام الإبداع، مشيراً إلى ضرورة توفير آليات أكثر مرونة لدعم المشاريع الثقافية المبتكرة، وحث الفاعلين من القطاع الخاص على المشاركة بشكل أكبر في هذه الجهود من خلال الاستثمار في الإنتاج الثقافي.
وفي سياق آخر، أكد محسن الجزولي، الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والتقارب وتقييم السياسات العامة، على أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص في دعم الصناعات الثقافية والإبداعية، مشيراً إلى أن هذه الشراكة هي مفتاح النمو والتطور لأي دولة.
وأوضح أن الدولة مستعدة لدعم القطاع الثقافي من خلال تثمين التراث المغربي، وإنشاء بنى تحتية جديدة، وتوفير التمويل المبتكر، فضلاً عن تكوين الفاعلين الثقافيين.
واختتمت المناقشات بتأكيد المشاركين على أهمية الشراكات بين القطاعين العام والخاص في توفير الموارد اللازمة والبنية التحتية الضرورية لتعزيز الإنتاج الثقافي الوطني. وأكد العرايشي على ضرورة “التآزر” وإعادة التفكير في النماذج الحالية لتحقيق التطوير السريع والفعال للصناعات الثقافية.