مونديال 2030.. 6 تحديات جوهرية تتطلب المعالجة

أوضح تقرير جديد لمرصد العمل الحكومي، حول تنظيم كأس العالم 2030: “مكاسب تنموية كبرى وتحديات لتحقيق الاستدامة”، أنه في بينما يشكل تنظيم كأس العالم فرصة استثنائية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، “فإن هذا الهدف يقترن بتحديات كبيرة تتطلب سياسات ناجعة لتحقيق مردودية مستدامة على المدى الطويل”.

وأضاف: “إذ إن الوصول إلى النتائج المرجوة في ظل منافسة عالمية، خاصة مع دول شريكة مثل إسبانيا والبرتغال، يستلزم من المغرب معالجة بعض التحديات الجوهرية التي تتعلق بالنموذج الاقتصادي للملاعب والبنية التحتية، وضبط معدلات المديونية، وتحديث الخدمات والرقمنة”.

نموذج اقتصادي مستدام للملاعب: تحقيق المردودية بعد انتهاء البطولة

في هذا الإطار، أوضح التقريرن أنه عادة ما تواجه الدول المستضيفة تحديات كبيرة بعد انتهاء كأس العالم، لا سيما فيما يخص استخدام الملاعب والمنشآت الرياضية بطريقة اقتصادية مستدامة، ولتجنب أن تصبح الملاعب استثمارا غير ذي مردود بعد الحدث، يحتاج المغرب إلى تطوير نموذج اقتصادي مبتكر يضمن استدامة الملاعب واستخدامها لتحقيق عائدات مالية مستدامة.

ولفت التقرير، انه يمكن أيضاً استغلال هذه الملاعب لإقامة فعاليات محلية ودولية في مختلف المجالات، مثل البطولات الرياضية الإقليمية والمهرجانات الثقافية والمعارض، “مما يسهم في تعزيز الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل مستدامة، وسيكون من الضروري تشجيع الشراكات مع القطاع الخاص وتطوير برامج تمويل مبتكرة تمكن من استدامة الاستثمار وتحقيق عوائد مالية في مختلف الفترات، وبالتالي تجنب عبء الصيانة الباهظة بعد البطولة”.

إدارة المديونية وتجنب ضغوط الديون

يبقى تأمين التمويل اللازم لبناء البنية التحتية وتحديثها من أكبر التحديات التي تواجه الدول المضيفة لكأس العالم، ويبرز هذا التحدي بشكل خاص بالنسبة للمغرب، حيث سيتعين، وفق التقرير، إدارة التكاليف الضخمة المرتبطة بتمديد شبكات النقل، وبناء المنشآت الرياضية والمرافق العامة، خاصة مع تقدير بعض المشاريع الكبرى بمليارات الدولارات، في هذا السياق، يتوجب المغرب وضع استراتيجية دقيقة لتمويل هذه المشاريع، مع التركيز على تقليل الاعتماد على القروض الممولة بمديونية مرتفعة، وتجنب ضغوط الديون المستقبلية.

في هذا الصدد يمكن للمغرب التوجه نحو تطوير شراكات تمويلية مع مؤسسات دولية مانحة واستقطاب استثمارات القطاع الخاص المحلي والدولي، إلى جانب ذلك، يمكن استغلال بعض الاتفاقيات الثنائية والدعم الدولي في تطوير البنية التحتية، مما يخفف من الأعباء المالية، ويضمن تمويلا مستداما يتماشى مع أهداف النموذج التنموي المغربي.

الرقمنة وتطوير الخدمات الذكية

على هذا الجانب، اعتبر التققرير، أن الرقمنة وتطوير الخدمات الذكية، تعد ركيزة أساسية لجعل تنظيم كأس العالم في المغرب تجربة متميزة، فالمقارنة مع إسبانيا والبرتغال، اللتين تتمتعان بمستوى عال بالمقارنة مع المغرب من التطور في الخدمات الرقمية، ستضع ضغطا على المغرب لتحديث بنيته الرقمية، ورفع مستوى الخدمات لجعلها متوافقة مع توقعات الجمهور العالمي، ويشمل ذلك تطوير منصات إلكترونية مدمجة لتيسير حجز التذاكر، وحجز الإقامات، ووسائل النقل، وتحسين تجربة المشجعين من خلال التطبيقات الذكية التي تتيح لهم الوصول إلى المعلومات والخدمات بسرعة وسلاسة.

يستدعي هذا التحدي، يضيف التقرير ذاته، تعزيز البنية التحتية الرقمية في مختلف المدن المغربية، وتأمين خدمات الإنترنت العالية الجودة، وتطوير تطبيقات ذكية متعددة اللغات توفر معلومات عن الأماكن السياحية والمرافق العامة، إلى جانب تطوير نظام أمن سيبراني قوي لحماية بيانات المستخدمين وضمان سلامة العمليات الإلكترونية، وسيكون تحسين جودة الرقمنة محورياً في تحسين التجربة العامة للزوار، وجذب المزيد من السياح.

تحسين جودة الخدمات العامة والسياحية والنقل

يمثل مستوى جودة الخدمات العامة والسياحية تحديا أساسياً، من منظور التقرير، خاصة وأن المغرب سيقارن بإسبانيا والبرتغال اللتين تمتازان بتجربة سياحية عالمية، لذلك سيكون من الضروري العمل على تحسين الخدمات السياحية والبنية التحتية بشكل يتماشى مع متطلبات البطولة، ويقدم مستوى متقدما من الراحة للزوار، تشمل توفير مرافق عالية الجودة في الفنادق والمطاعم والمواصلات، وتدريب الأطر والموارد البشرية العاملة في القطاع السياحي على تقديم خدمة احترافية، وتهيئة المنشأت لتلائم الانتظارات العالمية.

وشدد التقرير ذاته، أنه ينبغي تطوير شبكات الطرق والمواصلات، “بحيث تكون قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من الزوار، مع تحسين وسائل التنقل داخل المدن وبين المناطق السياحية، حيث لا يمكن ان نستمر في ظل منظومة نقل تقوم على الريع و على الاعتماد المطلق على منظومة “التاكسي” بدون أي اصلاح او تحديث، مع ضرورة الانفتاح على تجربة التطبيقات الذكية وإيجاد الصيغ القانونية لإدماجها في منظومة النقل الشرعية، مع ضرورة توعية السائقين المهنيين فيما يتعلق بضوابط التسعيرة و التعامل الجيد مع الزوار، ما يتيح لهم تجربة مريحة تساهم في تحسين سمعة المغرب كوجهة سياحية متطورة”.

التحديات البيئية والاستدامة

في ظل التوجه الدولي المتزايد نحو تحقيق الاستدامة، فإن تنظيم بطولة عالمية بهذا الحجم، حسب التقرير، يشكل تحديا بيئيا يستدعي من المغرب وضع سياسات بيئية مستدامة، تشمل إدارة الموارد الطبيعية، وخفض استهلاك الطاقة والمياه، وتقليل النفايات والانبعاثات الضارة، إذ يمكن استغلال هذه الفرصة للترويج لمشاريع الطاقات المتجددة، واستخدام الملاعب والمنشآت بطرق تتيح تحقيق مردودية اقتصادية مع الالتزام بالمعايير البيئية، ويجب على المغرب وضع مشاريع لإعادة تدوير الموارد، وتشجيع استخدامها الذكي، لضمان تراكم بيئي إيجابي للبطولة.

الأمن واستراتيجية التنقل المتكاملة

الأمن يمثل ركيزة أساسية في أي حدث عالمي، وذكر التقرير، أنه لتأمين كأس العالم يتطلب من المغرب اعتماد استراتيجية شاملة تشمل إجراءات صارمة لضمان سلامة الزوار والمنشآت، في هذا السياق، من الضروري تطوير خطة تنقل متكاملة تشمل وسائل النقل العام، وأماكن الإقامة، والمسارات السياحية لتجنب الاكتظاظ وتوفير تجربة آمنة ومريحة للجميع.

تعزيز الجانب الأمني، وفق التقرير ذاته، يتطلب البدء منذ الآن في توعية وتحسيس المغاربة بأهمية تنظيم كأس العالم وبالفرص التي يوفرها للمغرب في مساره التنموي ومدى انعكاساته الإيجابية عليهم، وبضرورة انخراطهم الواعي والمسؤول في إنجاح هذه التظاهرة، فالمغاربة يجب ان يكونوا جزء لا يتجزأ من إنجاح هذا المشروع، “ولن يتأتى هذا الأمر إلى عبر مقاربة تشاركية يكون من خلالها للمجتمع المدني دور بارز في التواصل والتعبئة والتكوين لفائدة عموم الشباب المغاربة”.

Total
0
Shares
أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشورات ذات الصلة