تباينت وجهات نظر قادة وممثلي أحزاب من المعارضة والأغلبية، خلال ندوة وطنية احتضنتها، الأربعاء، المكتبة الوطنية بالرباط، بشأن حصيلة تطبيق دستور 2011.
وتراوحت مواقف الأحزاب المشاركة في هذا اللقاء الذي نظمته مؤسسة “فكر للتنمية والثقافة والعلوم” بشأن “سنوات من تطبيق الدستور.. 2011-2016، الحصيلة والآفاق”، بين اعتبار حصيلة تنزيل الدستور الجديد “ضعيفة جدا” أو لم تصل إلى “الدرجة المنشودة”، وبين من رأى أن مجهودا هاما بذل على هذا الصعيد وأفضى إلى إقرار سلسلة من القوانين التنظيمية.
وفي هذا الصدد، وصف الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، إلياس العماري، في كلمة خلال افتتاح هذه الندوة، حصيلة تنزيل القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية بـ”الضعيفة جدا”.
وأضاف أن ما تم تنزيله من قوانين تنظيمية إلى الآن يتضمن “الكثير من المساحات الغامضة والفارغة”، موردا نموذج القانون التنظيمي المتعلق بالتعيين بالوظائف السامية. وأشار إلى أن تنزيل الدستور لم يعتمد على مبدأ الجهد الجماعي، ومشاركة مختلف المكونات، والمضمون التوافقي، الذي تم اعتماده خلال إخراج الوثيقة الدستورية في 2011، داعيا الحكومة إلى الاحتكام إلى “روح النقاش الجماعي”، التي طبعت بلورة الدستور.
بدوره، رأى الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بنعبد الله، أنه لم يتم الوصول إلى “الدرجة المرجوة” من التنزيل الديمقراطي للدستور، موضحا أنه كان يجب تغليب هذه المسألة على الحسابات المرتبطة بالأغلبية والمعارضة.
وأوضح أن “المسألة الدستورية لا تزال تعد من المقاربات الأساسية، ومن ضمن الإصلاحات الجوهرية، التي يتعين على المغرب أن يخوض فيها، من أجل تثبيت المسار الديمقراطي”، مطالبا بتضافر جهود مختلف الشركاء، من أجل تنزيل ديمقراطي للدستور، سيحدد مسار البلاد خلال العقود المقبلة.
أما الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، فاعتبر أن “من بات يخضع للمراقبة، من قبل الحكومة، خلال السنوات الخمس الأخيرة هو البرلمان ذاته، الذي يضطلع، مبدئيا، بمهمة مراقبة العمل الحكومي”.
ورأى أن “مبدأ رقابة البرلمان على الحكومة قد ضرب، وباتت الأغلبية تحاور نفسها بالبرلمان”، موردا في هذا السياق “نموذج هيمنة الأغلبية على التقرير في مسألة النظام الداخلي للبرلمان، بخلاف ما كان يحصل في الماضي”.
ودعا لشكر الفاعلين السياسيين إلى مباشرة حوار جدي حول التعديلات البسيطة على الدستور، التي يمكن أن تطور وترسي دعائم مؤسسات قوية.
ومن جهته، توقف عضو المكتب السياسي لحزب الاتحاد الدستوري، حسن عبايبة، خلال هذه الندوة، عند ما اعتبر أنه “سقف دستوري عال ووجود تخمة في التشريع والخطاب الاجتماعي، في ظل بدائل اقتصادية محدودة جدا”.
وفي كلمة خلال هذه الندوة الوطنية، سلط رئيس مجلس المستشارين، حكيم بن شماش، الضوء على الخطب الملكية الموجهة بالخصوص بمناسبات الدورات الأولى للسنوات التشريعية، موضحا أن هذه الخطب تمكن الفاعلين المؤسساتيين المعنيين من وضع اليد على الجواب الأكثر إشكالية في إعمال الدستور على مستوى العمل البرلماني.
وأوضح أن قضية عقلنة الأداء البرلماني، انطلاقا من تجانس النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان، والجودة التشريعية للقوانين، محاور تكتسي أهمية قصوى. ودعا إلى “توفير شروط الانتقال من منطق مجلسي البرلمان إلى منطق برلمان واحد بمجلسين”، وإبداع آليات تضمن بعض درجات التكامل والتنسيق الرامي إلى ضمان جودة مقبولة بالإنتاج التشريعي وضمان استثمار الزمن التشريعي. ويبحث المشاركون في هذه الندوة الوطنية سلسلة من المحاور تهم على الخصوص “دستور 2011 جدلية القطيعة والاستمرارية” و”استقلالية السلطة القضائية” و “الدستور وتوازن السلط” و”تطور بنية ووظيفة البرلمان المغربي من خلال دستور 2011″ و”التشريع والإصلاح” و”هيئات الحكامة” ، فضلا عن “السياسة الخارجية المغربية على ضوء دستور 2011”.