أكد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، أن زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، لمنطقة الصحراء، تجازوت الأهداف التي حددها في البداية، وتمادى إلى درجة استعمال لفظة “الاحتلال” لوصف استرجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية، مشيرا إلى أن “استعمال هذا الوصف هو سابقة في قاموس الأمم المتحدة في تناولها لملف الصحراء المغربية”.
وأضاف بنكيران، خلال كلمة ألقاها اليوم السبت في دورة استثنائية عاجلة للبرلمان خصصت للحديث عن آخر مستجدات القضية الوطنية، أن تصريحات بان كي مون لا تستند لأي أساس سياسي أو قانوني، ويعتبر استحضارها في هذه الحالة مخالفا للقانون الدولي وللأعراف المعمول بها.
وأوضح بنكيران أن بان كي مون “تغاضى عن إثارة قضية الخروقات المكثفة لحقوق الإنسان وحقوق “اللاجئين” التي ارتكبت في مخيمات تندوف بالجزائر، لا سيما قضية الاختطافات واسعة النطاق للنساء، والتي شملت أزيد من 150 امرأة وكانت حديث الصحافة العالمية، وخاصة الاسبانية منها، بحكم أن أغلب المختطفات ومجهولات المصير يحملن الجنسية الاسبانية. حيث تم احتجازهن في مخيمات تندوف أثناء زيارتهن لأسرهن. وقد أشار المغرب على سبيل المثال، إلى حالة ثلاث نساء صحراويات محتجزات منذ أكثر من سنة، وتم عرض حالتهن على الأمم المتحدة، وخاصة المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان من طرف عائلاتهن وكذا من طرف المنظمات الدولية لحقوق الإنسان وأخرى لا حكومية”.
وقال بنكيران إن ” الأمين العام أعلن عزمه تنظيم مؤتمر لمانحي المساعدات الإنسانية للمحتجزين في مخيمات تندوف، دون أن يتطرق لقضيتين بالغتي الأهمية، الأولى تتمثل في ضرورة إجراء إحصاء لهاته الساكنة والذي دعا إليه الأمين العام بنفسه في العديد من تقاريره ويفرضه القانون الإنساني الدولي وتؤكده جميع قرارات مجلس الأمن منذ 2011، والثانية تهم الاختلاس المؤكد والمنتظم، منذ أربعة عقود، للمساعدات الإنسانية الموجهة لساكنة المخيمات، والذي أكدته تقارير المفوضية السامية للاجئين وبرنامج الغذاء العالمي ومكتب محاربة الغش بالاتحاد الأوروبي وندد به المجتمع الدولي والدول المانحة”، مشيرا إلى أن “هذه التجاوزات، هي أبعد ما تكون عن تحقيق الهدف الذي أعلنه الأمين العام خلال هذه الزيارة والمتمثل في إحياء المفاوضات، قبل بضعة أشهر من انتهاء ولايته”.
وأضاف بنكيران أن التطورات الأخيرة تبين أن الأمين العام خرق الاتفاق مع جلالة الملك والالتزام بمضمون المكالمة الهاتفية، كما أضر بمبدأ الحياد الذي هو جوهر الأمم المتحدة، ومس كذلك بالقانون الدولي في هذا المجال، وهو ما ستكون له تبعات بالنسبة للموقف المغربي.
واستغرب بنكيران “كيف أن هذه التطورات تأتي مباشرة بعد المبادرة الملكية السامية لإطلاق مسيرة خضراء جديدة لا تقل قوة عن الأولى، قوامها الجهوية الموسعة والمخطط التنموي الضخم الذي سيجعل الأقاليم الجنوبية حالة استثنائية في المنطقة وحلقة وصل كبرى بين بلادنا وبين إفريقيا وفي وقت يقوي فيه المغرب أكثر فأكثر سياسته الأفريقية”.
وأشار بنكيران إلى أن “أنه بعد شهور قليلة من عودة الثقة بين المغرب والأمين العام للأمم المتحدة، يبدو أن الجانب الأممي لم يتراجع عن الخطوات التي شرع في تحضيرها منذ تعيين مبعوثه الشخصي في يناير 2009، والتي أثارت ردود فعل قوية من جانب المغرب الذي طالب بضمانات بعدم الخروج عن الإطار الذي ترسمه قرارات مجلس الأمن الدولي لتحركات الأمين العام ومبعوثه في ملف الصحراء”، موضحا أن ” مؤشرات الإصرار على الخضوع لضغوط الخصوم ومحاولة جرّ الملف إلى مناقشة حلول لا تحفظ الوحدة الترابية للمغرب، ستدفع بلاد المغرب إلى اتخاذ ما تمليه عليه مصالحه الاستراتيجية وفي مقدمتها الوحدة الوطنية والترابية، إذ لا شيء يعلو فوق قدسية الوطن”.
وعاد بنكيران ليؤكد أن المغرب بمواطنين ومؤسسات وأحزاب سياسية ونقابات ومجتمع مدني وفعاليات حقوقية ومجتمعية، يقف وقفة جسد واحد، حين يتعلق الأمر بالوحدة الوطنية ، مشيرا إلى أن “مثل الظرف الحالي، نتحول إلى يد واحدة، بإرادة واحدة، وصوت واحد، يصدح “المغرب أولا وأخيرا، بقيادة ملكنا حفظه الله وأيده”.