أكد وزير الصحة، الحسين الوردي، اليوم الأربعاء بالرباط، أن المغرب تمكن من تخفيض نسبة الإصابة بداء السل من معدل 107 حالات جديدة لكل 100 ألف نسمة في سنة 2000 إلى 89 حالة جديدة لكل 100 ألف نسمة في سنة 2015، ليتراجع بذلك انتشار هذا الوباء بنسبة 17 في المائة، مما مكن المغرب من بلوغ أهداف الألفية للتنمية الخاصة بمحاربة هذا الوباء.
وأوضح الوردي، في لقاء تحسيسي نظم بمناسبة تخليد اليوم العالمي لمحاربة داء السل، الذي يصادف 24 مارس من كل سنة والذي اختارت منظمة الصحة العالمية كشعار له لهذه السنة: “لنتحد من أجل القضاء على السل”، أن داء السل لا يزال، مع ذلك، يمثل تحديا حقيقيا للصحة العامة في المغرب، وذلك على الرغم من المجهودات التي بذلت سواء في مجال الوقاية أو التشخيص أو العلاج، مبرزا أن مصالح وزارة الصحة تسجل ما يقارب 30 ألف حالة إصابة سنويا.
وأشار، في كلمة بمناسبة افتتاح هذا اللقاء، الذي نظم بشراكة مع العصبة المغربية لمحاربة داء السل وبدعم من الصندوق العالمي لمكافحة داء السيدا والسل والملاريا، إلى أن داء السل الرئوي يشكل نصف حالات الإصابة بهذا الداء الذي يصيب عموما الساكنة الشابة التي يتراوح عمرها بين 15 و45 سنة.
وأبرز أن وزارة الصحة عملت في إطار الاستراتيجية القطاعية 2012-2016 على تعبئة موارد مهمة للحد من انتشار هذا المرض، بحيث تم الرفع من الاعتمادات المالية المخصصة للبرنامج الوطني لمحاربة داء السل من 30 مليون درهم سنة 2012 إلى 65 مليون درهم سنة 2015، إضافة إلى دعم مالي من الصندوق العالمي لمكافحة السيدا والسل والملاريا بقيمة 85 مليون درهم.
وأشار الوزير إلى أنه من خلال تحليل الحالة الوبائية لداء السل في المغرب، يتضح جليا بأن المحددات السوسيو-اقتصادية تلعب دورا كبيرا في استمرارية انتشار هذا المرض، أهمها ظروف السكن، والفقر والهشاشة، والاختلاط، والكثافة السكانية الكبرى وسوء التغذية.
في هذا السياق، أفاد الوزير بأن 70 في المائة من المرضى ينتمون إلى الأحياء الهامشية لكبريات المدن، من قبيل الدار البيضاء، سلا، وفاس وطنجة، وهي هوامش معروفة بكثافة ساكنتها وبهشاشة أوضاعها المعيشية.
واعتبر أن القضاء على داء السل في المغرب يتطلب العمل على مواجهة هذه المحددات السوسيو-اقتصادية “بكل حزم ومسؤولية”، في إطار تظافر جهود كل القطاعات الوزارية المعنية، علاوة على الجماعات الترابية وفعاليات المجتمع المدني، مع اعتماد مقاربة شمولية تجعل الصحة في قلب اهتمام كل السياسات العمومية.
من جهته، أكد مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم الشرق المتوسط، علاء الدين العلوان، أن تخليد العالم لليوم العالمي للسل يشكل مناسبة للتذكير بأن هذا الوباء لا يزال يعتبر خطرا على حياة البشر، مضيفا أن منظمة الصحة العالمية تصنفه، إلى جانب فيروس نقص المناعة (السيدا) كأحد أهم الأسباب الرئيسية للوفيات الناجمة عن الأمراض السارية.
وأفاد ذات المصدر، في كلمة ألقيت بالنيابة عنه من قبل ممثل المنظمة في المغرب، إيف سوتيروند، بأن سنة 2014 شهدت إصابة نحو 9.6 مليون شخص بالسل، بينما توفي 1.5 مليون شخص جراء هذا الوباء، لافتا إلى أن المنظمة أقرت في تلك السنة استراتيجية عالمية جديدة للقضاء على السل، الذي غالبا ما يطلق عليه “مرض الفقراء” لكونه يصيب بالفعل الفقراء أكثر من غيرهم من الفئات الأخرى في المجتمع.
واعتبر العلوان أن إقليم شرق المتوسط أحرز تقدما في مكافحة السل، موضحا أنه يعد أحد أربعة أقاليم تابعة للمنظمة التي حققت الهدف المتمثل في خفض معدل وفيات السل بحلول 2015 إلى النصف مقارنة بتقديرات 1990.
بيد أن هناك عقبات جوهرية، يستطرد ذات المصدر، لا يزال يتعين تجاوزها على الرغم من توافر خدمات التشخيص والعلاج بكلفة منخفضة.
وذكر بأنه لم تكتشف 40 في المائة من حالات الإصابة بالسل المقدرة في الإقليم أو لم يبلغ عنها في سنة 2014.
ولفت إلى أنه في إقليم يؤثر فيه الصراع تأثيرا وخيما على خدمات الصحة العمومية في نحو ثمانية بلدان، فإن الحاجة تبقى ماسة إلى اتباع مقاربات ابتكارية للوصول إلى الحالات التي لم تشخص في المجتمعات المحلية.
يشار إلى أن هذا اللقاء تميز بتوقيع الوردي على أربع اتفاقيات مع جمعيات تنشط في مجال محاربة داء السل تستفيد بمقتضاها هذه الجمعيات من دعم ومواكبة الوزارة لأنشطتها ومجهوداتها ذات الصلة. هذه الجمعيات هي على التوالي : العصبة المغربية لمحاربة داء السل، وجمعية “إس أو إس” لمكافحة السل والأمراض التنفسية، والجمعية المغربية للتضامن والتنمية، وجمعية طلبة علوم الحياة والأرض.
وستتواصل أشغال هذا اللقاء بتقديم عدة عروض تتمحور في مجملها حول مكافحة داء السل بالمغرب وسبل الوقاية منه، على أن تختتم بإصدار توصيات حول الموضوع.