أكد الملك محمد السادس، أن المغرب يعتبر دائما أمن واستقرار دول الخليج العربي، من أمن المغرب.
وقال الملك، في خطاب ألقاه، اليوم الأربعاء بالرياض، في افتتاح قمة المغرب-دول الخليج، إن “الدفاع عن أمننا ليس فقط واجبا مشتركا، بل هو واحد لا يتجزأ، فالمغرب يعتبر دائما أمن و استقرار دول الخليج العربي، من أمن المغرب، وما يضركم يضرنا وما يمسنا يمسكم”.
وأشار الملك في هذا الصدد، إلى أن المغرب يحرص على تجسيد ذلك في كل “الظروف والأحوال، للتصدي لكل التهديدات، التي تتعرض لها المنطقة، سواء في حرب الخليج الأولى، أو في عملية إعادة الشرعية لليمن، فضلا عن التعاون الأمني و الاستخباراتي المتواصل”.
وشدد الملك على أن “الوضع خطير، خاصة في ظل الخلط الفاضح في المواقف، وازدواجية الخطاب بين التعبير عن الصداقة والتحالف، ومحاولات الطعن من الخلف”، مسجلا جلالته أنه أمام “المؤامرات التي تستهدف المس بأمننا الجماعي، فالأمر واضح ، ولا يحتاج إلى تحليل، إنهم يريدون المس بما تبقى من بلداننا ، التي استطاعت الحفاظ على أمنها واستقرارها، وعلى استمرار أنظمتها السياسية، وأقصد هنا دول الخليج العربي والمغرب والأردن” ، يضيف جلالة الملك، التي تشكل “واحة أمن وسلام لمواطنيها ، وعنصر استقرار في محيطها”.
وأشار الملك إلى “أننا نواجه نفس الأخطار، ونفس التهديدات ، على اختلاف مصادرها و مظاهرها”، مبرزا أن “المخططات العدوانية، التي تستهدف المس باستقرارنا ، متواصلة و لن تتوقف، فبعد تمزيق وتدمير عدد من دول المشرق العربي، ها هي اليوم تستهدف غربه، وآخرها، المناورات التي تحاك ضد الوحدة الترابية لبلدكم الثاني المغرب”.
وأضاف الملك في هذا السياق، “هذا ليس جديدا، فخصوم المغرب يستعملون كل الوسائل، المباشرة وغير المباشرة، في مناوراتهم المكشوفة، فهم يحاولون حسب الظروف، إما نزع الشرعية عن تواجد المغرب في صحرائه، أو تعزيز خيار الاستقلال و أطروحة الانفصال، أو إضعاف مبادرة الحكم الذاتي ، التي يشهد المجتمع الدولي بجديتها ومصداقيتها”.
وفي ما يتعلق بالمؤامرات التي تحاك ضد المغرب، أكد الملك أن شهر أبريل، الذي يصادف اجتماعات مجلس الأمن حول قضية الصحراء، “أصبح فزاعة ترفع أمام المغرب ، وأداة لمحاولة الضغط عليه أحيانا، ولابتزازه أحيانا أخرى”.
وفي هذا الصدد أعرب الملك عن اعتزازه وتقديره، لوقوف دول الخليج الدائم إلى جانب المغرب ، في الدفاع عن وحدته الترابية، فالصحراء المغربية كانت دائما قضية دول الخليج أيضا، وهذا “ليس غريبا عنكم”.
من جهة أخرى، أكد الملك أن هذه القمة تأتي في ظروف صعبة، فالمنطقة العربية تعيش على وقع محاولات تغيير الأنظمة، وتقسيم الدول، كما هو الشأن في سورية والعراق وليبيا، مع ما يواكب ذلك من قتل و تشريد وتهجير لأبناء الوطن العربي.
وأضاف الملك “فبعدما تم تقديمه كربيع عربي، خلف خرابا ودمارا ومآسي إنسانية ، ها نحن اليوم نعيش خريفا كارثيا، يستهدف وضع اليد على خيرات باقي البلدان العربية، ومحاولة ضرب التجارب الناجحة لدول أخرى كالمغرب، من خلال المس بنموذجه الوطني المتميز”.
وفي هذا الصدد، قال الملك إنه “حان و قت الصدق والحقيقة، لأن العالم العربي يمر بفترة عصيبة، فما تعيشه بعض الدول ليس استثناء، وإنما يدخل ضمن مخططات مبرمجة، تستهدفنا جميعا”، مشددا جلالته على ان “الإرهاب لا يسيء فقط لسمعة الإسلام و المسلمين، وإنما يتخذه البعض ذريعة لتقسيم دولنا، وإشعال الفتن فيها، وهو ما يقتضي فتح نقاش صريح وعميق، بين المذاهب الفقهية، قصد تصحيح المغالطات، وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام ، والرجوع للعمل بقيمنا السمحة”.
وأضاف الملك أن “الأمر لا يتعلق بقضية في دولة معينة، وإنما بحاجتنا إلى وعي جماعي بهذه التحديات، وبإرادة حقيقية لتجديد عقدنا الاستراتيجي مع شركائنا ، بناء على محددات واضحة المعالم ، تضبط علاقاتنا خلال العشريات المقبلة”.
وشدد الملك على “أننا نعيش مرحلة فاصلة ، بين ماذا نريد ، وكيف يريد الآخرون أن نكون”، مشيرا إلى “أننا اليوم، أكثر حاجة لوحدة ووضوح المواقف، بين كل الدول العربية، فإما أ ن نكون جميعا كالجسد الواحد والبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضا، أو أن نكون كما لا نريد”.