أكد المشاركون في برنامج خاص بثته القناة الثانية (دوزيم) مساء الجمعة، أن خطاب الملك محمد السادس أمام القمة المغربية الخليجية، الأربعاء الماضي في الرياض، كان صريحا وتضمن رسائل قوية بخصوص العديد من القضايا الراهنة، ومستجدات ملف الصحراء وعلاقات المغرب الخارجية، فضلا عن واقع المنطقة العربية عامة.
وفي هذا الصدد، قال الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون، ناصر بوريطة أن خطاب جلالة الملك، الذي يؤسس لمرحلة غير مسبوقة، يأتي في إطار تحليل الواقع العربي الذي يتسم بمجموعة من النقط السوداء، لاسيما تلك المتعلقة بالعمل العربي المشترك مع ما يعرفه من تعثرات وضعف، مستحضرا في هذا السياق قرار المملكة المغربية إرجاء دورها لاحتضان القمة العربية على اعتبار أن هذا الضعف يثير العديد من التساؤلات.
وسجل أن تحليل الملك للواقع يحمل في طياته بصيصا من الأمل ويبرز تجارب ناجحة كتجربة المملكة من خلال مجموعة من الإصلاحات بقيادة جلالة الملك ومن خلال بلورة نموذج مجتمعي أعطى للمغرب نوعا من المصداقية والاستقرار والانفتاح السياسي والتطور الاقتصادي وأيضا نموذج مجلس دول التعاون الخليجي.
فالمغرب، يضيف الوزير، له شركاء تقليديون وتاريخيون يرتبط معهم بعلاقات قوية يلتزم بها، غير أن تطور وطموح المغرب والمغاربة جعلت من الضروري البحث عن شركاء جدد والانفتاح على مجالات سياسية جديدة، وهو ما قام به جلالة الملك في السنوات الأخيرة، ومن خلال زيارة جلالته للهند وروسيا والزيارة المرتقبة للصين، وهو أيضا منفتح على تطوير شراكاته مع إفريقيا ومع دول مجلس دول التعاون الخليجي المبنية على علاقات تاريخية.
ولاحظ أن تغيرا طرأ على دول الخليج وعلى المغرب وهو ما يفرض تطوير الشراكات حيث العواطف والأخوة العربية وحدهما غير كافيين، مؤكدا أن هناك قيما ومصالحا وتصورا للمستقبل ينبغي أن تأخذ إطارا جديدا.
وبخصوص مستجدات قضية الصحراء، أكد بوريطة أن هذه القضية كانت حاضرة بقوة في الخطاب الملكي في سياق التهديدات التي تحدق بالمغرب وبلدان الخليج ومواجهتها في إطار كتلة استراتيجية واحدة، مبرزا أن الجديد في هذا الملف هو كون دول مجلس التعاون تعتبر هذه القضية قضيتها.
وأكد أن جلالة الملك تحدث عن حرب بالوكالة وعن كون الأمم المتحدة مستعملة في إطار تهديد الوحدة الترابية من خلال محاولة الانزلاق بالمسلسل السياسي والرمي به نحو المجهول، مسجلا أن المغرب يتعامل في هذه المرحلة بطمأنينة لأنه واثق من حقوقه وجبهته الداخلية، وبحزم ويقظة لمواجهة أي مناورة.
من جانبه، أكد مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة أن خطاب جلالة الملك وضع خارطة طريق للمستقل ترتبط بالعمق الأسيوي، بعد الحديث عن البعدين الإفريقي والعربي، موضحا أن السياسية الخارجية للمغرب التي تنطلق من النموذج المغربي القوي تتقدم نحو تنويع الشركاء وبدء صفحة جديدة يتحرر فيها من الارتهان لشركاء محددين.
وبعدما سجل أن الخطاب وموقف دول مجلس التعاون الخليجي يحملان رسائل واضحة بخصوص العديد من القضايا، أكد أن الخطاب يقدم خلاصة لمرحلة انطلقت منذ 10 سنوات عندما رفعت بعض القوى العالمية الكبرى شعار “الفوضى الخلاقة” وما تمخض عنه من نتائج هي اليوم الخراب والدمار.
وفي هذا السياق، أبرز وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة أن جلالة الملك قال في هذا الخطاب التاريخي “بلغة واضحة كفى من الوصاية وإعطاء الدروس واتخاذ القرار مكاننا نحن من نمتلك القرار”.
وأضاف أن خطاب جلالة الملك فضح، من جهة أخرى، ازدواجية الخطاب ومناورات عدة أطراف تحاول المس بمصالح المغرب، مشيرا إلى المغرب تمكن من الانتصار في، مسلسل طويل، على مجموعة من المناورات التي استهدفت وحدته الترابية.
من جانبهم، أجمع المشاركون على أن الخطاب دعوة لبناء مستقبل جديد للمنطقة العربية انطلاقا من تجارب ناجحة لدول مستقرة وآمنة مثل دول الخليج والمغرب والأردن.
وأضافوا أن المغرب أسس لنوع جديد من العلاقات انطلاقا من تقديم تجربة تنموية متينة ومن تقوية جبهته الداخلية، ثم عبر ترصيد تجربته الإفريقية والانطلاق نحو العالم العربي.
وبعدما أبرزوا محاولات بعض المراكز الدولية الرامية إلى تقسيم دول الشرق الأوسط ومنطقة “مينا” حسب اعتبارات عرقية وإثنية بهدف زرع الفتنة والسطو على خيراتها، أكدوا أن الرؤية المغربية اليوم هي نسقية ومرتبطة بعدة عناصر وبنوع من المصلحة الاستراتيجية التي تجعل المغرب مرتبط بعدة دول يتقاسم معها بالأساس مقومات التاريخ والأمن ومواجهة خطر الإرهاب الذي يعصف بالمنطقة.