في المجتمعات العربية عامة، و في المجتمع المغربي خاصة، ينظر للمرأة ككيان جنسي فقط، بمعنى أن الذكر لا يعتبرها عقلا و فكرا و عاطفة.. يرى فيها الجنس و مشتقاته، يراها كقطعة لحم وجب افتراسها وكفى، كيف ذلك ؟
يعتبر المجتمع المرأة كائنا يسمى “عورة”، تصاحب هذه الكلمة مفردات كالستر و الحشمة و العفاف، مظهرا أكثر منه باطنا، شعرها عورة، جسدها عورة، وجهها عورة، صوتها عورة .. كما قال الدكتور عباس مكي ملخصا هذه الفكرة : (الحركية الحرة للجسم جنسيا أساس معنى العيب، وضبطها المقنن أساس معنى الشرف).
المرأة نفسها يتم تربيتها و زرع ذلك الموروث الثقافي فيها منذ الصغر لتقتنع تماما أنها فتنة يجب درأها بالنسبة للجنس الآخر، بالإضافة أنها تختزل كيانها فيما يسمى بغشاء البكارة، طبعا في غياب تربية جنسية تحرص منذ صغرها حرصا رهيبا ألا يتمزق الغشاء و إلا سيكون مآلها الضياع، ستفقد شيئا ثمينا إسمه الشرف، يكبر معها هذا المعنى للشرف، لتجد نفسها تلقائيا تركز على قدراتها الجسدية لتنال إعجاب الجنس الآخر، بمعنى آخر تهتم باستعراض تضاريسها الفيزيائية في غياب تام للاهتمام بالتضاريس الفكرية، و إن نجحت في الحصول على رجل أحلامها -بمواصفات تخضع لتربيتها المجتمعية- فهي تحاول أن تفعل الكثير شريطة ألا يتركها، و طبعا في إطار علاقة السيد و العبد .. تحاول أن توازن بين التزمت و الانفتاح، لأن الرجل العربي إذا أحسها متزمتة سينفرها و يبحث عن أخرى و إن شم رائحة الانفتاح سيصفها بالعاهرة .. لذا تعيش الأنثى حياتها في غيابات تناقض رهيب، هذا مرض من الأمراض الاجتماعية في العالم العربي.
تحليلا لشخصية الكائن العربي نجد أنه كائن مكبوت جنسيا سواء كان ذكرا أو أنثى، السبب الأول لشبه استحالة الصداقة بين الجنسين، أولا منذ الطفولة تتم عملية فصل الجنسين، في اللعب، في المدرسة، في النوم .. إذ سمعنا كثيرا “لا تلعبي مع الأولاد” .. “لا تنامي بجانب إخوانك الذكور” .. “لأنك فتاة”
الشيء الذي يرغم الأنثى أن تبني حدودا وهمية بينها و بين الجنس الآخر، لتعتبره هو الآخر من محظورات التقاليد و العادات .. و نفس الشيء بالنسبة للذكر.
هذا التمييز هو ذاك الشيء الذي يكبر فينا و يتحول إلى كبت، لذلك فعلاقة الصداقة بين الجنسين تفشل لاإراديا في غالب الأحيان -مهما كانت النية صادقة- لنأتي في الأخير و نقول “لاتوجد صداقة بين الجنسين”
لا يا صديقي يوجد كبت عظيم بداخلك .. توجد عقدة .. يوجد خلل !